الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:27 AM
الظهر 12:36 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:24 PM
العشاء 8:46 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

نبض الحياة.. رحل الجسد وبقي العطاء

الكاتب: عمر حلمي الغول

مناضل عنيد وصلب، تميز بالإقدام والشجاعة والمبادرة في حياته، امتزجت حياته بحب الأرض والوطن والشعب والثورة، وامتشق روح الفداء والبطولة، قضى قرابة ال40 عاما في سجون الاستعمار الإسرائيلي، وصلبته سلطات السجون ردحا من الزمن في الزنازين، ولقب نفسه رجل الكهف كونه امضى القسط الأكبر من مسيرته الكفاحية في باستيلات العدو الصهيوني، وتدرج في حقل العلم والدراسة الاكاديمية داخل اسوارها، حصل البكالورس ثم على الماجستير، وسعى للحصول على درجة الدكتوراه، لكن المرض حال دون ذلك، وتعاظم دوره الريادي السياسي والفكري في السجون حتى لقب بالمثقف والمفكر لنبوغه المعرفي وقدرته الإبداعية في استلهام ناصية الفلسفة والثقافة والابداع الادبي والفن التشكيلي.
ابن باقة الغربية حمل راية الوطنية الصادقة عندما التحق بصفوف الجبهة الشعبية في النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي دفاعا عن حقوق وحرية شعبه، وبعد تراجيدية مجزرة صبرا وشاتيلا السوداء عام 1982، وأُحضر الى سوريا حيث تم تدريبه في معسكر درعا التابع للشعبية حينذاك، واقام بعض الوقت في مخيم اليرموك وتنشق رائحة الياسمين الدمشقي، ثم عاد عبر قبرص ثانية للوطن، وفي اعقاب ذلك شكل خلية فدائية ضمن الذراع العسكري للجبهة، وتعاون مع كل من الشهيد إبراهيم الراعي ورشدي أبو مخ وإبراهيم بيادسة لمدة عامين قبل ان تكتشفهم المخابرات الإسرائيلية وتتهمه بالمشاركة في عملية بقتل الجندي الإسرائيلي موشي تمّام عام 1984، وفي 25 مارس 1986 حكم عليه بالإعدام، ثم خفف للمؤبد ب37 عاما، ولاحقا بعد اتهامه بتهريب هواتف نقالة تم إضافة سنتين سجن عليه، وبعد انقضاء مدة محكوميته رفضت سلطات السجون الإسرائيلية الافراج عنه، وطالب ما يسمى وزير "الامن الوطني" إيتمار بن غفير الحكم عليه بالإعدام، وحتى اول امس الاحد ال7 من ابريل عندما أعلن عن استشهاده اعرب زعيم "القوة اليهودية" الكهاني النازي " عن اسفه لإن حياة الأسير البطل وليد دقة انتهت بموت طبيعي.
أنتج الشهيد المبدع وليد دقة عددا من المؤلفات داخل اسوار الباستيلات الصهيونية منها "يوميات المقاومة في مخيم جنين" و"صهر الوعي أو إعادة تعريف التعذيب" و"الزمن الموازي" ورواية "حكاية سر الزيت" وهي جزء من ثلاثية لليافعين تضم مخطوطة "حكاية سر السيف" و"حكاية سر الطيف" وديوانا شعريا، وحاول ان يحكي تجربة الشهيد الاديب والقائد المبدع غسان كنفاني بالدخول الى عالم الفن التشكيلي، حيث ابدعت ريشته العديد من اللوحات الفنية. وكان دقة أحد المربين الأساسيين في جامعة السجون في سجن "هداريم" التي تمنح درجة الماجستير لأسرى الحرية.
وللشهيد الاديب والمفكر الانسان وليد، الذي انتقل الى عضوية حزب التجمع الوطني الديمقراطي لاحقا تجربة زواج فريدة، حيث تعرف الى الصحفية سناء سلامة المهتمة بقضية أسرى الحرية، عندما زارته لأول مرة عام 1996، ونتاج التواصل المستمر بينهما تطورت العلاقة الى الحب ثم الارتباط في 10 أغسطس 1996، بعد نضال مع سلطات السجون الإسرائيلية، حيث انتزع قرارا بالموافقة من إدارة السجن من اجل إقامة حفل زفافهما في السجن مع السماح لعائلتيهما وعدد من أسرى الحرية بالمشاركة، وتم التقاط الصور لهما. هذا الزواج الاستثنائي أثمر إنجاب الطفلة ميلاد عبر تهريب نطفة منه لرحم زوجته في 3 فبراير2020، التي تبلغ الان عمر ال4 سنوات، وهي طفلة مناضلة، ولدت من رحم النضال والبطولة لأسرة جبلت بروح الكفاح والعطاء والإصرار على البقاء والانتصار للحياة والسلام والحرية.
وليد دقة الذي أنهكه مرض السرطان الخبيث، ترجل يوم الاحد الماضي 7 ابريل عن مسرح الحياة، ولكن تجربة وعطاء وإنتاج الشهيد البطل والمثقف المبدع الفكري والمعرفي والادبي والسياسي باقية، وخالدة خلود التاريخ، حيث سطر الشهيد بتجربتة الفذة عبقرية التحدي وكسر قيد السجن والسجان القاتل النازي، والانتصار لإرادة الشعب والاستقلال وتقرير المصير والعودة.
لم يمت وليد دقة، مازال حيا ومتجذرا في خلود سيرورة الكفاح الوطني التحرري لشعب البطولات والتضحيات الجسام. نعم رحل وليد ومع طي حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة شهرها السادس، التي ادمت حياة الانسان الفلسطيني، وكأن رحيله ومغادرته مسرح الحياة كان حزنا وألما وغضبا وسخطا من البشرية التي لم ترتقي الى مستوى المسؤولية في انقاذ الطفولة والمرأة الفلسطينية من فظائع وويلات حرب الإبادة، وشاء ان يدون برحيله شهادة رفض للزمن المعاش، وبحثا عن الزمن الاتي، الزمن الموازي للنصر والحرية والسلام. وداعا وليد، وسلاما عليك يوم ولدت، ويوم رحلت، وستبقى خالدا ما بقي التاريخ والعطاء الإنساني قائما.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...