الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:12 AM
الظهر 12:36 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:33 PM
العشاء 8:59 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

استراتيجيات الرد المتوازنة: لعبة شد الحبل بين إيران وإسرائيل على وقع حرب غزة

الكاتب: فادي أبوبكر - كاتب وباحث فلسطيني

يشهد الشرق الأوسط منذ مطلع العام الحالي 2024 تصاعداً ملحوظاً في التوتر بين إيران وإسرائيل، تجلى بوضوح في الهجمات المتبادلة والتصريحات النارية بين الجانبين. إلا أن اللافت للنظر في هذه التطورات هو استخدام كلا الدولتين لاستراتيجيات "الرد المتوازنة"، والتي تهدف إلى تحقيق التوازن بين التهديد والاستجابة دون الانزلاق إلى حرب شاملة.

في ظل التحديات الجيوسياسية المستمرة في الشرق الأوسط، تظهر استراتيجيات الرد المتوازن كأداة فعالة للدول لتحقيق التوازن الإقليمي والتصدي للتحديات بطريقة فعّالة. يُعتبر مفهوم "الرد في التوقيت المناسب" جزءاً من هذه الاستراتيجيات، سواء على الصعيد العسكري أو السياسي، حيث تُظهر الدول قدرتها على الرد بحزم وفوراً دون التصعيد غير المرغوب فيه.

من الجانب العسكري، تُستخدم استراتيجية الرد المتوازن كجزء من استراتيجية الردع، حيث يتم تحذير الخصوم من الاستفزازات بتهديد برد قوي وفوري في الوقت المناسب. يمكن أن يتضمن هذا الرد عمليات عسكرية محددة، إضافةً إلى استخدام وسائل أخرى مثل العقوبات الاقتصادية أو الدبلوماسية.

من الناحية السياسية، يمكن استخدام "الرد في التوقيت المناسب" كأداة دبلوماسية للتعبير عن الاستجابة للتحديات بشكل مناسب دون التصعيد غير المرغوب فيه. يشمل ذلك إصدار تحذيرات أو إشارات غامضة تبين قدرة الدولة على الرد، دون الكشف عن الخطط الفعلية.

في هذا السياق، جاء الهجوم الإيراني الأول على إسرائيل يوم 13 نيسان/ أبريل 2024، في إطار ما أُطلق عليه "الوعد الصادق"، كرد مباشر ومحسوب على استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق وقتل عدد من القادة العسكريين الإيرانيين في الأول من نيسان/أبريل 2024. وطالما أن  الخسائر الإسرائيلية تكاد لا تذكر، فإن هذا الرد يعكس التوافق الإيراني الإسرائيلي على التحكم في مستويات التصعيد، مما يؤكد على استخدام الاستراتيجية كجزء من التوازن بين التهديد والاستجابة.

تظهر تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والإيرانيين، مثل تصريحات بيني غانتس وقيادات الحرس الثوري الإيراني، استخدام هذه الاستراتيجية كجزء من التوازن بين التهديد والاستجابة، وتأكيد على القدرة على الرد في الوقت المناسب دون التصعيد إلى مستويات أخطر.

يأتي الهجوم الإيراني الأول والمصحوب بهالة اعلامية كبيرة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من نصف عام حتى تاريخه، سادها تساؤلات وجدالات حول دور إيران إزاء ما يجري من حرب إبادة إسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في إطار سعى النظام الإيراني إلى ترسيخ شرعيته كزعيم لما يسمى بـ "محور المقاومة"، وتجاوز عقدة عدوها اللدود الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الذي ضرب نظامه عدداً من الأهداف في قلب الكيان الإسرائيلي بالصواريخ قبل أكثر من ثلاثين عاماً.

من جهتها، تسعى إسرائيل للاستفادة من هذا الرد الإيراني لتخفيف الضغوط الدولية عليها في ظل الانتقادات المتزايدة لحربها تجاه قطاع غزة، إذ تحاول إسرائيل توجيه الانتباه الدولي نحو التهديد الإيراني، وإظهار حربها كجزء من مواجهة تهديد أكبر تمثله إيران، لتحقيق التعايش الدولي مع ما يجري في غزة، وتأمين مسار لاستمرار العدوان دون عقبات.

وفي سياق أوسع، يُجسّد إعلان الاتحاد الأوروبي في 18 نيسان/ أبريل 2023 فرض عقوبات على إيران تستهدف شركات تنتج طائرات مسيّرة وصواريخ، رؤية إسرائيل التي تصوّر إيران كتهديد عالمي، مما يعزز دور إسرائيل كحليف استراتيجي للغرب في المنطقة.

وختاماً، فإنه لا يمكن المراهنة على دور فاعل ومؤثّر لإيران في الترتيبات المستقبلية لقطاع غزة، وستتعامل إيران مع القضية من وجهة نظر واقعية وليس أيديولوجية، خاصة وأن شركاء إيران الاستراتيجيين في موسكو وبكين لم يعلنوا عن دعمهم الكامل لحماس، واكتفوا بدعوات لوقف الحرب والإبادة الجماعية، من دون الشروع في تحرّكات سياسية نشطة تعكس ثقل وحجم تأثير البلدين العملاقين. ما يعني وجوباً عودة أنشط للولايات المتحدة إلى المنطقة، لا استمراراً لانحسار دور واشنطن وتأثيرها كما اعتقد البعض، من دون أن يعني ذلك، تقليص الحضور الروسي أو الصيني المتزايد أيضاً في المنطقة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...