الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:11 AM
الظهر 12:36 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:33 PM
العشاء 9:00 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

ترامب في المنطقة... صفقات ضخمة وخلافات محسوبة

الكاتب: هاني المصري

تكتسب زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المنطقة العربية أهمية كبيرة، لأنها أوّل زيارة خارجية له بعد إعادة انتخابه، ولطبيعة الملفّات التي ستُبحث خلالها. وتشمل هذه الملفّات العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وكلّ من السعودية والإمارات وقطر، وتوسيع "الاتفاقات الإبراهيمية" ومناقشة الإبادة الجارية في غزّة، ومستقبل القضية الفلسطينية. ورغم أنه لم يتّضح بعد ما إذا كان ترامب سيطرح تصوّراً شاملاً لمستقبل الشرق الأوسط، خاصّة في ظلّ الحروب الدائرة وحالة عدم الاستقرار، والجهود الجارية بشأن الملفّ النووي الإيراني، وتموضع النظام السوري، ومستقبل لبنان بعد مرحلة "وحدة الساحات"، والضربات التي استهدفت "محور الممانعة"، إلا أن ما يبدو واضحاً أن الزيارة ستُركّز في عقد صفقات اقتصادية كبرى مع البلدان الثلاثة، بقيمة تريليونات الدولارات، تشمل إقامة مفاعل نووي سلمي، وصفقات دفاعية وأمنية، وأسواق طاقة وتكنولوجيا، وشراء أسلحة وسندات وسلع أميركية.

أفضل السيناريوهات المطروحة فلسطينياً سيئة، في ظلّ غياب رؤية شاملة جديدة تجمع بين الواقعية والطموح، وتبتعد من الرؤى المعتمدة سابقاً

كما يُقال: "السياسة اقتصاد مكثّف"، فإن دول الخليج، وفي مقدمها السعودية، لن تقبل بعطاء من دون مقابل. فهي تسعى إلى دور قيادي إقليمي، خاصّة في ظلّ الطلب الأميركي منها تقليص علاقاتها المتنامية مع الصين. وتتمثّل مطالب الرياض في وقف الإبادة الجماعية في غزّة، لتحقيق الاستقرار اللازم لتحقيق طموحاتها الإقليمية، إلى جانب الحفاظ على أفق سياسي مفتوح لإقامة دولة فلسطينية، من دون إثارة غضب ترامب. الأكثر أهميةً ألا تكون السعودية، وبقية الدول العربية، مجرّد متلقٍّ سلبي للقرارات الأميركية، بل فاعل مؤثر في صياغة السياسات وتنفيذها، مستخدمةً أوراق القوة التي تملكها للدفاع عن مصالحها، وعن القضية الفلسطينية المعرّضة للتصفية، فترامب، رغم إيمانه بالصفقات، لن يتجاهل تلك المطالب إن أدرك أنها مفتاح لإتمام صفقاته.
سادت في الأيام الماضية أجواء إعلامية تتحدّث عن خلافاتٍ بين ترامب ونتنياهو، وصلت إلى حدّ الحديث عن فرض ترامب تصوّراً لوقف الحرب في غزّة يتضمّن انسحاباً إسرائيلياً، وربّما قبولاً ببقاء حركة حماس في قطاع غزّة ضمن شروط معينة، غير أن الناطقة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، نفت ذلك، مؤكّدةً أن العلاقة قوية، وأن ترامب لن يعترف بدولة فلسطينية تحت أي ظرف. وقد كرّر ذلك كلٌّ من نتنياهو والسفير الأميركي في إسرائيل. مع ذلك، ظهرت مؤشّرات على لقاءات بين "حماس" والإدارة الأميركية في الدوحة وتركيا، انتهت إلى اتفاق لإطلاق سراح الجندي المزدوج الجنسيتين، الأميركية والإسرائيلية، عيدان إسكندر، مقابل مساعدات إنسانية، ويمكن أن يقود إلى اتفاقٍ حول هدنة جزئية وفق اقتراح ستيف ويتكوف يفتح الطريق للتفاوض على اتفاق شامل يتضمّن هدنةً طويلة الأمد تراقبها دول صديقة لإسرائيل، تتضمّن نزع سلاح "حماس" ومنع التسلّح وبناء الأنفاق، مقابل دمجها حزباً سياسياً.
لا ينفي النفي الأميركي والإسرائيلي بالضرورة وجود خلافات حقيقية، فالبيت الأبيض يفكّر بمنطق الاستراتيجية العالمية، فيما حكومة نتنياهو محكومة بالبقاء السياسي والخوف من المحاسبة. هذه الحسابات المختلفة أدخلت وقد تُدخل الطرفين مجدّداً في تباين، خصوصاً في ظلّ تطرّف الحكومة الإسرائيلية الذي يهدّد الاستقرار الإقليمي الذي يحتاجه ترامب لنجاح صفقاته وتحقيق شعاره "أميركا أولاً". ورغم أن ترامب داعم قوي لإسرائيل، فإن له أسلوباً مختلفاً عن أسلافه؛ إذ لا يخضع للدولة العميقة، ويملك دعماً جمهورياً واسعاً، ولا يحتاج للوبيات الإسرائيلية بالدرجة نفسها، كما أنّ أهمية إسرائيل في الاستراتيجية الأميركية تراجعت في ظلّ حسم الهيمنة الأميركية على المنطقة بعد تغييرات سياسية كبيرة في دول عربية كانت مناوئة.

يفكر البيت الأبيض بمنطق الاستراتيجية العالمية، فيما حكومة نتنياهو محكومة بالبقاء السياسي والخوف من المحاسبة

قد لا يطرح ترامب تسوية شاملة في زيارته، بل الأرجح أن يكتفي برؤية عامّة للمنطقة، وسيطرح صفقة إنسانية جزئية (مبنية على مقترح ويتكوف)، تضمن إطلاق أسرى، وإدخال مساعدات، تمهيداً لمفاوضات بشأن وقف الحرب والانسحاب والإعمار وتحديد مستقبل قطاع غزّة.
وقد ابلغت الرياض، بحسب تقارير ومصادر متطابقة، واشنطن أنها لا ترغب في إدراج ملفّ التطبيع ضمن أجندة زيارة ترامب الحالية، لأنها متمسّكة بإقامة دولة فلسطينية، وهذا غير متاح في ظلّ حكومة نتنياهو، التي ترفض حتى مجرّد الحديث عن مسار سياسي يؤدّي إلى "الدولة". وتفضل التركيز في وقف العدوان، والتحضير لليوم التالي ما بعد الحرب، وهو ما يتطلّب، حتى ينجح، تغيير الحكومة الإسرائيلية المحكومة بمصالحها الخاصّة، وتجديد السلطة الفلسطينية لتكون "أكثر كفاءةً"، وقادرةً على تنفيذ مطالب تتعلّق بصيغة جديدة لحكم قطاع غزّة، ومع تمديد الحكم الذاتي في أراضٍ محدّدة بما لا يمنع ضمّ مساحاتٍ من الضفة الغربية، مقابل وعد غامض بإقامة دولة في المستقبل.
بناءً على ما سبق، لا يبدو مستقبل القضية الفلسطينية في المدى القريب مبشّراً. وأفضل السيناريوهات المطروحة سيئ، في غياب رؤية فلسطينية شاملة جديدة تجمع بين الواقعية والطموح، وتبتعد من الرؤى المعتمدة سابقاً، رؤية تعتمد سياسة الإمعان بالواقعية من دون حلم ولا خيال، ورؤية تعتمد سياسة الإمعان في الخيال بعيداً من الواقع، فيكمن الحلّ في بلورة استراتيجياتٍ جديدةٍ تتجاوز أخطاء الماضي، وتكون قادرةً على إحداث تغيير عميق، وتوحيد الفلسطينيين على أساس يجمع ما بين التعدّدية على أساس برنامج القواسم المشتركة، بما يحقّق الأهداف الوطنية ضمن مسار طويل الأمد، تتحدّد معالمه ومتطلّباته بوضوح منذ البداية، وحتى النهاية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...