الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 3:58 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:17 PM
المغرب 7:45 PM
العشاء 9:15 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

مؤسسة غزة ولدت ميتة

الكاتب: عمر حلمي الغول

نبض الحياة
لم تتوقف الولايات المتحدة الاميركية على مدار تاريخ وجودها عن دس انفها الاستعمارية والتآمرية على الوطن العربي عموما وفلسطين خصوصا، وتعمقت جرائم تدخلها في الصراع العربي الصهيوني لصالح ربيبتها واداتها الحركة الصهيونية وقاعدتها المادية دولة إسرائيل اللقيطة قبل نكبة العام 1948 واثناءها وبعدها، وبعد هزيمة حزيران / يونيو 1967 وسيطرة إسرائيل اللقيطة على فلسطين التاريخية كلها، بالإضافة لسيناء المصرية والجولان السورية، ومازالت حتى يوم الدنيا هذا تقود بشكل مباشر الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني بعد 7 تشرين اول / أكتوبر 2023، وسعت بشكل حثيث لتصفية القضية والمشروع الوطني الفلسطيني، من خلال فرض التهجير القسري لأبناء فلسطين من قطاع غزة خصوصا والوطن عموما، والجمع بين أساليب الإبادة والتهجير القسري العنفية والناعمة، ولم تخف ذلك، أو تتردد في الإعلان عنه على الملأ من قبل الادارتين الحالية والسابقة وتحت مسميات وعنوانين مختلفة.
ورغم فشلها في مشاريع عدة لتحقيق تلك الأهداف مع دولة إسرائيل النازية، ومنها مشروع الميناء البحري، الذي أعلن عنه الرئيس جو بايدن في 7 اذار / مارس 204، وشرع العمل به في 17 أيار / مايو2024، الا ان المشروع فشل، وتم تفكيك الرصيف المائي؛ وأعقب ذلك الاستعانة بالشركات الأمنية الخاصة مثل "بلاك ووتر" في إدارة العمليات اللوجستية داخل مناطق الحرب في شمال القطاع، وتحديدا مرافقة قوافل المساعدات الغذائية والطبية، بذريعة منع سيطرة حركة حماس عليها وفشلت، نتاج ما اثير حولها من الأسئلة المتعلقة بتكاليفها الباهظة والتي تقدر بنحو مليار شيكل سنويا، وبغياب الضوابط الأخلاقية والقانونية لهذه الشركات، ومن يقف خلفها وأهدافها العسكرية والأمنية، التي لا علاقة لها بالبعد الإنساني، ووجه هذا التوجه بانتقادات حادة في إسرائيل نفسها، كون هذه الشركات لا تتقيد بأية ضوابط عسكرية، بل تحركها حساباتها الخاصة وارباحها، وانعكس وجودها بارتدادات لم تخدم الأهداف الإسرائيلية الأميركية.  
وأخيرا طرح ما يسمى برنامج المساعدات الأميركي، المعروف باسم "صندوق غزة الإنساني"، الذي طرحه السفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكابي في 9 أيار / مايو الحالي، والذي قبل ان يبدأ دخل في مرحلة الجمود نتيجة حملة الانتقادات والاعتراضات الواسعة ضده من قبل منظمات الإغاثة الدولية، وخاصة من الأمم المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، ورفضت من حيث المبدأ التعاون معه، مما أرغم حكومة نتنياهو تجميده مؤقتا، وعادت لتفعيله أول أمس الاثنين 26 مايو الحالي مع افتتاح اول نقاط التوزيع الأربع.
ورغم ذلك، فإن "مؤسسة غزة الإنسانية" اسوة بالمشاريع السابقة الأميركية الإسرائيلية لن تستمر، وستفشل لأكثر من سبب، منها: أولا الرفض الوطني الرسمي والشعبي الفلسطيني للتعاون معها؛ ثانيا رفض المنظمات الأممية ومؤسسات الإغاثة الإنسانية والدول الأوروبية التعامل معه؛ ثالثا الشركات الوهمية التي انشأتها إسرائيل قبل شهور قليلة بالتعاون مع الادارة الأميركية، التي أكدها يئير لبيد زعيم المعارضة الإسرائيلية، وكذلك الدول الأوروبية التي شككت في خلفياتها الأمنية العسكرية؛ رابعا لأنها مشروع سياسي أمني بامتياز، لا علاقة له بتأمين الاغاثية الإنسانية، بل يهدف الى تهجير السكان الفلسطينيين بأسلوب ناعم، عبر تهيئة وخلق ظروف السيطرة والتهجير على حد سواء، وإعادة هيكلة السكان الفلسطينيين في القطاع وفق الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الأميركية.
كما ان دولة الإبادة الإسرائيلية لم تأخذ بعين الاعتبار البعد الاغاثي الإنساني انطلاقا من الرضوخ للضغوط الدولية، أو استجابة للقوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني، انما كونها أحد أدوات الاستراتيجية السياسية العسكرية الصهيو أميركية ومن تابع الحصار الشامل على سكان القطاع منذ النصف الثاني من اذار / مارس الماضي، وبعد نحو 3 أشهر سمحت بإدخال مساعدات محدودة جدا لا تسمن ولا تغني من جوع وبضوابط امنية مشددة، أماط اللثام بشكل عميق عن كيفية تحويل الإغاثة الى فرض السيطرة على السكان.
وحصر المؤسسة مراكز التوزيع المحدودة ال4، ومركزتها في الجنوب، تدار من قبل ميليشيات محلية مسلحة تتبع لسيطرة الجيش الإسرائيلي، هدف الى ربط الإغاثة بالبعد الأمني، مما كشف عن خلفيات المؤسسة والقائمين عليها الهادفة لتحقيق هدف التهجير القسري على السكان، وهذا ما عكسه تصريح توم فليتشر، منسق المساعدات الاممي، الذي أشار الى ان المؤسسة بمثابة "ورقة توت" للتغطية على مشروع التهجير القسري، واتهمها باستخدام المجاعة كورقة مساومة سياسية رخيصة.
وفي السياق، أصدرت عائلة الحزندار الفلسطينية يوم أو أمس الاثنين بيانا، أعلنت فيه براءتها من المدعو "محمد محسن الحزندار"، لأنه ربط نفسه ضمن طاقم هندسي يعمل مع شركة أميركية مشاركة في المخطط اللا انساني، الذي يهدف الى احكام الحصار، وتعميق معاناة أهلنا في القطاع من خلال "هندسة التجويع" و"تجريد المدنيين من أدنى مقومات الحياة والكرامة." كما ان اتحاد المقاولين الفلسطينيين / غزة أصدر بيانا يوم الاحد 25 مايو الحالي، شجب واستنكر تورط عدد من شركات مقاولات فلسطينية في العمل ضمن الالية الأميركية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات الإنسانية في القطاع، وأكد ان هذه الشركات لا تمثل سوى نفسها، ولا تعبر عن اخلاقيات ومواقف مجتمع المقاولين الفلسطينيين الذين قدموا عبر السنوات ارواحهم ومواردهم في سبيل صمود شعبهم، إن الركض وراء المال المغمس بدماء وأوجاع أبناء شعبنا، والتعامل مع مشاريع تفتقر الى أي بعد أخلاقي أو وطني، يشكل وصمة عار لا يمكن القبول بها.
في ضوء ما تقدم فإن ما يسمى "مؤسسة غزة الانسانية" لن تتمكن من تحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية الأميركية، وأجزم انها ولدت ميتة. لأنها مؤسسة أمنية سياسية مفضوحة، وتستهدف تحقيق أكثر من هدف، إضافة للتهجير القسري، وإعادة هيكلة السكان في القطاع، وسلخهم عن واقعهم الوطني، تهدف أيضا الى تصفية دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" ومنظمات الإغاثة الإنسانية الدولية المعتمدة لتوزيع المساعدات الإنسانية على السكان في القطاع.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...