الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 3:55 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:18 PM
المغرب 7:48 PM
العشاء 9:20 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الموظف بين نار القروض وصمت الحكومة: آن أوان العدالة في صرف الرواتب والمستحقات

الكاتب: بسام زكارنة

في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل والحصار المالي الخانق أعلنت الحكومة الفلسطينية عن صرف 35% فقط من رواتب الموظفين العموميين في وقت تتزامن فيه التزامات العيد وأقساط الجامعات ومدفوعات القروض والشيكات المؤجلة و الموظف المدني و العسكري قبل ذلك و صمد و استمر في تقديم الخدمات منذ بداية الأزمة حتى اليوم إدراكاً منه ان الهدف منه منع اقامة الدولة .

لكن خلف هذه النسبة الصامتة هناك أزمة إنسانية ووطنية خطيرة تتفاقم بصمت بينما الموظف الفلسطيني يدفع الثمن مرتين: مرة بصبره ومرة بفوائده البنكية والغرامات القانونية دون أن يُنظر إليه بوصفه خط الدفاع الأول عن مؤسسات الدولة.

أولاً : الراتب المتآكل والمستحقات المهدورة

منذ أكثر من 6 سنوات يعاني الموظف العمومي في فلسطين من سياسة الرواتب المجزأة حيث لا تُصرف الرواتب كاملة ولا في موعدها وقد تراكمت على إثر ذلك مستحقات ضخمة دون جدول زمني واضح للسداد مما حول الموظف إلى دائن للدولة.

وما يزيد الألم أن الحكومة رغم معرفتها بمعاناة الموظف تصرف جزءاً من راتبه دون الاعتراف بكلفة التأخير أو تعويض الأضرار. يُترك الموظف وحيداً في مواجهة الأقساط والغرامات والتهديدات وكأن راتبه يصله كاملاً وفي موعده ، الموظف يقدر و يقف مع الحكومة في مواجهة استهدافها بينما تكتفي وزارة المالية بالقول: “هذا ما لدينا… دبر حالك” و تدير ظهرها للموظف .

ثانيًا: القرض الحسن الإجباري… دون فوائد

في الوقت الذي يُجبر فيه الموظف على الاقتراض لسد النقص في الراتب يحمّله البنك فوائد مرتفعة وغرامات تأخير وتأمينات إضافية في المقابل لا تتحمل الحكومة أي التزام تجاه الضرر المالي الذي لحق بالموظف نتيجة عدم انتظام صرف الرواتب.

الحكومة عملياً تأخذ من الموظف قرضاً حسناً دون فائدة بل ودون اعتراف رسمي حتى اليوم بأن هناك حقوقاً مهدورة على شكل فوائد دفعها الموظف للبنوك نيابة عنها.

تشير تقديرات رسمية إلى أن:
• متوسط المستحقات لكل موظف يتجاوز 30,000 شيكل.
• مجموع الفوائد التي دفعها الموظفون للبنوك منذ 2017 تتجاوز 250 مليون شيكل.
• هذه الفوائد يجب أن تُعتبر ديناً على الحكومة وتُضاف إلى مستحقات الموظف المتراكمة.


ثالثاً : أين موقف الحكومة؟

رغم إعلان وزارة المالية عن نسبة صرف الرواتب واعترافها بوجود مستحقات إلا أن هناك صمتاً غير مبرر عن الضرر الأكبر:
    •    لا اعتراف بأن الفوائد التي دفعها الموظف هي حق مشروع يجب تعويضه.
    •    لا تعليمات للبنوك بتحديد فائدة دنيا إنسانية مخصصة للموظفين الحكوميين.
    •    لا أوامر رسمية للجامعات وشركات الكهرباء والمياه والتجار بتجميد الديون أو خصمها من المستحقات.
    •    تستمر الحكومة في تحصيل رسوم الترخيص والمحاكم والمخالفات من الموظف دون خصمها من مستحقاته التي لم تُدفع أصلاً و إذا تأخر ممكن ان يعتقل او يقدم للمحاكمة .


رابعاً : الموظف المتعثر يتحول إلى “مُدان”

في مشهد مقلق نجد موظفين يُقدمون للمحاكمة بسبب شيكات مرتجعة أو أقساط غير مدفوعة وكأنهم متخلفون عن السداد بإرادتهم بينما الحقيقة أنهم عاجزون لأن الحكومة لم تلتزم بصرف رواتبهم.

من غير المقبول أن يوصف الموظف بأنه محتال أو متهرب مالي وهو ضحية لخلل مالي تتحمله الدولة.
بل من الواجب على وزارة العدل أن تتدخل رسمياً للدفاع عن هؤلاء الموظفين باعتبارهم ضحايا نظام وليس مجرمين.

خامساً : غزة… موظفون في قلب الإبادة بحاجة إلى إنصاف حقيقي

في قطاع غزة حيث يخوض الشعب الفلسطيني معركة صمود وجودية في وجه حرب إبادة صهيونية شاملة يتلقى أكثر من 40,000 موظف رواتب منقوصة منذ سنوات ، هؤلاء لم يُحالوا إلى التقاعد ولم ينقطعوا عن أداء واجباتهم في المشافي و غيرها لكنهم حُرموا من أبسط حقوقهم: الراتب الكامل والمستحق ، في ظل دمار شبه كامل للبنية التحتية وانهيار الاقتصاد وغياب أي بدائل للرزق فإن الموظف في غزة لا يملك خيارات النجاة المتاحة جزئياً  في الضفة بل يعيش في ظروف قاهرة ومستحيلة بكل المقاييس ، المطلوب اليوم ليس مساواتهم بموظفي الضفة بل معاملتهم بشكل أفضل احتراماً لتضحياتهم وصمودهم في وجه آلة القتل والحصار.

كما نطالب بـ:
•صرف كامل رواتبهم ومستحقاتهم دون تأخير.
• تخصيص برامج إنصاف وتعويض عاجل.
• فتح باب التعيينات الجديدة في غزة لدعم صمودها وخلق فرص جديدة لشبابها المحاصر و على العرب و العالم دعم ذلك لان غزة تحرق و تموت مع إدراكنا ان غزة تطلب اولا وقف حرب الابادة .


سادساً : اقتراحات عملية عاجلة
1.    اعتراف رسمي من الحكومة بأن الفوائد التي دفعها الموظف هي حقوق تُضاف إلى المستحقات.
2.    إلزام البنوك بنسبة فائدة دنيا للموظفين الحكوميين لا تزيد عن 2%.
3.    إصدار تعليمات إلى الجامعات شركات الكهرباء والمياه، التجار، والجهات الرسمية بتجميد الديون وخصمها من المستحقات.
 4.    إعفاء الموظف من دفع رسوم الترخيص والمخالفات وخصمها تلقائياً من مستحقاته.
 5.    تشكيل وحدة قانونية في وزارة العدل للدفاع عن الموظفين المتعثرين أمام القضاء.
 6.    إنشاء صندوق وطني لتعويض الموظفين في حال توفر الدعم أو الفائض المالي.
7.    خطة واضحة لصرف كامل رواتب غزة ومستحقاتهم وتوسيع التوظيف فيها.

سابعاً : من أجل فلسطين.. لكن بعدالة

إذا كانت إقامة الدولة أو التحرير يكون بعدم دفع الفوائد والمستحقات للموظف فإن الموظف يعلن بصراحة:

“نحن من أجل استقلال فلسطين نضحي بكل رواتبنا”.
لكن الحقيقة أن الدولة لا تقوم إلا على العدالة والعدالة تبدأ من الموظف الذي يحمي مؤسساتها ويبني بنيانها ويقف خط دفاعها الأول.

لا تنهض الأوطان على أكتاف موظف مُنهك

لا نُلقي اللوم على الحكومة فالجميع يعلم أن هذه سياسة إسرائيلية منظمة تهدف إلى إسقاط السلطة وتعجيزها مالياً وشلّها مؤسسياً لكن ما نطلبه هو الشعور بالعدالة: أن تعترف الحكومة بالضرر و أن تدافع عن موظفيها و أن تعترف بحقوقهم صراحة وأن تعد بسدادها عندما تتوفر الإمكانيات.

الموظف ليس عبئاً… بل هو عمود الخيمة وجدار الصمود الأخير ومن واجب الدولة أن لا تكتفي بالقول: “لا نملك المال” بل أن تقول: “نعترف بحقوقكم وسنفي بها عند أول فرصة… لأنكم تستحقون”.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...