الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 3:54 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:18 PM
المغرب 7:50 PM
العشاء 9:22 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

في جنيف، لوّحت بالكوفية ورفعت شارة النصر... 

الكاتب: رامي مهداوي

لم تكن مشاركتي في مؤتمر منظمة العمل الدولية مجرد تمثيل رسمي ضمن الوفد الفلسطيني، بل تجربة نضالية، إنسانية ووطنية، ستظل محفورة في ذاكرتي. ففي هذا المحفل العالمي، حملنا فلسطين على أكتافنا – حكومةً، ونقابات، وأصحاب عمل – وعملنا بروح وطنية عالية ومسؤولية تاريخية لتحقيق هدف سياسي ونقابي وأخلاقي: الحصول على صفة عضو مراقب في منظمة العمل الدولية.

لقد جاءت هذه الخطوة كثمرة نضال تراكمي، انطلقت رؤيته من فخامة الرئيس محمود عباس، الذي يرى في العمل الدبلوماسي وسيلة استراتيجية لتعزيز الحضور الفلسطيني في المنظمات الدولية، وتثبيت حقوق شعبنا في كل المحافل. تحت هذه الرؤية، وبتوجيهات واضحة، تحركت الجهود بتنسيق متناغم بين كافة الشركاء.

وكان للدكتورة إيناس العطاري، وزيرة العمل، دور قيادي لافت في إدارة هذا الملف بكل حنكة وكفاءة. فقد قادت التحضيرات المسبقة بدقة، ووضعت مع الفريق الفلسطيني خطة عمل واضحة ومتكاملة لتحشيد الدعم. تشرفت بالعمل معها على الصعيد الدولي، وشهدت عن قرب كيف كانت تمثّل فلسطين بصوت نسائي قوي، وبلغة تجمع بين الصرامة الدبلوماسية والرؤية الحقوقية. تواصلت بفعالية مع وزراء العمل من مختلف دول العالم، ومع ممثلي النقابات، مستخدمة أدوات الدبلوماسية العامة بذكاء واحتراف. أدارت الحوارات، وبنت التفاهمات، وأوصلت صوت العامل الفلسطيني إلى منابر لم تكن مفتوحة لنا من قبل. لقد كانت تجسيدًا لصوت المرأة الفلسطينية الواعية والقيادية في أرقى محافل العمل الدولي.

ولا يمكن إغفال الحضور الوطني والدبلوماسي الراقي لسعادة السفير  إبراهيم خريشة، الذي تصدّى ببسالة للضغوط السياسية، خاصة الموقف الأميركي السلبي الذي حاول عرقلة التصويت. وكان رده الحاسم والواضح على ممثل الولايات المتحدة داخل الجلسة بمثابة صرخة فلسطينية مدوية: نحن هنا، ولن نغادر الساحة.

وبموازاة ذلك، كانت شبكة العلاقات النقابية التي نسجها الأخ شاهر سعد، الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، تلعب دورًا محوريًا في حشد الدعم والتأييد من قبل الاتحادات العربية والدولية. تحرّك بثقة ومعرفة، واستثمر سنوات من النضال النقابي في دعم هذا المسار التاريخي.

أما ممثلو أصحاب العمل الفلسطينيين، فقد كانوا شركاء حقيقيين في هذا الإنجاز، دعموا الموقف الفلسطيني بروح التوافق الثلاثي، وعكسوا صورة مشرّفة عن وحدة الصف الفلسطيني حين يتعلق الأمر بحقوق وطنية جامعة.

وفي الكواليس، لم يكن التصويت مجرد إجراء بروتوكولي، بل كان ساحة صراع دبلوماسي، تجلّت فيه تناقضات المواقف الدولية، وبرزت فيه المساومات والضغوط. ومع ذلك، انتصرنا بفضل تماسك الوفد، وحكمة القيادة، وقوة حجتنا الأخلاقية والحقوقية.

لحظة إعلان التصويت كانت لحظة لن أنساها ما حييت. حين سُمِعت النتيجة التي جاءت باكتساح لصالح فلسطين، غمرتني مشاعر الفخر والفرح والانتماء. لم أتمالك نفسي، فلوّحت بالكوفية الفلسطينية، ورفعت يدي بشعار النصر، وشعرت أنّ دموع الكثير من شهدائنا وأحلام عمالنا لم تذهب سدى.

منظمة العمل الدولية، بتاريخها الطويل في صياغة الاتفاقيات والتوصيات، كانت دومًا ميدانًا للنضال الحقوقي. واليوم، أصبحت فلسطين جزءًا من هذا الميدان، ليس فقط بالحضور، بل بالتأثير. إنها بداية مسار جديد، يُعيد وضع قضايانا – وخصوصًا معاناة عمالنا في غزة والضفة – ضمن السياسات والاستراتيجيات الأممية.

نحن لا نناضل فقط من أجل كرامة العمل، بل من أجل كرامة الإنسان الفلسطيني. هذا ما قاله اغلب الوفود الرسمية في المنظمة، وهذا ما نؤمن به. وما تحقق اليوم، هو خطوة أولى، وستتبعها خطوات أوسع نحو تمثيل حقيقي لصوت العامل الفلسطيني تحت الاحتلال، في كل منصة أممية.

ألف مبروك يا فلسطين... رفعتِ الرأس في جنيف، ورفرفَتْ كوفيتنا في وجه العالم.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...