الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 3:54 AM
الظهر 12:39 PM
العصر 4:19 PM
المغرب 7:51 PM
العشاء 9:24 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

رهانات حماس الخاطئة بشأن علاقة واشنطن وتل أبيب

الكاتب: باسم برهوم

هناك فارق كبير بين التعاطي مع واقع، وفحص الفرص فيه مهما كانت ضئيلة، وبين الرهان على تغيير واقع من الصعب تغييره والمثال الأبرز هو الرهان على تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، ولعل الفيتو الأميركي الأخير في مجلس الأمن، 14 دولة تصوت لصالح قرار بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وحدها الولايات المتحدة صوتت بالسلب، هو أفضل دليل على أن هذه الرهانات خاطئة، أقله في المدى المنظور.

المشكلة في هذا الأمر أننا في كثير من الأحيان لا نتعلم من تجاربنا. فقبل نكبة العام 1948 أهدرت قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية التقليدية الكثير من الوقت وبذلت جهدا، وأرسلت الوفود إلى لندن، وهي تراهن على إمكانية أن تتخلى بريطانيا عن وعد بلفور، أو أن تتراجع عن صك الانتداب، بما فيه من تبني كامل للمشروع الصهيوني، أضاعت تلك القيادة عقدا ونصف العقد من عمر الانتداب وهي تداهن الحكومة البريطانية على أمل أن يستفيق الضمير البريطاني ووصلنا النكبة من دون أن نستفيق، كنا نفعل ذلك في الوقت الذي كان فيه المشروع الصهيوني ينمو ويتطور، أن يكرر الشعب الفلسطيني الأخطاء نفسها عشرات المرات، فهذا بحد ذاته يحتاج إلى وقفة.

والغريب في الأمر أن الولايات المتحدة الأميركية لا تخفي مواقفها، وهي تعلن بدون أي مواربة دعمها المطلق لإسرائيل. وهذا الدعم لا ينحصر بحزب أو بإدارة، وإنما هو دعم الدولة الأميركية للدولة اليهودية، صحيح هناك فوارق طفيفة بين إدارة وأخرى، وهناك خلافات قد تنشأ بين رئيس أميركي ورئيس وزراء إسرائيلي، ولكن الجوهر واحد، وما لم يحصل التغيير في إسرائيل نفسها. كما حصل في لحظة تاريخية نادرة، عندما وقعت حكومة رابين - بيريس على اتفاقيات أوسلو، فإن الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل بكل ما تحتاجه لتكون متفوقة على جيرانها.

تغيير هذا له طريقان.. الأول: العمل ضمن جهد متواصل لتغيير المعادلة داخل الولايات المتحدة نفسها، من القاعدة للقمة، وهذا ما بدأنا نشعر فيه أن هناك تغييرا، وإن كان محدود التأثير حتى الآن لكنه الطريق الأضمن.

أما الطريق الثاني، فهو تغيير المعادلة في إسرائيل بما يخفف التطرف المفرط في مزاج الرأي العام الإسرائيلي ويشعر الإسرائيليون أن أمنهم واستقرارهم لا يمكن أن يتم إلا في إطار احترام حقوق الشعب الفلسطيني.

كانت هذه هي الأجواء السائدة في إسرائيل منذ منتصف الثمانينيات، وتعزيز مع الانتفاضة الشعبية الفلسطينية السلمية (1987 - 1993)، حيث كانت حركة السلام فاعلة، واليسار الإسرائيلي فاعل، ما أتاح الاعتراف المتبادل بين الجانبين وتوقيع إعلان المبادئ عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.

الرهان على خلق شرخ في العلاقة، خصوصا في ظل وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، ووجود إدارة اميركية مدعومة من المسيحيين الصهاينة هو أمر صعب.

في العام 1988 عندما اعترفت الولايات المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو الأمر الذي سهل التوصل إلى أوسلو لاحقا، جاء هذا الاعتراف عندما لأئمة المنظمة نفسها مع الشرعية الدولية والقانون الدولي، وعندما أعلنت أنها تنبذ الإرهاب. وفي مؤتمر مدريد لم يسمح للمنظمة بتمثيل الشعب الفلسطيني إلا من خلال الوفد الأردني الفلسطيني المشترك ولم تنجح المنظمة باختراق الخطوط الحمر الأميركية إلا عندما فاوضت حكومة رابين وبيريس سرا وتوصلت معها إلى الاعتراف المتبادل، وبعدها اضطرت واشنطن بوجود الرئيس الاميركي كلينتون إلى الاعتراف بالنتائج.

لقد جاءت أوسلو كثمرة لتطورات في المواقف الفلسطينية، والمواقف الإسرائيلية وتطورات إقليمية كبيرة، وفي لحظة تاريخية كانت فيها الحرب الباردة تتهاوى. والأهم في لحظة تاريخية كانت البيئة في إسرائيل جاهزة لمثل هذا القرار، وبالفعل كان لوجود رابين وشمعون بيريس، وحركة سلام قوية في إسرائيل العامل الحاسم.

اليوم في إسرائيل حكومة متطرفة جدا، وهي حكومة فاشية، من هنا فإن أي تطرف فلسطيني سيغذي تلقائيا التطرف الإسرائيلي، وكلا المتطرفين من الجانبين يغذي  الواحد منهما الآخر.

تغيير المعادلات يحتاج إلى نفس طويل، وعمل دؤوب، ضمن رؤية عاقلة، تدرك أن التغيير تصنعه الشعوب، أما الرهان على تغيير المواقف من الأعلى هو شيء نادر الحصول عليه  وهنا يوجه الكلام إلى قيادة حماس التي خرجت عنها تصريخات بأنها تنتظر "العدالة" من الإدارة الأميركية، والمشكلة أنها تنتظر ذلك والشعب الفلسطيني في قطاع غزة تقوم حكومة نتنياهو بإبادته وتعمل على تغيير المعادلة في القطاع استراتيجيا، وتخرجه ربما لفترة طويلة من المعادلة الوطنية الفلسطينية.

والنقد الذي يوجه إلى حماس أنها تفاوض من أجل نفسها، وتعتمد أن إطالة الحرب ستطيل بعمرها، وربما تقود لتعامل الولايات المتحدة معها تعترف بها من دون إبداء أي حساب لما يجري لأهل غزة وقطاع غزة من دمار شامل، وتصفية له ككيان سياسي يمثل الجزء الأهم من الدولة الفلسطينية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...