هل كان ممكناً تجنب الحرب؟

الكاتب: رأي مسار
الجواب التلقائي والفوري هو لا، والدليل الحاسم على استحالة تجنبها، أنها وقعت بالفعل.
لم تبدأ هذه الحرب أي الفصل الراهن منها يوم الجمعة الثالث عشر من حزيران لهذا العام، بل بدأت منذ الإطاحة بنظام الشاه، وظلّت مشتعلةً حتى أيامنا هذه، ولكن بقوىً ووسائل ووتائر مختلفة.
كانت الحروب الداخلية والخارجية قاعدتها، والهدوء هو الاستثناء فيها. الفصل الراهن من الحرب يمكن تسميته بالفصل الإسرائيلي، وعنوانه تدمير القدرات النووية والعسكرية التقليدية للدولة الإسلامية، بينما جوهره إدخال إيران إلى بيت الطاعة الأمريكي ليتم تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد، عبر شراكةٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ إسرائيلية أمريكية وأطلسية.
السؤال.. ونحن في اليوم الثاني من أيام هذا الفصل من فصول الحرب، هل تحسمها الإنجازات العسكرية الإسرائيلية لمصلحة سيطرةٍ مطلقةٍ على ما سيسمى بالشرق الأوسط الجديد، مع بقاء قضايا الصراع دون حلٍ وأهمها القضية الفلسطينية؟
بقراءة موضوعية لواقع الشرق الأوسط وما يكتظ به من تناقضاتٍ وصراعاتٍ وقضايا، فإن السيطرة عليه والتحكم بمصائره بفعل القوة العسكرية المتفوقة، ما هو إلا أضغاث أحلامٍ وأوهام، وإذا ما نُظر لوضع إسرائيل في مشروع الشرق الأوسط الجديد فهي وإن كانت الذراع العسكرية الباطشة فيه، إلا أنها ستجد نفسها غارقةً في حالةٍ قال التاريخ القديم والحديث إنها من حيث السيطرة عليها، هي الأصعب من كل مناطق العالم.
على مدى ما يقارب السنتين خاضت إسرائيل وما تزال حرباً على سبع جبهات وربما أكثر، كانت كل واحدةٍ منها محدودة القدرة بالقياس لقدراتها الذاتية والتحالفية، وحتى الآن وإلى أجلٍ غير مسمى لم تحسم ولا واحدة منها بصورةٍ نهائية.
لا يُنكر أنها دمرت وقتلت واحتلت، كما لا يُنكر أنها بالتفوق العسكري والتحالفي والحماية السياسية الأمريكية وصلت إلى كل مكانٍ قررت الوصول إليه من رفح إلى طهران، وما بينهما من دولٍ وشعوب، غير أنها وحتى الآن لم تستطع معرفة ما سيحدث في اليوم أو الأيام التالية، لا على صعيد أصغر جبهةٍ حاربت فيها وهي غزة، ولا أكبر جبهة توغلت فيها وهي إيران، إنها مزهوةٌ بوصول طيرانها إلى تبريز وطهران والحديدة وبيروت ودمشق، وبوسعنا أن نواصل العد إلى ما لا نهاية، ولكن هل وصولها على متن الطائرات الأمريكية سيوفر لها سيطرةً على أخطر وأصعب منطقة من مناطق العالم؟
إن أمريكا العظمى لم تستطع الادعاء بذلك فكيف هو الحال مع إسرائيل التي هي مجرد ذراع لا أكثر بل أقل.
ما أن تضع الحرب أوزارها ستكون حروب إسرائيل في المنطقة قد انتقلت من حربٍ مع الدول، إلى صراعٍ مع الشعوب، وهيهات لأي دولة مهما عظمت قدراتها أن تكسب هذا النوع من الصراع.