الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 3:54 AM
الظهر 12:40 PM
العصر 4:20 PM
المغرب 7:53 PM
العشاء 9:25 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الإسرائيلي وإيران و"الشر المطلق"

الكاتب: بكر أبوبكر

الحرب الحالية الدائرة بين الإسرائيلي وإيران قد توضع في سياق تخليص المنطقة من التهديد النووي الإيراني أو هكذا يبغي "نتنياهو" تصوير الهدف المرعب، فيقدم خدمة مجانية للغرب! ولجيوش المنطقة العربية وخاصة دول الخليج العربي؟ وكأنه حامي حمى المنطقة! ولكنه بالحقيقة الجليّة –حتى للأعمى-الذي سيصعد بها بصواريخه وطائراته الامريكية وعلى حصان ابراهامه (اتفاقيات ابراهام-ترامب) ليدق عنق العرب أجمعين فيما يلي من زمن!
الحرب الحالية في عقل "نتنياهو" المتطرف ذو العقيدة "الجابوتنسكية"، وعقيدة "شارون" بعده، التي لا تؤمن الا بالقوة، ومزيد من القوة "عقيدة الجدار الحديدي"، والمقرون بالحقد الأبدي على العرب (كما كان واضحًا بما يسمى قانون القومية عام 2018، وبما يحصل من إمعان بالقتل غير المسبوق والإبادة بغزة والضفة، وحاليًا بالجوار كله) وكراهية الفلسطينيين نتيجة الخرافات التوراتية التي تلعب بعقله، تمثل حقيقة الاستراتيجية التي دوّنها بكتابه العنصري "مكان تحت الشمس" (ومما يطبقه حاليًا أمام العالم كله) والذي رأي فيه أن هدفه الرئيس والأصيل تدمير فلسطين والفلسطينيين، وأن يمنع قيام دولة فلسطينية الى الأبد، لأنه بذلك يجبر العرب والمسلمين عامة على الركوع تحت قدميه.
الحرب الحالية على إيران كانت حلم نتنياهو من زمن طويل، وهو يرى نفسه سلطانًا متوجًا ليس على نظامه فقط بل على كل منطقة "الشرق الأوسط" اتباعًا لمقوله المؤسس "هرتسل" أننا:"رُسُل المدنية والحضارة الأوربية ضد البرابرة والهمجيين"!؟ أي العرب (والفرس وغيرهم) في المنطقة العربية والاسلامية، مما قاله "هرتسل" في كتابة "دولة اليهود" نصًا. (أمام الكونغرس الأمريكي عام 2024 قال "نتنياهو":"لكي ندحر أعداءنا الهمجيين نحتاج إلى الشجاعة وإلى صفاء الذهن"!)
الرجل الأوربي المنشأ الذي اقنع نفسه بأنه من نسل بني إسرائيل العرب القدماء المنقرضين يفترش طريق الوصول الى مساحات أوسع في المنطقة العربية وجوارها، فلن يكتفِ بالحفاظ على كيانه ضد التهديدات كما يقول (نظرية أنه البطل الأسطوري الذي يحارب على 7 جبهات معًا) بل هو يضع خطوطًا غليظة كثيرة تمنع أي إمكانية مستقبلية لتدمير الكيان الذي افترض أنه له الملك المتوّج، غير القابل للمراجعة أبدًا! وأن عليه لتنفيذ هدفه (الواقعي) بالحماية والغزو وبأوامر قتل مقدسة يقدم أجلّ الخدمات مما لم يستطع فعله لا "حاييم وايزمان" ولا "بن غوريون" ولا غيرهما.
"نتنياهو" مع فرط القوة العسكرية، وغلواء التسلط وغرور الشخصية المريضة بالدم والاعتداءات، لا يصالح أحدًا، بل يأمر ليُطاع! فلو كان قد نظر حول محيطه فقط لوجد أن الشعب العربي الفلسطيني كان هنا من مليون عام ثم بنى حضاراته الكبارية والناطوفية وفي العصر الحديدي قبل آلاف السنين من مسرح التوراة التاريخي أكان هنا بحقيقته أم باليمن أم بالبرازيل. وهو الرجل نفسه الذي لقي الدعم المتفوّق وبلا أي رباط من المتآمر الأمريكي بكل العهود منذ موافقة الرئيس الامريكي " وودرو ويلسون" على إعلان بلفور، حتى اليوم، ومع هذا الترليوني الجديد الذي يفترض امكانية حصوله على جائزة نوبل للسلام!
ما بين أن "نتنياهو" يرى بنفسه أعظم من المؤسس للدولة بن غوريون أو حاييم وايزمان، وصولًا للملك داوود، وما بين تشبيهه ب"تشرشل" بالصلابة والقيادة التي يخلدها التاريخ، أو "نيرون" الامبراطور الذي أحرق روما، كما يقول المحلل "ألون بنكاس"، أي أنه لا يرى بنفسه "الشر المطلق" بل يرى بخطابه وأفعاله استمرار للماضي (الخيالي)، ومقدمة حضارة الغرب التي يستدعيها في كل آن ضد "الشر المطلق" عبر قطع أذياله في المنطقة ثم وصولًا الى رأس الحية.
يقول الكاتب الامريكي الإسرائيلي "ألون بن مائير" أن: "نتنياهو، وليس غيره، هو من أوصل "إسرائيل" إلى حافة كارثة غير مسبوقة. بالنسبة له، فإنّ موت الجنود الإسرائيليين وعشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء عبثًا وترك الرهائن لمصيرهم الجهنمي، يستحقّان الثمن، ولو لمجرد الحفاظ على قبضته على السلطة."
ويضيف بالقول: " إن نزع الصفة الإنسانية وتجاهل الأرواح البشرية والإنتقام والقصاص بدم بارد .....هو أمر سيظل يطارد "إسرائيل" لأجيال قادمة".
على الصعيد الآخر جعلت إيران الثورة الإسلامية من نفسها قيّمة على العالم الإسلامي وزعيمة له، باعتبارها وارثة النبوة والإمامة و"الدين الصحيح" (الإيمان بالإمامة والقيادة المستمرة، ودورها الأساس في استمرار ثورة الإسلام-حسب نص المادة 2 من الدستورالايراني للعام 1979م)، وافترض النظام أحقية تصدير الثورة! حيث أشارت المادة 154 أن إيران" تدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في جميع بقاع العالم"، وبالتالي تعمل على "إنقاذ الشعوب المحرومة والمضطهدة في جميع أنحاء العالم"، لذلك تمادى النظام ببنود الدستور وتوسع وتواطأ النظام ضد العراق، كما تواطأ ضد افغانستان مع أمريكا. ولما تغيرت الموازين دخل عمق المنطقة العربية ليتفاخر بالسيطرة على أربعة عواصم عربية، فيحقق الخوف والعداء الذي بخطواته هذه من "تصدير الثورة"، وتشكيل "محور المقاومة والممانعة" سعى لها، وما كان نتيجته استقرار النفور والتباغض وإدارة ظهر متبادل، بل وشماته من البعض.
اليوم تقف المنطقة العربية والاسلامية (المتسماة الشرق الأوسط بالتسمية الأوربية الغربية لجعل الإسرائيلي متاحًا) في مواجهة حقيقية مع الفاشية الإسرائيلية ل"نتنياهو" ويمينه الأسطوري، التي لم تكتفِ بتدمير فلسطين وتحقيق الإفناء اليومي للشعب العربي الفلسطيني ومنع استقلال دولته القائمة تحت الاحتلال وإنما غالت وتمادت وتطاولت على المحيط العربي والإسلامي، إذ بدلًا من أن تلتقط المبادرات العربية، والعالمية الكثيرة (أخرها المبادرة العربية بالقاهرة عام 2025م)، والسعي العالمي للإقرار بدولة فلسطين حرة ومستقلة تعاند حقائق التاريخ والقدر، ومآلات الغلو الخاسرة أبدًا، وتحاول أن تصنع معادلة رعب وإذلال وسحق لكل المنطقة يكون فيها "الشيطان الأكبر" أو "الشر المطلق" هو المسيطر.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...