الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 3:54 AM
الظهر 12:41 PM
العصر 4:21 PM
المغرب 7:54 PM
العشاء 9:27 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

ما يجري ليس ردة فعل بل محاولة لتجسيد مشروع نافو

الكاتب: د. محمد عودة

إن ما يحدث اليوم في غزة والضفة والجنوب اللبناني وجنوب سوريا وأخيرا العدوان على إيران ليس مجرد رد فعل على أحداث آنية كما يحاول ان يبرر الكيان الصهيوني، كالسابع من أكتوبر والبرامج النووية والصاروخية الايرانية، بل هو استمرار لسيناريو كُتب قبل أكثر من اثنين وسبعين عامًا عندها لم يكن هناك حماس ولا 7 أكتوبر ولم تكن إيران تفكر حتى في أي تصنيع عسكري ام مدني، انه المشروع الإسرائيلي القديم نافو الذي صُمم لإعادة تشكيل جغرافيا المنطقة، لم يُطوَ بل يتكشّف مرحلةً بعد أخرى، للعلم كتب المشروع قبل صدور كتاب احجار على رقعة الشطرنج الذي يحلل النوايا الاستعمارية تجاه المنطقة.
منذ عام 1953 وضعت إسرائيل استراتيجية توسعية حملت اسم مخطط نافو، وهو مشروع جيوسياسي يستهدف إعادة رسم خارطة المنطقة عبر احتلال أراضٍ عربية وتهجير سكانها، من أجل فرض وقائع جديدة تضمن التفوق الإسرائيلي الدائم، لم يكن هذا المخطط مجرد نظرية أو طموح سياسي، بل كان خطة عملية تم تنفيذها على مراحل، مستغلة الأزمات الإقليمية والصراعات الداخلية في الدول العربية.

يقوم مخطط نافو على مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها احتلال شبه جزيرة سيناء للسيطرة على طرق الملاحة في قناة السويس لحين استبدالها بقناة بن جوريون، وضم الضفة الغربية وشرق الأردن الحد الطبيعي لإسرائيل، إضافةً إلى التمدد نحو الصحراء السورية

أما في الشمال، فقد ركّز المخطط على احتلال الجولان السوري، ومناطق حوران، وقمة جبل الشيخ، وصولًا إلى جنوب لبنان حتى مصب نهر الليطاني، وذلك لضمان سيطرة إسرائيل على الموارد المائية وخلق عمق أمني استراتيجي لها، كما نصّ المخطط على تهجير سكان هذه المناطق، بهدف تغيير تركيبتها الديموغرافية والحفاظ على طابعها اليهودي.

يجري العمل على انجاز المخطط بالنقاط وليس بالضربة القاضية، فعلى مدار العقود الماضية، تحقق الكثير من بنوده، ففي عام 1967 احتلت إسرائيل الجولان والضفة الغربية وسيناء، قبل أن تنسحب من سيناء بموجب اتفاقية كامب ديفيد، بينما لا تزال باقي الأراضي تحت السيطرة الإسرائيلية حتى اليوم بما فيها اراضٍ جديدة كما هو حال جنوب كل من لبنان وسوريا.

في الضفة الغربية، تم استبدال الاحتلال العسكري المباشر بمشروع استيطاني ممنهج يهدف إلى خلق واقع ديموغرافي جديد يمنع أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة بمعنى ان هذا المخطط يكشف عن استراتيجية إسرائيلية ثابتة تقوم على مبدأ فرض الوقائع بالقوة، ثم التعامل مع ردود الفعل الدولية وفق سياسات الأمر الواقع، ففي كل مرحلة، استخدمت إسرائيل الظروف السياسية والاضطرابات الداخلية في الدول العربية لتحقيق أهدافها، سواء عبر الحروب المباشرة أو من خلال دعم انقسامات داخلية تضعف خصومها وعليه، فإن “مخطط نافو” لم يكن مجرد خطة تاريخية مؤقتة، بل هو نهج مستمر يظهر في كل سياسات إسرائيل تجاه فلسطين وسوريا ولبنان، وحتى في طموحاتها تجاه سيناء والأردن.

اليوم، ومع استمرار الصراعات الإقليمية، تجد إسرائيل أرضية خصبة تسمح لها بمواصلة تنفيذ ما تبقى من هذا المخطط، الامعان في القتل والتدمير في غزة وبوتيرة متصاعدة ومحاولات فرض حلول التهجير، وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية إضافة الى تدمير رموز اللجوء في شمالها، والاعتداءات المتكررة على الجنوب اللبناني رغم اتفاق الشهرين الذي يقضي بانسحاب إسرائيل الكامل من الجنوب، كلها مؤشرات على أن المشروع التوسعي الإسرائيلي لم ينتهِ، بل لا يزال يتطور وفق المستجدات السياسية والعسكرية.

السؤال الذي يفرض نفسه: إذا كانت إسرائيل قد نجحت في تحقيق معظم أهداف مخطط نافو، فما الذي بقي منه؟ وإلى أي مدى يمكن أن يستمر هذا المخطط في ظل المتغيرات الإقليمية الحالية الصمت العربي او التفاعل الخجول الذي لم يرقى حتى الى استدعاء سفرائهم للتشاور، على عكس مواقف اجنبية في أوروبا وامريكا اللاتينية بعضها وصل الى قطع العلاقات الدبلوماسية والعسكرية، لقد اثبتت الاحداث عبر التاريخ ان عوامل افشال المشروع وكحد أدنى تأخيره لا يتم الا بقوة رادعة، قد تشكل إيران هذه القوة الرادعة في غياب استراتيجية عربية مضاف اليها حماية أمريكية لإسرائيل.

ان مواجهة المشروع من اجل إفشاله تحتاج الى وحدة وطنية فلسطينية على المستوى الداخلي محمية بمشروعين إقليمي عربي إسلامي ودولي يضمنان إرساء قواعد الشرعية الدولية وارغام إسرائيل على الالتزام بهذه الشرعية فعلا وليس قولا وان تتخلى عن كل مشاريعها التوسعية لكي تصبح ان قدر لها ان تعيش جزءاً من المنطقة وتسهم الى جانب كل مكونات المنطقة في بناء عالم اكثر استقرارا وامنا وعدلاً،اما على مستوى العالم فمطلوب من المجتمع الدولي الخروج من موقع المشارك الصامت الى موقع الفاعل والضامن لالزام الكل بحقوق الانسان وقيم واخلاق ومبادئ مجتمع حضاري متكامل متعاون.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...