الضربة الأمريكية بأدواتها الاستراتيجية

ما يزال الغموض يلف نتائج العملية العسكرية الأمريكية التي نفذت ضد ثلاث مواقع نووية رئيسية في إيران.
ترمب أعلن أنه أنهى المشروع النووي الإيراني، ودعا إيران إلى مفاوضات سلام.
طهران أعلنت أن الضربة الأمريكية محدودة الأثر وليست من النوع الذي لا يستوعب ولا يعالج، وأنها ماضية في مشروعها الوطني – النووي – وبعض الأصوات ارتفعت بعبارة الرد المزلزل.
إسرائيل، احتفلت على مستوى الحكومة والمعارضة ونتنياهو استولى على العملية بأن نسبها لبرنامجه الذي أطلقه مبكراً للقضاء على المشروع النووي، وهذا يصلح للاستخدام الانتخابي.
كل التطورات المستقبلية أي منذ ما بعد الضربة الأمريكية تتوقف على رد إيران، السياسي قبل العسكري، وهذا ما يفترض بحثه في دوائر صنع القرار الإيراني.
إيران كما عرفناها في كل المعارك المتصلة بها، تتريث ولا ترد فوراً، وغالباً ما يكون ردها محسوباً وأحياناً متفقاً عليه.
الجديد المؤثر في نوعية الرد وحجمه، أن الطرف المباشر هذه المرة هو أمريكا، والهدف المباشر هو أغلى ما تملك القيادة الإيرانية وهو المشروع النووي، وهذا وضع القيادة السياسية والعسكرية في إيران أمام تحدٍ لا يحتمل الردود الرمزية كما يجعل من الرد السياسي وفق المتطلبات الأمريكية إذعاناً يمس الكرامة المصداقية، بما يشبه تجرع السم وهو مصطلح إيراني يستخدم حين الإقدام على تنازلات فادحة.
والسؤال.. هل فوتت إيران فرصة المحادثات التي تمت مع الثلاثي الأوروبي رغم ما قال عنها الرئيس ترمب على أنها ليست بديلاً عن المحادثات مع أمريكا، أن إيران لو منحت الثلاثي طرف خيط كوسيط فلربما يكون الوضع أفضل مما وصلت إليه الأمور الآن، كان الأفضل لإيران لو ناورت في هذا الأمر.
الضربة الأمريكية التي استخدمت فيها أسلحة استراتيجية كنوع الطائرات والقنابل الضخمة والصواريخ الموجهة من البحر، قالت لإيران.. الهدف هو المشروع النووي فقط... أمّا الدولة الإيرانية حال تخليها عنه يمكن أن تكون شريكاً في السلام، وهذه الرسالة التي انطوت عليها الضربة يمكن وصفها بالتحذيرية رغم أنها من العيار الثقيل.
الأمور تطورت لتصل حد الوقوف وجها لوجه بين إيران المجردة من الأذرع، وأمريكا التي تنسق حرفياً مع ذراعها الإسرائيلي، لتدير الحرب بعد الضربة عسكرياً وسياسياً وعلنياً من موقعها الطبيعي فيها.
إن المسار السياسي الذي بدأ في جنيف بصورة اختبارية سوف يُنحّى جانباً إلى أن يحتاجه العرّاب الأمريكي ليس كطرف معترف به في مجال الحل، بل كذراع سياسي مساعدٍ لا أكثر ولا أقل.