إسرائيل تحول اكاذيبها الى شرائع يتبناها الغرب

الكاتب: د. محمد عودة
في البداية اتقدم بشديد الاعتذار لأنني استخدمت فكرة التورية والتي اقتبستها عن صديق يستحق كل الشكر، هذه الطريقة المعكوسة ليست صدفة بل تعبر عن حال الكثيرين من صناع القرار في العالم، حيث يتعاملون على ان الرصاصة الاسرائيلية هي ضحية لمن وقفوا في طريقها من نساء واطفال وشيوخ فلسطين، ولكيلا اطيل على القارئ سأدخل الى الموضوع من خلال مقدمة توضح بشكل لا لبس فيه كيف يقلب الاحتلال ومن خلفه الاستعمار الحقائق.
ففي صباح يوم ربيعي بارد مشبع بالرطوبة داعبت خلاله نسمة عابرة سنابل قمح مرج ابن عامر، كان يوم الاربعاء الحادي عشر من أيار 2022 عندما انطلقت رصاصة مسكينة من سلاح جندي في وحدة الكرز -(دوفدوفان) يُدعى ألون سكاجيو في رحلة استجمام لعلها تنعم بدفيء قلب طفل يلهو مع اقرانه على ناصية الشارع في مخيمهم المكتظ بالأطفال إذ تزيد نسبتهم على 40%من السكان. - (تشير المعلومات بان سكاجيو قُتل يا حرام في جنين في منطقة قريبة من المكان الذي اغتيلت فيه رصاصته).
لكن المكلوم صاحب الطلقة السيد سكاجيو افاد بان طلقته الغالية المسكينة فُقدت في ذلك الصباح، وبعد تحقيق مهني شاق اكتشف هو وذويه من علية القوم بان صحفية من الغوييم تُدعى شيرين أبو عاقلة كانت قد صفحت نفسها بلباس ازرق كتب عليه صحافية ،لم تكتفي بالتصفيح بل كانت مدججة بلاقط صوت والة تصوير خطيرة ،لقد نصبت كمينا محكما للطلقة المسكينة خلف الجدار بجانب الشجرة، فاعترضت تلك الطلقة المسكينة بجيدها الذي سبق وعرته من التدريع بغية القيام بعملية اغتيال جبانة لتلك الطلقة البريئة ،لم تكتفي بذلك بل اخفت الشظايا في عنقها.
قام ذوي الطلقة المكلومين وعلى راسهم بيبي نتنياهو ومن خلفه الون الى طلب تدخل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الرصاص المسكين في مسعى لاستعادة تلك الشظايا لتكريمها في متحف معد خصيصا للطلقات التي غدرت بها قلوب أطفال فلسطين القاسية، وحسب ما نرى من حجم الرصاصات المغدورة في غزة والضفة فإننا نعتقد ان متحفها سيكون أكبر وأعظم واهم من متحف الهولوكوست.
لو كان حمورابي يعلم انه سياتي الون سكاجيو ومن خلفه كاتس ونتنياهو وترامب وغيرهم كثيرين من أصحاب الرصاص المغدور في العراق وأفغانستان واليمن وسوريا ولبنان وفلسطين وافريقيا لأفرد فصلاً كاملا ينصف فيه الطلقات المغدورة ضمن شرائعه وربما لسبق هكذا تشريع حقوق الجماعة والافراد.
كل ما سلف مقدمة تعبر بصدق عن استخفاف التنويريين بعقول العالم وعن ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين في دولة الكيان ومعظم حكومات الغرب، حيث يستخدم الطرفان الكثير من الابواق الإعلامية سعيا وراء قلب الحقائق وجعل تصديقها ممكناً.
فعلى سبيل المثال يتم التعامل مع مقتل جندي إسرائيلي او حتى مواطن إسرائيلي نتاج صواريخ ايران كجريمة حرب ،حيث كان يجب على ايران ان تتلقى الضربات وتشكر الكيان على كرمه الجزيل، صواريخ ايران اسفرت عن تدمير عشرات المباني وقتلت حوالي الدزينة بعضهم من المدنيين، إضافة الى شظايا صاروخ اصابت احد المشافي فانبرى الغرب لإدانة العدوان الإيراني الهمجي واعتبرته جريمة حرب رغم ان من اعتدى هي إسرائيل ،بينما خسرت ايران ما يزيد عن الف ضحية منهم علماء إضافة الى تدمير ألاف المباني ،لكل ذلك لم يحظى باهتمام أي جهة ، الا ان الأمريكيين ومن ورائهم إسرائيل يقولون انهم ذهبوا الى مهاجمة ايران لأنها تسعى لامتلاك سلاح نووي ،وهكذا يكونان قد نصبا نفسيهما بديلا عن الأمم المتحدة علما ان إسرائيل تمتلك سلاح نووي ولا يخضع لأي جهة رقابية.
اما بخصوص غزة فالموضوع أسهل لان اهل غزة عبارة حيوانات بشرية وارهابيين، واحد من الأدلة عائلة الدكتورة آلاء النجار التي كانت بالمرصاد للصواريخ المسكينة التي أطلقها الاحتلال والتي تمكنت شظاياها من الاستمتاع بدفيء قلوب تسعة من أبناء تلك العائلة، كانوا يلتحفون دروع الجوع والخوف، لم يكتفي ال النجار بمواجهة الصواريخ بل وفروا الدليل الذي جعل الإسرائيليين يسوقون أنفسهم على انهم الضحية وليس هذا فحسب بل الضحية الوحيدة.
في الفترة الأخيرة اخترعوا عبارة حدث امني صعب كي يستعطفوا الغرب كي يدين إرهاب المقاومة ،هذه العبارة استحوذت على نشرات الاخبار ،يشار الى ان الكيان الصهيوني قد خسر في غزة اقل من 1000 كلهم ضباط وجنود حسب الاحصائيات الرسمية ،بينما قتل من الفلسطينيين حسب بعض المعلومات المسربة من وسائل اعلام إسرائيلية مقربة من الجيش ما يزيد على مئة الف (10000)من المدنيين بمعنى الجيش الصهيوني وعبر القاء أطنان من المتفجرات كانت حصة المواطن اكثر من 120 كغم ، مئة شهيد مدني في مقابل كل جندي إسرائيلي ،مضافا اليه تدمير شامل للبنية التحتية واكثر من 80% من بيوت غزة دمرت بالكامل، ليس هذا فحسب بل ان إسرائيل استخدمت أسلحة حولت ارض القطاع غير قابلة للزراعة لمدة طويله ومع ذلك يتصدر اخبار العالم مقتل جندي من جيش الدفاع في كمين مجرم في خان يونس، وكان اهل خانيونس وبقية القطاع هم من اعتدوا على ذلك الجندي المسكين.
ولكيلا أظلم أحدا لا بد من الإشارة انه وعلى المستوى الشعبي هناك تضامن غير مسبوق مع فلسطين وإدانة لإسرائيل وعدوانها، اما على مستوى صناع القرار في العالم ففي غالب الأحيان لا تتعدى المواقف الشجب النظري لما تقوم به إسرائيل وقلة ممن بادروا لاتخاذ خطوات عملية، كاستدعاء السفراء وتقليص التعاون العسكري وأحيانا قطع العلاقات الدبلوماسية.
انطلاقا من كل ما سبق لا بد من تعليق الجرس فالمشروع الصهيوني لا يستهدف الشرق الأوسط وحده بل كل دول العالم، فالنورانيون يريدون الهيمنة على الكون، فاذا سيطرت إسرائيل على الشرق الأوسط لن تتوانى في استخدام مقدرات المنطقة لإخضاع بقية العالم خاصة وان دولتهم العميقة تقنع نفسها بأنهم شعب الله المختار. ليس هناك وقت لإضاعته.
وجب وضع القانون الدولي موضع التنفيذ بما يضمن تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره ومحاسبة إسرائيل على جرائمها التي تقترفها سعيا لتجسيد الخطط النورانية للهيمنة على العالم ويمكن الاستدلال على خطورة هذه الخطط من خلال مراجعة المشاريع التي وضعت لخدمة الهدف والتي يتحدث عنها وليم كار في كتبه: الضباب الاحمر فوق امريكا والشيطان أمير هذا العالم واحجار على رقعة الشطرنج ،اضافة الى قراءة متمعنة في المشاريع المعلنة مثل مشروع نافو ،مشروع برنارد لويس ،صفقة القرن ،الامارات الفلسطينية المتحدة وخطة الحسم من ضمن عشرات المشاريع الاخرى ، على المجتمع الدولي خاصة العالم الحر التحرك ضمن خطط عملية لإفشال هذه المشاريع قبل فوات الأوان وقبل ان يتمكنوا من استحضار عشرين حمورابي جديد يشرعون ويشرعنون كل ما يقومون به من جرائم.
لقد اعذر من أنذر.