إطالة الحرب ليست فقط من أجل بقاء حكومة نتنياهو

رغم التحقيق الذي نشرته نيويورك تايمز، والذي تضمن مقابلات مع أكثر من مئة شخص، وسعى إلى إثبات أن إطالة الحرب تعود بشكل أساسي إلى حرص نتنياهو على بقاء حكومته وتجنب لجنة تحقيق في ما جرى يوم السابع من أكتوبر، فإن هذا التفسير يبقى جزئياً ولا يعكس الصورة الكاملة.
صحيح أن بقاء الحكومة يُعدّ أحد الأسباب المهمة، لكن الجزم بأنه السبب الأساسي ينطوي على تبسيط مخلّ وتشويه للحقيقة، سواء بقصد أو من دونه. فذلك يصوّر الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والحصار القاتل، وسياسات التجويع والتعطيش الجماعي في قطاع غزة، على أنها نتيجة لجشع شخص أو مجموعة أفراد، وليس انعكاساً لطبيعة إسرائيل كدولة وظيفية، تجسّد مشروعاً استعمارياً استيطانياً عنصرياً، أُقيم منذ بدايته على أنقاض الشعب الفلسطيني، بعد أن أنكرت وجوده، وشرّدت غالبيته، وارتكبت – ولا تزال – كل الجرائم التي عرفتها البشرية.
وتتجلى هذه الطبيعة بوضوح في تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تضم أحزاباً دينية وسياسية تُعدّ من بين الأكثر تطرفاً وعنصرية في تاريخ إسرائيل.
وما يعزز هذا الطرح أن معظم الإسرائيليين أيدوا حرب الإبادة في غزة، بل إن نسبة أكبر منهم أيدت العدوان على إيران. حتى الأصوات التي تطالب بوقف الحرب، فإن دافعها الرئيسي يتمثل في استعادة المحتجزين الإسرائيليين، لا رفضاً للحرب أو جرائمها، وهم يبدون استعداداً لدعم استئنافها بعد إتمام الصفقة.
أما بقاء حكومة نتنياهو، فإنه لا يتوقف فقط على دعم أحزاب اليمين المتطرف، مثل سموتريتش وبن غفير أو الأحزاب الحريدية، إذ إن المعارضة ذاتها قدمت شبكة أمان لحكومته. وهذا يعني أن نتنياهو يستطيع الاستمرار حتى إن انسحب بعض حلفائه، ما يضعف فرضية أن بقاؤه السياسي وحده هو ما يطيل أمد الحرب.
السبب الأعمق والأخطر يكمن في السعي لتحقيق أهداف أيديولوجية واستعمارية توسعية، تتجلى في محاولات تصفية القضية الفلسطينية بكل مكوناتها: من شطب قضية اللاجئين، إلى الضم والتهجير، وصولاً إلى تفريغ أي إطار تمثيلي فلسطيني من مضمونه، سواء كان السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير، وإقامة "إسرائيل الكبرى" كقوة مهيمنة في الشرق الأوسط.
فهل يعني هذا أن فرصة التوصل إلى صفقة مرحلية قد انتهت؟ الجواب يتوقف على ما سيحدث مع دخول عطلة الكنيست، التي تمتد لنحو شهرين ونصف، وتُصعّب خلالها إمكانية سحب الثقة عن الحكومة. فإذا بدأت العطلة من دون التوصل إلى صفقة، فذلك سيكون مؤشراً قوياً على أن الرهان الإسرائيلي لا يزال على الحسم العسكري، لا على الصفقات المرحلية.