عالم مجنون وقائد مزركش!

الكاتب: بكر أبوبكر
في عالم مجنون تجد آلة الحرب لا تتوقف! وتجد أن القتل والذبح أمرًا مقبولًا مادام لا يطالني أنا! ومادام يطال فئة يعتبرها الأسطوريون التوراتيون المتطرفون أبغض من الحشرات!؟
في نفس العالم الفاشي والعنصري تجد التجويع والتشريد وموت الاطفال والحضّ على ذلك كأنه قيمة دينية! و(علمانية وديمقراطية) يتبجح بها قادة اليمين الإسرائيلي؟! ويساره الساعي لأن يكون يمينًا أكثر!
تجد أن تهجير الملايين مرة ومرتين وعشرة!؟ ذهابًا وإيابًا في حالة لولبية لا تهدأ أمرًا حربيًا! (وعلميًا) مادامت التجارب أصبحت تُقام على البشر وردود أفعالهم بعد أن أقفلت أقفاص الفئران التي رفضت مؤسسات حقوق الحيوان اخضاعها للتجارب!
في هذا العالم غير الافتراضي بل الحقيقي يتم تحويل البشر لحيوانات مسجونة مسيّجة ممنوعة من الحركة، أو الأكل أو الشبع، أو فرصة الوداع أو البكاء على الموت... ويُستباح كل ما تملكه، والى ذلك هي لا تخضع لأي قانون بشري أو حيواني! سوَى قانون الإبادة العظمى، و"الأبارتهايد" والفاشية والإمعان بالسحق سواء في غزة المنكوبة بفاتك الظلم والعدوان من البعيد والقريب، أو الضفة الفلسطينية الموكوسة والتي أصاب نخبتها المخملية الخرس (وقهوة الاسبرسو،والريستريتو واللونغو والامريكانو...)، وكأن ما يحصل أصبح قابلًا للتكيف!؟ أوبقوة الكذب والتدليس ونفخات البطولة من جماعة فاقعة الهبل فقدت كل شرعية.
المضحك المبكي أن تجد التريث المريب والتباطؤ المشكوك في أمره من قبل الفصيل أو الجماعة الربانية -وهي عن الله أبعد بكثير- في الرد على اتفاقيات الهدنة مع الباغي المعتدي على الشعب، وكأنها تحاصر أسوار تل أبيب!؟ تقطع الأكل والماء والكهرباء عنها وتقصفها بحيث يموت 100 شخص إسرائيلي يوميًا!؟ فما الضغط الذي لدى تل أبيب المنهزمة بحصارالفصيل لها واستباحته للأرض والشعب! ليجبره هو الجماعة الربانية المنتصرة أبدًا على أسوار تل أبيب أن يجيب مسرعًا؟ أو ينسحب من المشهد –لاسمح الله-فداء للناس! وهو الذي لم يتلفظ قط بكلمة فلسطن أو دولة فلسطين كهدف له!
في عالم عبثي مجنون يمكنك أن ترى طفلة فلسطينية غزّية ذات محاجربارزة وعيون ضيقة وغائرة، وجسد هزيل واهن وقسمات صُنعت من حديد، تحمل وعاءً أكبر من حجمها، وتزاحم الصغار والكبار لعل الوعاء يمتلي رُبعه! أو لعلها وهي تتعثر حافية القدمين تجد لقمة خبز أو شربة ماء!؟ أو من يمسح دمعتها في ظل فيضان الدموع المتحجرة! وأنهار الدماء.
هل يتوجب على الفلسطيني الغزّي الذي فُرض عليه النزيف والقتل والإبادة بلا حول منه ولا قوة أن يقول للغباء السياسي شكرًا!؟ أو يقول للغباء الديني جزاك الله خيرًا؟ أو يفترض مجبرًا أنه شهيد الفصيل "المقدس"!؟ أو يهتف بحياة القائد المزركش! وما هذا بشهادة! لمن يتحجج ويتبجح بتفسيره الغبي للمعنى حيث أن الإقدام والعدة مدخل الشهادة حين تتقدم الطليعة الفدائية لحماية الشعب والمدنيين، والتضحية بنفسها من أجلهم، وليس العكس.
في عالم مجنون وعبثي وظالم يغرد أولئك القادة العِظام المزركشون الجالسون على أسرتهم الوثيرة بالبعيد عن الميدان صائحين ل(فريق كرة القدم) في غزة أن عليك الانتصار فما لك من بديل! فنحن قادتك، ونحن مشجعوك ومناصروك وأنت دورك أن تفوز بالمباراة، ولو مت أنت وكل الشعب! فهكذا يُعمّر القادة المنبعجون تحت ثقل أدمغتهم البراقة وكثافة غباء أفكارهم الكافرة، وفي ظل سواد قلوبهم فلا تعاطف ولا مشاعر ولا انسانية، وكأن من يموتون لا صلة لهم بهم باقتراب سريع من عقلية الباغي المحتل وطريقة نظره. أما عن تحجر عقولهم وسقوط مبرراتهم فحدث ولا حرج ولكن لا حياء لمن تنادي ولا دين ولا إنسانية!
في عالم مجنون بالفسق والعهر الاعلامي تظل الشابكة (انترنت) والفضائيات التدليسية العرب-صهيونية تعمل ليل نهار على وقع عدّاد جثث آلاف الفلسطينيين وأمثالهم، دون أن ننسى الضحايا الأبرياء في ليبيا او سوريا أو لبنان او الصومال او السودان فنحن -وفي عزّ مأساتنا- لا ننسى الأشقاء قط!
في هذا العالم البغيّ الذي يلتقط فيه القائد العربي صورة مع القائد الصهيوني وهم (يعبطه)! كيف تفهم ذلك لاسيما وأنهما ضاحكان مبتسمان!؟ وكأنه لا صلة دينية أو قومية أو عشائرية أو قيمية أو انسانية له مع ذاك المقتول او الناجي من المجزرة (أو مسلسل المجازر بالأحرى) طالبًا شربة الماء!
في هذا العالم الفاجر تقوم الفاشية الصهيونية بإيقاد النار تحت قدر الطائفية في سوريا فتقصفها! وتعلن أنها مستعدة لإرسال المساعدات الطبية والغذائية للسويداء!؟ فيما أن أياديها السوداء الملطخة بالدماء وأنين الجرحي وآهات الجوعي في غزة واضحة لكل مبصر!
في هذا العالم المزركش بالاستخذاء وبالنزق يعلن العميل بفخر قائلًا أنني عميل؟! وكذلك الدول الأخرى من ورائي وهو ضاحكٍ لاهٍ! فلا يردّه احد!؟ بل يجد من التزلف ما يساعده على البغي والتمادي أكثر فاكثر!
في هذا العالم المسيّج بأنواع لا تحصى من المخنثين والأغبياء والمغيبين والسفلة والحمقى والعابثين والسوقة والهمج الرعاع يصبح العالم الافتراضي هو البديل للعالم القديم (الحقيقي/غير الافتراضي) ويصبح إرضاء العالم الافتراضي هو الهدف فمادامت الاعجابات والمشاركات والتعليقات تتوالد فنحن منتصرون!
عالم يقف كالصنم مشدوهًا ومنبهرًا أمام (عمل فني!؟) هو عبارة عن موزة (نعم موزة) مثبتة بشريط لاصق! (فقط هكذا) في متحف بباريس ل(فنان!) وبقيمة 6 ملايين يورو! هو عالم فاجر، فقدَ قيِمه وإحساسه، وهو نفس العالَم الذي يصفق للمغني الفاسق فلان أو المغنية البائسة نصف العارية فلانة، وطز بمن هم غيري! بما أنني مبسوط! فاليوم خمرٌ وغدًا خمرٌ أيضًا.
في هذا العالم المباهي بالفسوق، عظيم الاستهلاك واللاهي لننظر في حالة راعي الارهاب العالمي الاول، وأكبر سارق بتاريخ البشرية من أمة العرب أي "ترمب" ألم يكن بمقدوره أن يوقف العدوان على غزة؟ كما حصل بما قيل أنه أوقفها على إيران، وبين باكستان والهند!؟ والجواب: لا يمكن؟ لأنه عالَمٌ فاجرٌ لا يرى الا بعين واحدة، ويمتلك ألف وجه!
يوميا وعلى مدار 20 شهرًا يسقط في فلسطين بما متوسطه 200 ضحية على الأقل فإما يدفنون تحت التراب وإما يصبحون خارج الخدمة! جسديًا أو نفسيًا، وما يخرج من جسد المتفرجين المتصلبين أمام شاشات المرناة (التلفزة) او الهواتف النقالة إلا ارتجافات أو صيحات تشبه صيحات مشجعي الفرق الرياضية سواء مدحًا اوشتمًا، ثم ما يكون من أمر الموائد العامرة! فلا تعاطف ولا إحساس ولا ذوق ولاأدب لماذا؟ لأن واجب الفلسطينيين (وكل مظلومي العالم) هو أن يموتوا ليمتّعوا المشاهدين أغبياء الفكر الديني المنحرف وأغبياء الفكر السياسي وأغبياء النصرة للفصيل على حساب الأهل وعلى حساب الشعب، وأغبياء الهتاف للقائد المزركش!