الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:14 AM
الظهر 12:46 PM
العصر 4:26 PM
المغرب 7:48 PM
العشاء 9:16 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

لماذا حكومة إنقاذ وطني ؟

في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها السلطة الوطنية الفلسطينية، لم يعد الحديث عن حلول مالية جزئية أو تدابير محاسبية كافياً لإنقاذ ما تبقى من كيان إداري ومؤسساتي، تتجاوز الأزمة الحالية حدود السيولة والجباية، لتتجسد في انهيار منظومة الثقة، وغياب الرؤية الموحدة، وتآكل فعالية المؤسسة في أداء دورها الوطني والتنموي.

 

وفي هذا السياق، يبرز مقترح تشكيل حكومة إنقاذ وطني ليس كخيار سياسي فقط، بل كضرورة وطنية واستراتيجية لإعادة ضبط المسار العام، واستعادة زمام المبادرة في إدارة الشأن العام:

 

أولاً، لأن الأزمة بنيوية متعددة الأبعاد، وليست مالية فقط، فالفجوة القائمة بين الأداء المؤسسي العام وتطلعات المجتمع الفلسطيني، تفرض معالجة شاملة لا تقتصر على بند الرواتب أو التوظيف، بل تمتد إلى إصلاح المنظومة الإدارية والقانونية والرقابية برمتها، وهو ما لا تستطيع حكومة تقليدية مقيدة أن تنهض به دون تكلفة سياسية.

 

ثانياً، لأن حكومة الإنقاذ الوطني توفّر مظلة توافق سياسي واجتماعي عابرة للانقسام، وتمتلك الشرعية الوطنية المطلوبة لاتخاذ قرارات جذرية، دون حسابات ضيقة، وهذا الغطاء السياسي الواسع يسمح بتنفيذ إجراءات حاسمة مثل تجميد التعيينات، تقليص الرواتب العليا، ودمج المؤسسات، واجراءات وقرارات ادارية كثيرة يمكن اللجوء اليها، دون خشية من ردود الفعل الشعبوية أو الضغوط الداخلية.

 

ثالثاً، لأن السلطة بحاجة إلى إعادة هيكلة عميقة تُخرجها من حالة الترهل الإداري والتضخم المؤسساتي، فحكومة الإنقاذ، إن كُلّفت بتفويض زمني ومهني، يمكن أن تُطلق عملية تصحيح شاملة تقوم على مراجعة الهياكل، وضبط الإنفاق، وتقييم الوظائف العامة، واعتماد الكفاءة والنزاهة كمعايير أساس للتعيين والترقية.

 

رابعًا، تُعدّ حكومة الإنقاذ الوطني رسالة طمأنة داخلية وخارجية، مفادها أن هناك إرادة سياسية حقيقية تتجاوز الشعارات والترضيات، فالمواطن الفلسطيني بحاجة ماسة إلى استعادة ثقته في الإدارة العامة، والمانحون ينتظرون نموذجاً جديداً في الحوكمة والإصلاح قبل تقديم أي دعم مستدام، ولا يمكن تحقيق ذلك ضمن البنية الحالية التي فقدت الكثير من قدرتها على الإقناع أو الالتزام.

 

خامساً، لأنها تمثّل فرصة للخروج من إدارة الأزمة إلى مرحلة إنهاء أسبابها، فبدلاً من الدوران في حلقة مفرغة من العجز والتقشف، يمكن لحكومة إنقاذ ذات برنامج إصلاحي وطني أن تعيد تأسيس المسار الفلسطيني على قاعدة الكفاءة، والمساءلة، والتخطيط التنموي، وصولاً إلى انتخابات عامة تعيد مأسسة النظام السياسي الفلسطيني برمّته.

 

إن تشكيل حكومة إنقاذ وطني اليوم، قد يكون هو الخيار الأكثر عقلانية ومصداقية في زمن تتناقص فيه البدائل وتتعاظم فيه المخاطر، وما يميزها أنها ليست انقلاباً على النظام القائم، بل انتفاضة إدارية من داخله، هدفها ترميم ما يمكن ترميمه، وتعبيد الطريق نحو تأسيس جديد أكثر توازناً ومهنية وشفافية.

 محامي وأستاذ جامعي

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...