الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:18 AM
الظهر 12:46 PM
العصر 4:26 PM
المغرب 7:45 PM
العشاء 9:12 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

ضمّ الضفة الغربية: مشروع استعمار وإبادة تحت أعين العالم… وأوروبا تُكسر جدار الصمت

الكاتب: بسام زكارنة

في لحظة مفصلية من مسار القضية الفلسطينية تُسرع إسرائيل بدعم أميركي مباشر خطوات ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية ، هذه الخطوة لا تُعبّر فقط عن توسع استيطاني جديد بل تمثّل مرحلة متقدمة من مشروع استعماري شامل يهدف إلى محو الوجود الفلسطيني سياسياً وديموغرافيا وثقافياً .

ما يجري اليوم ليس مجرّد تطور سياسي عابر بل استكمال لحرب إبادة طويلة الأمد تُنفَّذ بأدوات متعددة: من المجازر المفتوحة في غزة إلى التهجير القسري في الضفة واعتداءات ممنهجة يقودها المستوطنون تحت حماية الجيش الإسرائيلي ، تحرق القرى والمزارع تُغلق البلدات بالبوابات الحديدية ويُفرض حصار اقتصادي يخنق الحياة اليومية ويُسحق فيه أبسط أشكال الصمود.

هذا التصعيد يعكس نية صريحة لتصفية القضية الفلسطينية من جذورها فالمؤسسة الفلسطينية الرسمية تُدفع عمداً نحو الانهيار في إطار سياسة مدروسة تتبناها الإدارة الأميركية وتشارك فيها أطراف أوروبية وعربية. الضغط المالي وتجميد الموارد والتهميش السياسي لم تعد مجرد أدوات ضغط بل خطوات ممنهجة لإفراغ السلطة من مضمونها ودفعها نحو التفكك الذاتي لتهيئة المشهد لتسويات إقليمية لا تمثّل الإرادة الفلسطينية.

وسط هذا المشهد القاتم جاء إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (24 يوليو/تموز 2025) ليكسر جدار الصمت: إذ أكد التزام فرنسا بالاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل خطوة طال انتظارها وقد تمثّل تحولاً نوعياً في الموقف الأوروبي إذا ما اقترنت بإرادة سياسية حقيقية.

فرنسا بذلك تنضم إلى دول أوروبية أخرى سبقتها مثل إيرلندا، النرويج، وإسبانيا في الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ولكن السؤال يظل قائماً : كيف يمكن الحديث عن “حل الدولتين” بينما تُمحى إحدى الدولتين فعلياً على الأرض عبر التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي؟

حتى تصريحات رئيس الوزراء البريطاني الداعمة لحق الفلسطينيين في إقامة دولة لا تُعد كافية ما لم تتحول إلى خطوات قانونية وسياسية ملزمة فالمطلوب اليوم ليس موقفًا أخلاقياً فقط بل مساراً دولياً واضحاً لعزل الاحتلال ووقف جرائمه ومحاسبة المسؤولين عنها أمام القانون الدولي.

في الجهة المقابلة لم تتأخر واشنطن عن التعبير عن موقفها المنحاز فقد سارعت لرفض إعلان ماكرون بل ذهب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى السخرية من الموقف الفرنسي بقوله:
“ما أعلنه رئيس فرنسا بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية غير مهم ولا ثقل له.”
هذا التصريح يكشف الذهنية التي تحكم معسكر الرفض: عقلية تكرّس منطق القوة وتتنكّر للحقوق الإنسانية والقانونية للشعب الفلسطيني ، لم تعد الولايات المتحدة تكتفي بالتغاضي عن الانتهاكات بل أصبحت شريكاً مباشراً في الحرب على الفلسطينيين من خلال الدعم العسكري غير المشروط، والتغطية السياسية الكاملة و العرب تمنحها الاموال الطائلة !!! .
يبقى السؤال الأهم: أين هو المجتمع الدولي الذي روّج لـ”حل الدولتين” طوال العقود الماضية؟ أين هي الدول الراعية لاتفاق أوسلو التي طالبت منظمة التحرير بنبذ العنف والسير في طريق السلام مقابل إقامة دولة مستقلة؟

هل سيأتي الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أنقاضها؟ أم أن هناك إرادة سياسية دولية حقيقية ستنهض أخيراً لإنقاذ ما تبقّى من فرص للحل العادل؟

في ظل هذا الانقسام الحاد بين معسكر العدالة ومعسكر الاحتلال تبرز مسؤولية أوروبا والمجتمع الدولي في تحويل الاعترافات الرمزية إلى سياسة فاعلة: وقف الاستيطان رفع الحصار عن غزة و محاسبة مجرمي الحرب والضغط لإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية.

رغم هذا الواقع القاتم يبقى صمود الشعب الفلسطيني الحقيقة الوحيدة التي لا يستطيع أحد محوها هذا الصمود يُجسد أعمق معاني المقاومة ويمنح الأمل في مواجهة مشروع استعماري يستهدف الهوية والوجود.

لكن الأمل وحده لا يكفي هناك حاجة ملحّة لفعل سياسي دولي حقيقي يعيد الاعتبار للقانون الدولي ويكسر منطق الإفلات من العقاب.

الاعتراف بدولة فلسطين ضرورة قانونية وأخلاقية لا يُفترض أن يخضع لحسابات السياسة أو ازدواجية المعايير.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...