"إعلان نتنياهو" لشطب "إعلان نيويورك"!!

الكاتب: موفق مطر
سؤال عالماشي
إعلان بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الصهيونية الدينية في إسرائيل عن إنشاء ادارة مدنية في قطاع غزة، تابعة أمنيا لسلطة الاحتلال، وإبقاء قطاع غزة تحت السيطرة الأمنية، لا نراه إلا محاولة لشطب خريطة طريق "اعلان نيويورك" لتطبيق حل الدولتين، ولاختبار امكانية تعميم التجربة على الضفة الفلسطينية حال نجاحها في القطاع.
وهنا أتى طلب (بن غفير) من نتنياهو لاتخاذ اجراءات حاسمة تؤدي لانهيار السلطة الوطنية الفلسطينية، كتعبير دقيق عن مدى ادراك حكومة الصهيونية الدينية بجدية الشرعية الدولية لتطبيق "اعلان نيويورك"، وصعوبة حل التعقيدات الناشئة مع اوروبا، وتحديدا بريطانيا وفرنسا والبرتغال وايطاليا، إذا اعترفت بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول القادم، علما أن هذه الدول قد ورثت (وثيقة كامبل) الصادرة عن دول استعمارية سنة 1905، وقررت بعد اجتماعات دامت 3 سنوات العمل على انشاء كيان يهودي في فلسطين لتحقيق أهدافها الاستعمارية، والسيطرة على أقطار الوطن العربي، والتخوف كذلك من انعكاس سياساتها على العلاقات مع دول كبرى وازنة مثل كندا واستراليا، التي سيشكل قرارها الاعتراف بالدولة الفلسطينية انحيازا لمبادئ ومواثيق وقرارات الشرعية الدولية، ما يعني ابتداء تطويق سياسة دولة الاحتلال (اسرائيل) فعليا، لتهديدها الأمن والاستقرار وإمكانية احلال السلام في فلسطين والشرق الأوسط.
لذلك قررت الحكومة الألمانية - في سابقة هامة بهذا التوقيت - ايقاف تصدير معدات عسكرية لإسرائيل، وصدرت تهديدات من الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في الشراكة التجارية مع تل أبيب، وكذلك امكانية فرض عقوبات متدرجة عليها، لكن الملاحظ وسط كل هذه التحولات الهامة الايجابية، في المواقف السياسية لدول العالم من الحق الفلسطيني (القضية الفلسطينية) اصرار نتنياهو على التعامل مع ملف قطاع غزة كقضية أمنية (التخلص من حماس وقدرتها على حكم قطاع غزة) وإنسانية، بوعود لإدخال كميات كبيرة من المساعدات الغذائية والطبية!!
بات العالم على يقين من أهداف حكومة الصهيونية الدينية للسيطرة على مدينة غزة، ومخيمات وبلدات المنطقة الوسطى، فهذه تشكل نسبة 25% من مساحة القطاع، فيها أكبر نسبة سكانية في القطاع في مدينة غزة، 45% تقريبا، ولم تدخلها دبابات جيش الاحتلال بعد، الذي يسيطر على 75% من القطاع، وسيؤدي الاحتلال المباشر الى دفع أكثر من مليون مواطن الى النزوح الى مناطق في غرب وسط وجنوب القطاع (منطقة المواصي) المزدحم أصلا، وعندها سيتجسد خطر التهجير القسري نحو سيناء في مصر العربية، وسيبلغ التوتر الذي سينشأ بالقرب من محور فيلادليفيا، الموازي للحدود المصرية ذروته، وسيستخدم النزوح بمثابة ضغط مباشر على مصر العربية لإجبارها على قبول نزوح المواطنين الفلسطينيين من غزة الى سيناء,
وكل هذا يتزامن مع اشارات ترغيب أميركية وإسرائيلية لمصر، لقبول مشروع التهجير، مقابل شراء ديون مصر، وشراء ملايين الشقق في مصر لإسكان النازحين من غزة، وستلاقي الضفة الفلسطينية ذات المصير، مالم يتم اسقاط مشروع الادارة المدنية في غزة، بتعزيز ارتكاز الموقف الوطني الفلسطيني على الموقفين العربي والدولي، على قاعدة تطبيق قرارات الشرعية الدولية، على رأسها حل الدولتين.