الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:37 AM
الظهر 12:43 PM
العصر 4:22 PM
المغرب 7:27 PM
العشاء 8:49 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

العدوان على الشعب الفلسطيني برهانٌ على ان الاحتلال والقيّم لا يلتقيان

الكاتب: د. محمد عودة

الاحتلال في حد ذاته نقيض للقيم حيث يتعارض مع القيم الإنسانية والأخلاقية، فهو يمثل انتهاكًا للسيادة الوطنية والاستقلال، ويقوض أسس العدالة والمساواة، ويهدر حقوق الإنسان الأساسية مثل الحق في الحياة والحرية وتقرير المصير. كما يؤدي إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويدمر النسيج الاجتماعي ويخلق بيئة من العنف والظلم.

عبر التاريخ انتهكت الاحتلالات السيادة الوطنية للدول الواقعة تحت الاحتلال وتلغي سيادتها واستقلالها، وبإلغاء السيادة والاستقلال يتم تعريض السكان لانتهاكات صارخة لحقوقهم الأساسية وعلى راسها حرية التعبير عن رفض الاحتلال، تعرض حياتهم للخطر تحرمهم من الشعور بالأمان وتقلص الى اقصى حد الخدمات التعليمية والصحية.

ومن اجل تسهيل مهمة السيطرة على الشعوب الواقعة تحت الاحتلال يعمد المحتل وعبر كافة مؤسساته تفكيك النسيج المجتمعي من خلال ابعاد الناس عن بيئتهم، العمل على تدمير البنى التحتية، ترويج الآفات التي تسهم بالتراكم في تفكيك المجتمعات وبث الاشاعات بغية التأثير في قيم السكان سلبا.

بحكم ان طبيعة الانسان ترفض الخضوع وتعادي الاحتلال فان الاحتلال يتعمد فرض نظامًا قمعيًا يعتمد على العنف والقوة، مما يؤدي إلى تفاقم الصراعات والنزاعات لا بل يغذيها ويؤججها وفي هذا الإطار يعزز التمييز بين السكان ويضاعف الظلم يحول دون تساوي الفرص مما ينمي الكراهية بين العامة والمحظوظين بالفرص.

تعمل الاحتلالات على طمس الهوية الثقافية والوطنية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال بما في ذلك تغيير الأسماء والمصطلحات وتدمير المعالم التاريخية والاثرية وفي اغلب الأحيان يعمد الى سرقة التراث الفني والغذائي، من اهم أسباب الاحتلال هو استغلال لا بل والسيطرة على الموارد الطبيعية وتصل الأمور في اغلب الأحيان الى حرمان السكان الوقعين تحت الاحتلال من التمتع بموارد بلدهم كالماء والمعادن والبترول والغاز وتصل الأمور في بعض الاحيان الى حد التجويع والتعطيش بالرغم من وفرة الماء والغذاء.

باختصار شديد فان الاحتلالات وان تنوعت فهي تتناقض كليا مع القيم الإنسانية والأخلاقية وتشكل اعتداء على كرامة الانسان وحقوقه وتعيق نموه وتقدمه ، هكذا كانت الاحتلالات عبر التاريخ الا الاحتلالات الاحلالية كما هو حال الاحتلال الأوروبي لبلاد الاباتشي والشروكي وغيرهم والذي كان نتيجة هرب المستعمرين من العنف الداخلي في دول أوروبا في العصور الوسطى والذي ادى الى مقتل الملايين حيث افضى هذا الاحتلال الى تطهير عرقي للسكان الأصليين نتج عنه دولة جديدة لا علاقة لها بالسكان الأصليين تسمى الولايات المتحدة الامريكية.

اما الاحتلال الاحلالي الاخر وهو نتاج ظروف شبيهة حيث تعرض اليهود للاضطهاد والقتل في غالبية الدول الأوروبية مما دفعهم الى التفكير في اختراع وطن لهم على الرغم من تنوع ثقافاتهم وجنسياتهم واعراقهم، ولكي ينجحوا في ذلك كان لا بد من اللجوء الى الميتافيزيقيا واختراع وعود وتغليفها بطابع ديني غيبي يسهل عليهم تجسيد الحلم.

كان هذا التفكير يصب في مصلحة دول الاستعمار التي بها مواطنين يعتنقون الديانة اليهودية او يدّعون ذلك، الاستعمار كان يخشى من بروز قوة بديلة في جنوب البحر المتوسط والتي لديها كل المقومات لتصبح بديلا، إضافة الى رغبة الاستعمار في التخلص من اليهود، كل ما سلف أنتج فكرة اقامة الكيان جنوب البحر المتوسط مما يصيب عصفورين بحجر واحد، التخلص من اليهود والحيلولة دون وحدة عربية تزاحم اوروبا على قيادة العالم.

إن النص الديني المخترع يقول الارض التي بلا شعب تعطى للشعب الذي لا ارض له وعليه نستطيع فهم المعادلة الحالية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالإسرائيليون يريدون ان يبرهنوا على صدق النص الديني المزيف وذلك من خلال العمل على تفريغ فلسطين من سكانها لتصبح ارض بلا شعب يمكن عندها ان تمنح لشعب يتم اختراعه منذ عقود يسمى الشعب الإسرائيلي.

ان قيادة إسرائيل التي اعتمدت نصوص دينية أخرى تبيح قتل غير اليهود وتقديمهم قرابين للآلهة عمل عبر عدوانها على الشعب الفلسطيني الذي يقارب عمره على خمسة عقود منذ منح اليهودي يوسف ناسي الحق في تملك مدينة طبريا، وانطلاقا من ذات النصوص يقوم الجيش الصهيوني بكل مكوناته بقتل ما أمكن من الفلسطينيين بغية تحقيق هدفين رئيسيين، الأول التخلص من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين واستخدام القتل في ترويع الباقين ودفعهم لطلب الهجرة لكي تبدو طوعية وهي في الحقيقة قسرية.

عبر ما يزيد على سبعة عقود كان قادة الكيان الإسرائيلي يشيعون انهم الدولة الأخلاقية الوحيدة في المنطقة وان جيشهم الأكثر أخلاقية بين جيوش العالم، ان من يقتل ما يزيد على مئة الف فلسطيني جلهم من الأطفال والنساء لا يمكن ان يكون أخلاقيا، كما ان من يحرم العزل من الغذاء والدواء والماء وباقي مقومات الحياة لا يمكن ان يكون لديه أي اخلاق، ان من يريد احضار يهود العالم الى فلسطين مقابل طرد الفلسطينيين لا يمكن ان يكون قد سمع عن وجود قيم واخلاق، ان من يدعو لتجويع وقتل اسرى ذنبهم رفض الاحتلال لا يمكن ان يكون يوما قد اشتم رائحة القيم، ان تهديد اسير فلسطيني محكوم ظلما بخمس مؤبدات لا يمكن ان يكون لديه أي صلة جوار بالقيم، انا لا اتحدث عن القيم الفردية فهي بالتأكيد موجودة في كل المجتمعات بما فيها الإسرائيلي، اتحدث عن قيم صناع القرار ومؤسساته.

اما المجتمع الدولي الذي يتغنى بالقيم والأخلاق فان عليه ان يعمل منذ الامس على حماية هذه القيم، أقول للغرب الرسمي ان أولى ضحايا بربرية إسرائيل وهمجيتها هي قيمكم، فان كنتم صادقين اعيدوا البوصلة وعاقبوا الاحتلال الذي كشف عدوانه عن وحشية متأصلة موهها بشعارات زائفة عن الديموقراطية والقيم، اعيدوا حساباتكم واوقفوا دعمكم للكيان الوحيد على البسيطة والذي لا يعرف شيئا عن القيم، أسهموا في تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقة الطبيعي في تقرير مصيره، لكي يسهم مع بقية شعوب العالم في بناء عالم فيه عدل ومساواة وقيم يحترمها الجميع.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...