العيش بين حدّ السيف والأساطير!؟

الكاتب: بكر أبوبكر
أن يعيش شخص في قوقعة الخرافات والأساطير فإنه يرتكب ما أمكنه من جرائم واعتداءات لتحقيق هذه الأساطير "المقدسة" التي تلحّ عليه بشكل مَرَضي وتطالبه (بإيمان عميق!؟) في منامه وصحوه أن يحققها، حتى ليظن نفسه بطلًا مغوارًا أو نبيًا ملهمًا يوحَى له، أو مسيحًا منتظرًا، وهذا ما هو عليه مجرم الحرب "نتنياهو" اليوم الذي يجندل الرؤوس ويقتل ويفتك ويجوّع ويدمّر مرتكبًا إبادة جماعية عظمى، وجرائم حرب وإفناء عرقي في قطاع غزة لم يحصل مثله منذ الغزو الألماني لبولندا عام 1939م!
المهم أن نتنياهو و زُمرَة اليمين المتخلف ومثله عند " المسيحية-الصهيونية"، وبعض أعراب المسلمين يقفون مشدوهين عند نصوص الأسطورة وكأنه، أو كأنهم يد الرب لتحقيقها، تباً لهم.
وفق عقل التطرف الأشهر "زئيف جابوتنسكي"، صديق "تسيون" والد نتنياهو المتطرف أيضًا، وأضرَابهم ووفقًا للأساطير والخرافات لديهم فإن حدود فلسطين التي يسمونها "إسرائيلهم" تشمل: فلسطين بأكملها: بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة، وشرق الأردن: أي الأردن الحالية، وأجزاء من العراق يحدها نهر الفرات، وأحيانًا تضم الكويت، وصحراء سيناء من مصر(وغالبًا حتى نهر النيل)، ومنطقة الحجاز في الجزيرة العربية جنوبًا. وفي الحد الأدنى من مقولات جابوتنسكي الجدلية فإنه قال: "لنهرِ الأردن ضفتان، هذه لنا، وتلك أيضا".
والى ما سبق كما يورد الكاتب مصطفى بكري بكتابه "نتنياهو وحلم "إسرائيل" الكبرى" (عام 2024م) فلقد كان والده الحاقد الأبدي على ما سواه يقول له أن: "العرب أقل من أن تحدثهم أو تنظر إليهم"! فما بالك بجد نتنياهو أيضًا الذي كان يكره (التراب الذي يمشي عليه العرب) ويتمنى أن يختفوا!. وكان الأب يردد أيضًا أمام أولاده بأن العرب.. "دنسٌ".. وأن الكلاب أفضل منهم حتى لو أقاموا في البلدان المجاورة لنا"!؟ ومن أقواله كذلك "إنك إذا سرت في الطريق مع كلب.. أفضل من أن تسير مع عربي".! وكان يردّد على مسامع أولاده بأنه لا مجال للتعامل مع العرب إلا بإبادتهم.. وأنه لا حلول وسط في هذه المسألة."!
كان الملهم لنتنياهو "جابوتنسكي" يدعو دومًا إلى ترحيل مَن يسميهم بـ"عرب إسرائيل"! من فلسطين وشرق الأردن إلى العراق وسوريا أو أي مناطق أخرى، وهي ذات الدعوة المتجدّدة اليوم عبر عديد المشاريع الصهيونية ثم الترمبية الصهيونية بالتهجير والاحلال.
إن بعض اليمين الإسرائيلي، و"نتنياهو" الذي يعتبر جابوتنسكي (اليهودي الأوكراني الجنسية) معلمه وملهمه ومرشده الروحي وصاحب نظرية "القوة الساحقة الماحقة المذعنة ضد العرب" أي ما يفعله اليوم "نتنياهو" في غزة والضفة كما في لبنان وسوريا من الأراضي التي سيطر عليها هو ليست نبتًا بلا جذور بل هو امتداد لهذا الرجل، كما هو امتداد لكل من "بيغن وشامير" عظماء اليمين المتطرف، وبالتالي فإن ما يفعله تلميذهم اليوم "رسالة الرب" وتعاليم المرشد الروحي و على درب العصابات الإرهابية والفاشية (بيتار، وإرغون وشتيرن) وهو مما لم يغفل عن ذكره منذ كتابه الاول "مكان تحت الشمس" وأفعاله تفصح أكثر عن نواياه فلا تتعبوا أنفسكم في تعقب جذوره الفاسدة تاريخيًا وفكريًا وسياسيًا.
يقول "إرن كابلان" رئيس قسم الدراسات الإسرائيلية في جامعة سان فرانسيسكو في بحث نشره بعنوان "لمحة عن الأيديولوجية التي توجه نتنياهو" أن هجوم فصيل (حماس) على الإسرائيلي "في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 شكل فرصة لنتنياهو للإيمان أكثر بنظرية الجدار الحديدي لجابوتنسكي، حيث أطلق العنان للقوة الساحقة من خلال حرب هائلة ومدمرة على قطاع غزة".
"جابوتنسكي" (الذي تحالف مع موسوليني الفاشي!) وهو الغريب عن فلسطين، والمتأثر بالمذابح الروسية ضد اليهود الروس (1881-1882م) أسقط كل غضبه على بلد بعيد عن بلاده وقوميته الأوكرانية، أي فلسطين والعرب وهو الذي اعتبر "أن السكان الأصليين عبر التاريخ لن يقبلوا أبدًا إحلال شعب آخر في وطنهم، وبالتالي لا بد من محاربتهم وسحقهم من أجل السيطرة على الأرض"، فكانت نظريته الأثيرة المسماة "الجدار الحيدي" قوة ماحقة فإن لم تنفع فمزيد من القوة! وهو ذات ما يفعله النجم المتلأليء في سماء خرافات التوراة، وجابوتنسكي، وانبياء العهد القديم أي نتنياهو، وبكل الأثمان فمادام الرب راضٍ عني فلا أبالي (ألا يذكرنا مثل هذا الفكر بالفكر المتطرف والفكر الإرهابي لدى تنظيمات إرهابية مسيحية: أنظر جيش الرب في كينيا، وبوذية: جيش كارين البوذي في ميانمار، وإسلاموية أيضًا).
يقول نتنياهو في كتابه مكان بين الأمم أو مكان تحت الشمس (عام 1995م) ص (469-470) أن "مسألة الضعف اليهودي تحتل مركز التجربة المأسـاوية التـي اجتازهـا الـشعب اليهـودي"-لم يكن عبرالتاريخ شيء اسمه الشعب اليهودي لمراجعة الكاتب التقدمي اليهودي شلومو ساند بكتابه اختراع الشعب اليهودي-ويضيف نتنياهو "تـشكل جانبا واحدا لعملة الوجود اليهودي. اما الوجه الثاني، فهو إعادة تعبئة القوة اليهودية في جيلنا الحالي. وهذان هما القطبـان اللـذان تحـرك بينها تاريخ الشعب اليهودي في العصر الحديث." وفي ص 503 يؤكد على فكرة القوة بالقول أن" القوة، هي حجر الزاوية لكل جهد يستهدف كسب حلفـاء جدد، والمحافظة على تحالفات قائمة. ولكن دون حملة تستهدف اثارة التأييد السياسي العـالمي، لـن تكـون القوة العسكرية والاقتصادية كافية لضمان استمرار هذا الـدعم مـن قبـل دول العـالم. وبـنفس الدرجـة، لا يعتبر التأييد الدولي، بديلاً عن الدفاع الذاتي"-أي القوة العسكرية الداهمة كما يحصل اليوم (2023-2025م) بكثافة الإجرام والإبادة الجماعية.
لم يكن العالم اليهودي الشهير "انشتاين"-الذي رفض أن يكون رئيسا للكيان حين نشأته-مع الصهيونية بل وناوأها حيث اعتبر أن حزب "حيروت" –ومؤسسة مناحيم بيغن (لاحقًا الليكود، ونتنياهو اليوم كقائد له) يشبه إلى حد كبير في تنظيمه وفلسفته السياسية الأحزاب النازية والفاشية.
قال "نتنياهو" 13/8/2025م، إن "الدبلوماسية ليست السبيل المناسب لإنهاء الحرب في قطاع غزة"!؟ وقالت الصحف العربية وعلى رأسها صحيفة الشرق الاوسط (14/8/2025م)"أشعل حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن كونه في "مهمة تاريخيّة وروحية" مرتبطة بـ"إسرائيل الكبرى"، غضباً عربياً واسعاً، ......"! وكان نتنياهو تسيون "الجابوتنسكي" قد تحدَّث لقناة «i24» الإسرائيلية، عما أسماه "الحلم الإسرائيلي" بوصفه "مهمة أجيال"!؟ يُسلمها جيل إلى جيل، وكيف أنه يشعر بأنه في مهمة "روحية وتاريخية" من أجل "الشعب اليهودي"!؟ وفي 19/3/2025م . قال الكاتب التقدمي اليهودي ألون بن مائير "يتوق نتنياهو إلى نفي الفلسطينيين من غزة، بفضل ترامب، الذي لا يدرك الرّعب الذي سيتكشفه إذا تصرّف بناء على فكرته الهوجاء. ومع ذلك، فإن حلم نتنياهو ب"إسرائيل الكبرى" لن يكون سوى كابوس دائم."