الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:43 AM
الظهر 12:42 PM
العصر 4:20 PM
المغرب 7:19 PM
العشاء 8:39 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

هل المواجهة حتمية مع مصر؟!

الكاتب: د. نهلة الخطيب - سوريا

على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على اندلاع فتيل القضية الفلسطينية مازالت واحدة من أعقد القضايا السياسية على الساحة الدولية، ويعتبر تاريخ القضية الفلسطينية معقداً وطويلاً اذ يتداخل مع التغيرات الجيوسياسية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط من وعد بلفور مروراً بإقامة الدولة اليهودية وصولاً إلى الصراع العربي الإسرائيلي المستمر والحروب المستمرة في غزة والتدخلات الاقليمية والدولية التي أثرت بشكل كبير على الوضع الانساني والسياسي والاقتصادي وشكلت تهديداً لمستقبل المنطقة بأكملها، مشروع اقامة إسرائيل الكبرى قيد التنفيذ من سنوات، أليس هدف الحركة الصهيونية منذ تأسيسها!، بدأ من فلسطين وسيمتد إلى أراضي دول عربية ذات سيادة، فالمنطقة العربية فيها أكبر تجمع لأنظمة غير ديمقراطية في العالم العراق وسوريا ومصر اتخذ القرار لتحضيرها لتكون جاهزة للسلام مع إسرائيل، غُيرت منطقة الشرق الأوسط بالفوضى الخلاقة و"الشعب يريد اسقاط النظام" بدأت بتونس ثم انتقلت إلى مصر ثم ليبيا واليمن ثم سوريا، وشهدت المنطقة تحولات وأحداث مؤلمة وعنيفة وفشلت أجندة الحرية التي كانت تروج لها أمريكا، فهل نستشعر الخطر!!، لكأن ما يحدث في غزة لا يعنينا، تصفية الشعب الفلسطيني، ترحيل مليوني فلسطيني من غزة واستيطان يهودي مكثف في الضفة الغربية وسيتبعه تهجير من داخل الخط الأخضر، احتلال الجنوب اللبناني والجنوب السوري، والهدف الأردن الأقرب جغرافياً والأضعف عسكرياً، وأخيراً مصر، فلابد من مواجهة عربية على كافة الأصعدة، ولكن كيف، وأين؟!

حرب 48 كانت أول مواجهة مباشرة بين إسرائيل ودول الطوق مصر والأردن والعراق سوريا ولبنان، انتهت بهزيمة العرب واقامة الدولة اليهودية والاعتراف الدولي والأممي بها، وتقسيم فلسطين وطرد آلاف الفلسطينيين من أرضهم، وحرب 67 كانت ثاني الحروب الكبرى بين إسرائيل والعرب خاصة سوريا ومصر انتهت بهزيمة أخرى للعرب، الحرب أعادت تشكيل الخريطة السياسية والجغرافية لفلسطين، واحتلت إسرائيل الجولان وسيناء وسيطرت على مصادر المياه في نهر الأردن، احتلت الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وأقامت مستوطنات يهودية على الأراضي الفلسطينية لخلق توازن ديمغرافي فيها، فالقنبلة البشرية في غزة أخطر من قنابلهم وهو ما يؤرق إسرائيل، فكانت النكبة والنكسة من أهم المحطات التاريخية التي غيرت موازيين القوى في المنطقة "إسرائيل تسيطر وتهيمن"، وشكلت الواقع الفلسطيني تشريد الملايين من الشعب واحتلال مزيد من الأراضي مما ساهم في خلق روح المقاومة والنضال من أجل استعادة الأرض والحقوق.

على الرغم من انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005 الا أنها مارست عليها سطوة المحتل حصار مطبق واغلاق للمعابر والمنافذ الحدودية، استفراد حماس بالسلطة في غزة عام 2006 بدعم من قوى اقليمية واستعراضها لقوتها العسكرية وتطويرها صواريخ بعيدة المدى، وزاد الطين بلة الخلاف الداخلي الفلسطيني بين حماس والسلطة، مما زاد التصعيد والاعتداءات الإسرائيلية على القطاع وجعل الرد الإسرائيلي أكثر شدة، فكان الرد على طوفان الأقصى حرباً بربرية لا نظير لها بالتاريخ أطول حروب إسرائيل التي خاضتها منذ تأسيسها، لا تتوانى إسرائيل اليوم عن ابادة الآلاف من سكان غزة، فيما كثيرون أخرون لا يزالون تحت الأنقاض، ومن تبقى مشردين يتضورون جوعاً، طرح علني لتهجير جماعي للفلسطينيين قسراً، ودفع مليوني من سكان القطاع إلى الصحراء، محاولة إسرائيل تغطية الفشل بارتكاب المذبحة تلو الأخرى، والرغبة في حسم الصراع بالقوة والتدمير والقتل والتجويع، بتغطية أمريكية فمخطط غزة لمشروع ترفيهي لترمب جاهزاً من سنوات، وعجز الأمم المتحدة التي أعلنت اليوم غزة "منطقة المجاعة الأولى في الشرق الأوسط".

بعدما استنفذت إسرائيل على مدى عامين امكاناتها العسكرية والاقتصادية، لا بل واستنفذت رصيدها الداخلي في ظل ارتباك داخل المؤسسة العسكرية بعد استدعاء 60 ألف جندي للاحتياط لاحتلال غزة، ورصيدها الخارجي للرأي العام الدولي كدولة ديمقراطية في الشرق الأوسط، تعيش عزلة دولية متزايدة وملاحقة من قبل محاكم دولية بتهم جرائم حرب، يبدو أن إسرائيل فقدت البوصلة بين الخيار العسكري والخيار الدبلوماسي صفقة تحت النار قتلى وجياع ومشردين ومن يسأل!! مفاوضات للمفاوضات فقط بدأت من أجل تسليم الأسرى، لا حل أو حتى أي أفق للحل، يعلق نتنياهو فشل المفاوضات على حماس وها هي حماس ترمي الكرة بملعبه، ولكن لن يقامر نتنياهو بمستقبله السياسي من مصلحته استمرار الحرب، "عندما أرى أنني أنجزت كل ما علي انجازه، ومازال لدي الكثير من المهام، فسأستمر"،  فتح أربع جبهات ومن حرب إلى حرب والهدف لم يتحقق، وأخيراً قدم نفسه "كمخلص، يؤدي مهمة تاريخية وروحية" بإعادة مملكة داوود وسليمان إلى حدودها التوراتية، فنحن قاب قوسين من إسرائيل الكبرى وقد بات المشرع جاهزاً وأمراً واقعاً، المخلص يريد صفقة شاملة ونصراً مبيناً بتحرير الأسرى، وقد تمت الاستعدادات لاحتلال غزة وتهجير سكانها إلى سيناء عنوةً، "بعد فشل الضغوط على مصر بإدارة غزة، واستقبال فلسطينيي القطاع في محاولة لاستغلال تأزم الأوضاع الاقتصادية في مصر وتسوية وجدولة ديونها وصولاً إلى الغاءها"، وهوما تخشاه مصر، وما تواجهه من تحديات كبيرة تمس أمنها القومي لاسيما بعد تصريحات نتنياهو حول مشروعه الذي يقتطع الجزء الشرقي من أراضي مصرية، وحرب غزة والمشروع الصهيوأمريكي في سيناء واشعال الحدود مع مصر.

منذ اتفاق كامب ديفيد 1979 وخروج مصر من دائرة الصراع، مازالت إسرائيل في حروب مستمرة في المنطقة، تنظر إلى مصر من خلال قدراتها العسكرية جيشها الأقوى عربياً وحاجز لا يمكن تجاوزه بسهولة قد يكون أحد أهداف المشروع الصهيوني القادم، الهدف الأكبر والأصعب، وهل يحتاج قطاع غزة لاستدعاء 60 ألف جندي لاحتلاله وقد أصبح ركاماً، أم لهدف أخر، فهل بدأت مصر تستعد لذلك، وتستعيد دورها الاقليمي لطالما انتظرته؟!

الآن تتصدر مصر المشهد بتوجه مصري نحو رسم ترتيبات اليوم التالي للحرب في قطاع غزة والذي تريده فلسطينياً خالصاً تحت اطار السلطة أو المنظمة أو الدولة، بالتوازي مع الجهود الساعية لوقف الحرب واطلاق سراح الرهائن، زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني لمعبر رفح يؤكد هذا التوجه ليس فقط ادارة ذاتية واعادة اعمار بل خطوة لمواجهة المشروع الصهيوأمريكي لتصفية الشعب الفلسطيني وفرصة لتحقيق حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، مستثمرة الجهود الدولية والمواقف الدولية تجاه إسرائيل والتوجه الغربي الجديد نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، مصر تستعد لمواجهة كل الاحتمالات الإسرائيلية، فلا مناص من عمل عربي مشترك بأي وسيلة وبشكل عاجل زيارة مفاجئة للسيسي إلى السعودية بعد قطيعة ولقائه بالأمير محمد بن سلمان بقرب انفجار الحرب على القطاع وتدمير غزة بالكامل وتنفيذ التهجير ومصر لن تسمح وسترد، تحركات وحالة طوارئ غير معلنة بالجيش المصري بحشد 40 ألف جندي في سيناء لقتال إسرائيل وهم ينتظرون هذا اليوم، والتهديد بتجميد اتفاق السلام لحين زوال التهديد الإسرائيلي لأراضيها.

تظل السيناريوهات المستقبلية للقضية الفلسطينية مفتوحة بظل التحديات التي تواجهها مع حكومة نتنياهو المتطرفة ما بين الدبلوماسية والتصعيد العسكري وبين الانقسامات الداخلية الفلسطينية مع استمرار الانقسام الداخلي تبقي فرص الحل السلمي بعيدة المنال مما يزيد المشهد الفلسطيني تعقيد التحديات الاقليمية والدولية كلها عوائق أمام أي تسوية عادلة ودائمة قد تكون هناك محاولات للتوصل إلى حل سياسي لكن فرص النجاح ستكون مشروطة بتغيير موازين القوى الاقليمية والدولية، في ظل أجواء تشير إلى أن اتفاق أمريكي روسي حول الشرق الأوروبي ستكون تداعياته الغامضة على الشرق الأوسط  بعدما كان مسرحاً لكل أشكال الصراعات.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...