الإدارة الأميركية وإسكات الصوت الفلسطيني

الكاتب: سري القدوة
قرار الإدارة الأميركية بعدم منح الوفد الفلسطيني تأشيرات دخول إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يتعارض مع القانون الدولي و"اتفاقية المقر"، خاصة أن دولة فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة، والعمل على إعادة النظر والتراجع عن قرارها، خاصة أن دولة فلسطين أكدت التزامها بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وجميع التزاماتها تجاه السلام .
ووفقا لوسائل الإعلام وفي خطوة تصعيدية جديدة، ألغى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تأشيرات دخول الرئيس محمود عباس ونحو 80 مسؤولًا فلسطينياً آخر، قبل أسابيع من انعقاد الدورة السنوية رفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي كان الفلسطينيون يشاركون فيها بوفود رسمية منذ عقود .
ويأتي هذا الموقف المستغرب والغير مقبول من الإدارة الأمريكية في ظل تصعيد حكومة الاحتلال حرب الإبادة والتصفية بحق الشعب الفلسطيني ووسط تزايد عزلة الاحتلال في المحافل الدولية، حيث بلغ عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين حتى الآن 147 دولة من أصل 193 عضوًا بالأمم المتحدة، كما أن الحرب المستمرة في غزة، التي أسفرت عن سقوط عشرات الآلاف من الضحايا واندلاع أزمة إنسانية غير مسبوقة، عززت المطالب العالمية بإعادة النظر في نهج الحل السياسي .
نستغرب إصرار إدارة الرئيس ترامب على الوقوف في وجه العالم اجمع وان تكون هي الدولة الوحيدة التي تعكس توجهات حكومة الاحتلال ولا تحترم إرادة المجتمع الدولي وتحارب الشعب الفلسطيني وتصر على تنفيذ مثل هذا القرار بعدم منح الوفد الفلسطيني تأشيرات دخول إلى نيويورك حيث يعد انتهاكا صريحا لاتفاقية المقر الخاصة بالأمم المتحدة، التي تلزم الولايات المتحدة بصفتها الدولة المضيفة بعدم عرقلة دخول ممثلي الدول والمنظمات الدولية إلى مقر المنظمة في نيويورك .
وتعكس الخطوة الأميركية تصعيدا في موقف إدارة ترامب الحالية تجاه السلطة الفلسطينية، ضمن سياسة أوسع تقطع مع التقاليد الدبلوماسية السابقة، خصوصا في ما يتعلق بملف حل الدولتين، وكانت واشنطن قد حرمت الزعيم الفلسطيني الراحل الرئيس ياسر عرفات من تأشيرة دخول عام 1988، ما اضطر الأمم المتحدة إلى نقل جلستها إلى جنيف لتمكينه من إلقاء كلمته .
قرار واشنطن مؤسف للغاية ويمثل ضربة للدبلوماسية الدولية والذي جاء في وقت اكتسب فيه حل الدولتين زخما جديدا، وتحققت التزامات ملموسة، وتزايد الدعم الدولي، فإن إسكات الصوت الفلسطيني لا يعد فقط ظلما، بل يؤدي إلى نتائج عكسية ويجب على الأمم المتحدة أن تبقى منبرا لجميع الشعوب، وإذا تعثر عقد الجلسة ضرورة نقلها الى أي مكان أخر في العالم وضمان حرية الرأي وممارسة الديمقراطية، فلا مجال ان يصادر الموقف الدولي وينتقل الفيتو الأمريكي الى مقر الجمعية العامة ويتم قرصنة حقوق الشعوب ومواقفها بهذه الطريقة المهينة والمعيبة حيث مارستها إدارة الرئيس ترامب كونها الوحيدة في العالم ألان تقف وتدعم حكومة الاحتلال بحربها الوحشية واستيطانها القائم على مخالفة القوانين الدولية .
القرار الأميركي باستبعاد القيادة الفلسطينية يقوض مبادئ التعددية والقانون الدولي ويتزامن مع تحركات متزايدة من قِبل عدد من حلفاء واشنطن أبرزهم فرنسا، كندا، بريطانيا وأستراليا للاعتراف بدولة فلسطين خلال فعاليات الجمعية العامة الشهر المقبل ويعد ذلك مؤشراً واضحا على تغير مواقف الدول الغربية تجاه الدولة الفلسطينية وعلى خلفية جرائم الإبادة الجماعية وتداعيات حرب غزة المتواصلة وتصاعد الغضب الدولي من سياسات الاحتلال الإسرائيلي .