القضية الفلسطينية وممثليها على حافة الهاوية ألا أذا ..

الكاتب: احمد صيام
في الوقت الذي تتسارع فيه خطوات التهويد ، ومحاولات تكريس السيادة الاسرائيلية الكاملة على القدس والضفة الغربية وقطاع غزة ، في استغلال واضح للحالة الفلسطينية المترهلة والعربية الهزيلة والاوروبية المترددة والامريكية الداعمة بالمطلق للحليف الازلي " اسرائيل " .
والبرغم من رداءة الصورة الاسرائيلية الحالية في المشهد الدولي الشعبي ، والرسمي بشكل اقل حدة ، والذي بات يميل الى فرض شكل من اشكال العزلة على الدولة العبرية ، لإمعانها بالغطرسة واعمال القتل والتدمير والتشريد والتهجير والتجويع والابادة الجماعية التي تمارسها بحق ابناء الشعب العربي الفلسطيني ، هناك غياب رسمي فلسطيني واضح وغير مبررعن مجمل التطورات والتحديات والاحداث الجارية .
منظمة التحرير الفلسطينية بتركيبتها الحالية ، وولديتها السلطة الوطنية بتشكيلتها الحالية ، باتتا على المحك ، او كما يقال بالمثل العامي " على كف عفريت " ، والانهيار والزوال او الاستبدال ، قاب قوسين او ادنى ، والقضية الفلسطينية على حافة الهاوية ، وفق المعطيات الجارية على الارض ، ان لم يكن هناك صحوة فلسطينية جادة بمستوى التحديات الراهنة .
حكومة الاحتلال الاسرائيلية التي يقودها الثالوث اليميني المتطرف " نتنياهو ، بن غفير وسمودريتش " في سباق مع الزمن ، يضغطون باتجاة استغلال فرصة ذهبية قد لا تتكرر، بوجود الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب ، المهووس بالهيمنة والسطوة والعجرفة ، والمؤيد بلا هوادة مع سياسات الاحتلال وممارساته ، بتحقيق الاحلام التوراتية والبدء بانشاء ما يطلقون عليه " اسرائيل الكبرى " ، على " الانقاض الفلسطينية والعربية " ، وباتوا لا يألون جهدا في تمرير مخططاتهم والافصاح عنها بشكل صريح لا يقبل التأويل او التحليل او التقليل من شأنها ومخاطرها وتبعاتها ولا التنديد او الاستنكار او التحذير .
ولعل ابرز واخطرهذه المخططات التي تُعد سرا وجهرا ، وتتم بموافقة امريكية مطلقة :
1 . العدوان الجاري في قطاع غزة والمستمر منذ اكثر من 700 يوما ، والاعلان عن نية قوات الاحتلال بسط السيطرة على كامل القطاع واجبار السكان على النزوح من جديد الى مناطق الجنوب وخارج القطاع واستخدام سياسة الارض المحروقة والاطماع بالسيطرة عليها وتحويلها الى ريفيرا الشرق الاوسط .
2 . الخطة الاسرائيلية التي تسربت وتنص على تقسيم محافظة بيت لحم الى ثلاث اجزاء وازالة مخيم الدهيشة ، وفيها تكون مدينة بيت لحم تحت حكم ادارة مدنية مختصة بالشؤون الدينية ، ووضع كنيسة المهد تحت رعاية الفاتيكان الذي سيدير الشؤون الدينية والحج الى منطقة بيت لحم ، وإلحاق بيت ساحور الى مستوطنة معالي ادوميم ، وعزل مدينة بيت جالا نهائياً عن بيت لحم وربطها بالمستوطنات القريبة منها (هار جيلو / جيلو / تجمع استيطان عتصيون) ، والعمل على تهجير جميع حاملي الجواز السفر الاردني الدائم والمؤقت (مسلمين ومسيحيين) .
3 . ما اشيع مؤخرا عن نية الاحتلال فصل مدينة الخليل عن الاراضي الفلسطينية وانشاء ما أُطلق عليه " إمارة الخليل " ، بدعوى عريضة تقدم اليها بعض النفوس الضعيفة ، والتي نفاها سكان الخليل ، وحذروا من الانجرار وراء مشبوهين .
4 . المداولات الجارية في الاوساط الحكومية الاسرائيلية عن ضم الضفة الغربية ، كليا او جزئيا ، وبسط السيادة الاسرائيلية عليها ، وخلق ظروف طاردة للسكان الفلسطينيين الاصليين تدفعهم الى الهجرة الطوعية .
5 . التحضيرات اليمينية الاسرائيلية المدعومة من الحكومة ، ببسط السيطرة على المقدسات الاسلامية والمسيحية ، وعلى رأسها المسجد الاقصى المبارك ، المُبيت له الهدم واقامة الهيكل المزعوم على انقاضه -لا قدر الله - وبالتالي تحقيق الاحلام التوراتية .
6 . تُوجت المخططات ، بتشديد الخناق على القيادة الفلسطينية بعد اعلان الادارة الامريكية عن رفضها منح تأشيرات دخول للوفد الفلسطيني الذي يرأسه الرئيس محمود عباس ، الى نيويورك للمشاركة باجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة ، لحض القيادة الفلسطينية التراجع عن نيتها الاعلان عن تحويل السلطة الفلسطينية الى دولة تحت الاحتلال ، بعد قراءة الرئيس ابو مازن لنوايا دول اوروبية في مقدمتها فرنسا وبريطانيا ، الاعتراف بالدولة الفلسطينية .
7 . الاستمرار في تشديد الحصار على الشعب الفلسطيني ، بمواصلة إحتجاز امواله الشرعية ( المقاصة ) وإظهار السلطة الفلسطينية بمظهر العاجز عن تلبية احتياجات شعبها ، ومن جانب اخر ، تصعيد الحملات العسكرية في الضفة الغربية والاعتقالات والتنكيل بالاسرى وتسليح المستوطنين وغض الطرف عن اعتداءاتهم الوحشية بحق سكان الضفة الغربية . .
هذه المخططات ، والتي تُعبر ضمنا عن تنصل حكومة الاحتلال كليا من الاتفاقيات مع الجانب الفلسطيني ، وعن النوايا الواضحة لتشكيل سلطة فلسطينية يقودها شخوص على مقاسها وتحت ادارتها ، ألا تستدعي من القيادة الفلسطينية موقفا اكثر جدية وحزما ؟ خاصة لم نشاهد في الاونة الاخيرة اي اجتماع لاي من هياكل القيادة !! ألا يجدر بالقيادة الفلسطينية الاعلان عن الشروع بحوار وطني جاد يشمل الكل الفلسطيني بكل مكوناته والخروج بموقف واحد موحد واستراتيجية وطنية ، يواجه التحديات ويضع العالم اجمع امام مسؤولياته والضغط للتدخل لوقف النزيف الفلسطيني البشري والجغرافي ؟ الكل الفلسطيني بكافة الالوان ، مُطالب بدراسة وتشخيص عميق لكل التحديات واعادة النظر بكل ما سبق من اعمال نضالية سواءا بالمفاوضات او بالمقاومة ، واستغلال تحرك المياة الدولية الراكدة تجاه القضية الفلسطينية ، وذلك من خلال :
محليا : تحصين الجبهة الداخلية بالعودة الى الشعب واستعادة الثقة المفقودة منه ، وذلك من خلال تحسين الاداء الحكومي والحد من الفساد المستشري ، ومكاشفة الجماهير بالحقائق حتى لو كانت مؤلمة ، واعادة الاعتبار الى منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب العربي الفلسطيني ورفع الهيمنة الفردية عنها ورفدها بقيادات وطنية شابة معطاءة ، تتمتع بتاريخ نضالي مُشرف وخُلق وطني رفيع وتحظى بقبول الشارع ، تستطيع قيادته الى اقرب نقطة من بر الامان ، وحتى لو كان هناك – ومن كل بد سيكون – ثمنا باهظا .
عربيا : التوجه الى الامة العربية رسميا وشعبيا بموقف واحد موحد ، والضغط لانتزاع موقف عربي موحد اكثر جدية وحزم ، خاصة وان المخططات الصهيوامريكية تستهدفه الامة العربية ايضا ، وتعرية المتخاذلين منهم امام شعوبهم ، والا كيف سيُطلب من العرب الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني وهو ممزق .
دوليا : الاستمرار في كشف وفضح الممارسات الاسرائيلية المخالفة لكافة القوانين والاعراف والشرائع الكونية والالهية ، ومضاعفة الحملات الدبلوماسية المحذرة من تبعات هذه الممارسات ، وسلوك القيادة الاسرائيلية المتطرفة ، التي ستقود المنطقة وينجر اليها العالم قاطبة الى حرب كونية ثالثة .