الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:55 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:11 PM
المغرب 7:01 PM
العشاء 8:18 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

المهلّلون والخذلان!

الكاتب: بكر أبوبكر

من الطبيعي أن يشعر الفلسطيني بالخذلان أو خيبة الأمل مما هو حاصل بالمقتلة والنكبة الثانية التي يعيشها الشعب العربي الفلسطيني طوال عامين على الأقل حتى الآن (وربما بمستويات متوافتة -علينا القول- منذ النكبة الأولى على الأقل). ومن الطبيعي أن يحنق عدد من أبناء هذا الشعب العظيم حنقًا شديدًا. وقد لا يفهم الكثيرون فيه سبب عدم مدّ يد المساعدة الملموسة لهم! مفترضين من النوايا الأحسن في ظل أمم وشعوب وأنظمة وكعوب مختلفة ومتباينة؟ وفي ظل مهللين صوتهم عالٍ!
من الطبيعي أن يحسّ الانسان الفلسطيني وبالأخص الفلسطيني الغزّي بالخذلان أو الخيانة أوالاهمال أوالانصراف عن شؤونه (البسيطة، الثقيلة كالجبال!)، ويرى بعينيه التعِبَتين  معنى الخذلان، الذي يبدأ (مبشرًا) بعاصفة من التضامن وربما الوعود، والتصفيق والتهليل، أو البكاء بالمقابل (غالبا تضامن شكلي عاطفي فضائي) ثم ينتهي مع تواصل المقتلة والإبادة وجوع البطون، ليتحول لدى المهللين الى انصراف للّهو والتخمة   والمجون.
من الطبيعي أن يغضب الفلسطيني عندما يجد نفسه منبوذًا من العالم الذي يقول بالصوت العالي أنه معه!؟ وهو لا يُلقي اليه بكسرة خبز مُشبِعة، أو بمكان يحس فيه بذاته فينام لليلة واحدة مطمئنًا! أو بموقف سياسي رسمي حقيقي يقيم أرجلًا لدولة فلسطين القائمة والتي بحاجة لتجسيدها وإزالة الاحتلال عنها.
من الطبيعي أن يشعر الفلسطيني بالألم والحنق ومستوى عالٍ من التوتر حينما يرى القائد الفلاني أو بناته أوأولاده يصولون ويجولون في المتاجر أو المطاعم والمقاهي ضاحكين صخّابين! مهللين لغزة! وأهلها تحت القصف قد تُركوا لمصيرهم دون أدنى احترام (قيادي) للآلام والقتل المبرمج والتهجير اليومي والإبادة التي لا تتوقف، عوضًا عن خروجهم الأصيل من ساحة الوغي أصلًا.
من الطبيعي أن يشتاق الفلسطيني لليلة هادئة أو نفس مطمئنة أو يوم دارسي افتقده، أو يوم عمل طبيعي أوزيارة ودودة للأقارب الأحياء منهم والاموات! ومن الطبيعي أن يشتاق لبيته المهدم أو مسجده أو مركزه أو جامعته أو متجره المدمر، أو الذي بصدد تدميره خاصة في غزة، فما بالك بمن سكن الخيام وتم تهجيره مرة تلو الأخرى ليذوق ما لم يذقة الآباء والأجداد من مرارة العلقم في النكبة الأولى عام 1948م، إنه لشعور قاتل ومحطم للنفس البشرية كما للأجساد الواهنة، ولكن المهللين لا يتوقفون عن الشعارات.
كل المحلّلين والكُتّاب الأجانب المنصفين قد قالوا أن ما يحصل لا مثيل له على الأقل بالمئة سنة الماضية فلم يحصل لا بالحرب الأوربية (المسماة العالمية) الأولى أو الثانية، فما حصل ويحصل على مدار عامين في قطاع غزة غير مسبوق على الاطلاق. (أنظر الكاتب روبرت أ. بايب في "فورين أفيرز" بعنوان الخراب غير المسبوق في غزة) فمن يقتل بعيون جاحظة منتقمة حقودة يحتقر العالم كله ولا يبالي! ولماذا يبالي والقريب والبعيد له بالخذلان نصيب! ومن دعم المحتل بشكل مباشر أو غير مباشر نصيب آخر!؟ 
إن ما يحصل من بائقة ومقتلة ونكبة بمقاييس التاريخ دمار بشري ومادي ونفسي غير مسبوق لبقعة صغيرة جدًا من فلسطين لا تقارن بالمهللين للانتصارات!؟ الذين أدمنوا المقارنات الواهية بالجزائر أو فيتنام أو الصين أو كوريا أو كوبا.
حالة الحنق أو الغضب أو مستوى التوتر العالي قد تصل الى مستويات غير مسبوقة من القرف من كل شيء وقد تمثل مسلكًا غيبيًا ينشد الراحة ويؤمن بالقدر(مثل مؤتمر وعد الآخرة في غزة سابقًا) وما يمهد للاستسلام النفسي، ولكنه بالمقابل قد يشعل من كوامن الغضب والثأر والثورة وقد يكبتها لفترة لتعود عاصفة في وجه المحتلين وربما ضد كل من افترض الغاضب أنهم ساندوا الاحتلال ومنهم المهللين، وخذلوه هو أي الفلسطيني.
من حق الفلسطيني أن يعيش حياته الطبيعية في بلاده ودولته ككل شعوب العالم، ومن حقه أن يعتب أو يغضب أو يشعر بمشاعر كثيرة قد تبدأ بالحزن وصولًا للشعور بالخذلان نعم. ولكن ما لا يفهمه المتفرجون والمهللون والمهيجون العاطفيون من وراء لوحات المفاتيح أو المدمنين على الجوالات ووسائط التواصل الاجتماعي أنهم بقلة وعيهم وبتشددهم ومطالباتهم للناس بالموت المجاني-كمثال- أو مهما كانت تسميته المثبطة للألم هي إساءة قاتلة لمن لا يملك شيئًا يردع بها العدوان. إنها إساءة قاتلة لشعب يتعرض للذبح وهو رهين القوي الجبار(أكبر قوة على وجه الأرض حيث الامريكي-الإسرائيلي بكفة والفلسطيني بكفة) بلا أي مقدار مقاومة يقارن بما يملكه إلا من عظمة الإرادة والإيمان لهذا الشعب البطل، ولا يكفي التهليل بكلمة بطل بلا مستجيب للصراخ والنحيب.
من حق الفلسطيني أن يعتب على أخيه، وأن يغضب منه، ومنه حقه حين افتراض الدين أو القومية أو القضية المركزية منطلقًا أن يشعر بالخذلان من الكلّ المسلم أو العربي! ولكنه يفهم أو سيفهم معنى سقوط القيم والمباديء الدينية أو القومية وسقوط الدعم الحقيقي للأمة مع سقوط قيم النصرة ، استتباعًا لانتهازية المصالح السلطانية أو الاقتصادية، أو الشخصية الأنانية.
وعندها سيدرك أن العالم –بعيدًا عن العرب والمسلمين-قد ثار بشبابه وشيبِهِ ونسائه وأطفاله انتصارًا لا لشيء الا للدم الفلسطيني، وانتصارًا للانسانية وقيم العدالة والحق المبين، وذلك عندما تلطخت أيدي أصحاب المحرقة بالدماء، وكأنهم بتكرارها يتبادلون المواقع ما بين الضحية والجلاد، مشدودين لخرافات وأساطير توراتية لا قيمة لها. (حسب دراسة أمريكية أشرنا لها سابقًا قدرت الضحايا القتلى ب186 ألفًا، وليس 60 أو 70 ألفًا فقط!) 
على كل المهللين والمتنطعين والمزاودين على الشعب العربي الفلسطيني المطالبين بموته اليومي ليعيشوا هم على وسائط التواصل يرفلون بالعز وأكل اللحم والرز! وبامتهان الحماقة والغباء والانشداد للدجالين والتافهين أن يتذكروا أن القذافي قد طالب المقاومة الفلسطينية في لبنان أن تنتحر ووقع ما وقع من خذلان هو بنفس أو أعظم منه اليوم مما يحصل. وقد تتعلمق الأحاسيس وتزداد كلما نقشت هذه الفضائية العرب-صهيونية اسم متحدث صهيوني على شاشاتها في بيوتنا أجمعين! وقد تفهم القطعان السائبة المؤجرة لعقلها أن قيم احترام الشعب وخدمته والحفاظ عليه هي قيم الاسلام وقيم الأديان، وقيم المقاومة والثورة التي ما انطلقت الا للحفاظ على حياة الناس الذين لهم الوطن. وما يكون من منطق التضحية من الفدائيين لا عامة الشعب الا بمقدار الوعي والفهم واتخاذ القرار المناسب بما يحقق الهدف الذي لم نفهم طبيعته اليوم "بعد خراب البصرة" (وبالأحرى أن يكون المثل خراب غزة) من خلال قيادة أو قيادات لا تعي ولا تفقه لا بالحرب ولا بالسياسة والسلم.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...