عالم موازي كثر فيه الفتاحين السياسين وغيرهم؟؟

الكاتب: المحامي صلاح علي موسى
ما ان تقلب صفحات التواصل الاجتماعي والفضائيات الا ويخرج لك عدد لا محدود من عتاولة المحللين والمختصين واشباهم ليفتي ذات الشخص في الشأن الاسرائيلي والسوري واللباني والعراقي والامريكي، تارة تراه مختص واخرى تراه خبيرا واحيانا تجده باحثا ومرات اخر لا عجب ان كان فتاحا يروي اضغاث احلام وفي مقامات اخر يصبح مثل ميشيل حايك وليلى عبد اللطيف..
فترى عدد من الفلسطينين الذين يحبون ان يوصفوا بالمختصين في الشأن الاسرائيلي ليسوقوا ان التهجير محقق وان ما يخطط له الاحتلال ويتحدث عنه جهارا نهارا كأنه قدرا محتوما ، ويغيب عن العديد منهم ان ما بين التحليل والتنجيم ضرب من جنون الوهم وما بين الفهم والاستفهام عن مصير مخططات الاسرائيلي هو المفصل، والاهم من كل ذلك هل دور المحللين ان يسوقوا رواية الاسرائيلي اما دورهم نقل المخاوف الى الوعي الفردي والجماعي وكيفية التصدي له وافشاله؟.
قد يكون شعبنا في غزة والضفة والقدس اكثر قلقا على مستقبلهم بل على حياتهم الا ان كل ذلك لا يعني ان نعمل وكأن ما يخطط له امرا لا مفر منه وما علينا الا ان نرتب اوراقنا لتلك اللحظة.
قد نكون في اسوء مراحل قضيتنا وفي الدرك الاسفل من الفرقة والتمزق، قد نكون في اسوء كوابيسنا لم نكن نتوقع ان نصل الى هذا المستوى من الضعف والهوان، قد نكون وصلنا الى نقطة الانكسار الوطني والرعب من كل ما يجري حولنا، قد نكون قد فقدنا القدرة ان نصنع تغيير او نبني مسارا جديدا، قد نكون قد رحل عنا كل ما هو جمعي والكل يبحث عن خلاص واهم لذا ازداد الجشع وتعززت سلوكيات التوحش ، كل ذلك ايها السادة طبيعي، في زمن الحرب والقتل تنقلب اخلاق الناس وتضعف منظومة المناعة الجماعية وبالتالي الفردية يصبح الالتزام الاخلاقي استثناء والصعود الى الكبرياء الوطني ضربا من الجنون والخنوع هو المهرب للبعض منا، في الاضداد تجتمع التناقضات وفي الاضداد تزهو المعطيات وفي الاضداد ننطلق الى فضائيات جديدة.
الحمل الكبير على النخب، والنخب ممزقة وباحثة عن رغد وهمي كل يبحث عن فرص او مال يجني، فالنخب مشغولة بتصفية الحسابات احيانا وتتهيئ الى ما بعد المرحلة وهم يعلمون ان الذل هو نصيبهم ان حقق الاخر مشروعه وتجاوز فيه شروط الموجود .
كي لا يبدو ما اكتبة طلاسم او بلا روح اقول ان من يدعي التخصص في مجال الملف الاسرائيلي عليه ان يرأف بالناس البسطاء وان يقول الحقيقة بالشكل المجرد ويعيدها الى الحق الوطني، ومن يدعي ان الله قد فتح عليه من معارف ان يتذكر بان فوق كل ذي علام عليم، وان من ينشأ منصة رقمية حتى ينتقد قرارات رسمية او فصائلية او مؤسساتية ان يتذكر ذاته، ويسال كيف سيكون ردة فعله ان تم تخوينه كما هو يخون الاخر، وان يسال نفسه ماذا سيكون موقفه ان اتهم هذا المسئول او ذاك او هذا الفصيل او ذاك بانه مرتبط وفاسد وبانه يخدم اجندات وورش عمل غير وطنية، طالما ان الروح الجمعية قد ضعفت الى حد الانفكاك، فلا بد ان نحث الجميع افرادا ومحتصين الى الوقوف امام الله ومن ثم امام انفسهم ليسألوا ذواتهم، هل انا معول بناء او اصلاح او هدم؟ اسال نفسك ايها الخبير والمختص والمحلل، هل ما اقوله سيضيف صمودا للناس او سيدفع الناس الى الخوف والرعب للبحث عن هجرة امنة ودون ضجيج، هل تعلمون ان حوالي 42 الف مواطن فلسطيني حصلوا على الجنسية التركية خلال الاعوام الماضية بسبب بث الدعاية بقرب التهجير؟ هل تعلمون انهم اخرجوا من البلد عملة صعبة تقدر (2) مليار دولار مقابل حصولهم على الجنسية التركية؟هل تعلمون ان عشرات بل الالاف الفلسطينين نقلوا اعمالهم الى اماكن اخرى في الوطني العربي والعالم ويتنقلوا ما بين الاردن وتركيا والصين وسلطنة عمان؟ هل تعلمون كم من اسر ارسلت ابناءها للدراسة في الخارج حتى يتبعهم الاباء والامهات، هل تعلمون كم من اصحاب النفوذ ممن يبحث لابناءهم عن فرص في السفارات والملحقيات؟ هل تعلمون كم من الفلسطينين اشتروا جنسيات في جزر منتشرة حول العالم؟ هل تعلمون كم من الفلسطينين ممن يتمنون ويعملون بكل جهد لمغادرة البلد باي ثمن وما جنين عنا ببعيدة، حيث الالاف الشباب انتقلوا الى ايسلندا واوروبا لاجئين في شروط قاسية او حسنة.
لذا ارحمونا ايها المختصين او اشباه ذلك وخففوا عن شعبنا ما نحن به خاصة اولئك الذين يعتبرون ما يقولونه وكانه امر محقق ومرسل، واخرجوا من عالمك الموازي وابحثوا عن اسباب الثبات فوق هذه الارض.