فرصة الحكومة للانقضاض على اسباب الفساد !

الكاتب: المحامي صلاح علي موسى
لا نريد ان نباشر الاصلاح لانه مطلب دولي ولا نريد محاربة الفساد لغاية و/او غايات في نفس يعقوب كما يقال، ولا نريد فضح الناس قبل صدور حكم بالادانة فكم من اشخاص تم توجيه اتهامات لهم وتبين براءتهم في ختام المحاكمة.
ملف غزة وما نتج عنه من قضايا تثير شبه الفساد يستوجب من الحكومة والاجهزة الامنية الوقوف امامها، قرار رئيس الوزراء بخصوص وزير النقل والمواصلات يقع في سياقه القانوني السليم وهو رسالة قوية على وجود ارادة سياسية بالتعامل السليم مع اي شبهة فساد ولا يمثل قرار رئيس الوزراء اي ادانة للوزير محل القرار بل هو اجراء ضروري لغايات ضمان سلامة الاجراءات.
ان ارادت الحكومة وعلى رأسها الدكتور محمد مصطفى ان تحارب الفساد بالافعال وليس بالاجراءات القانونية فقط من اصدار تشريعات او اعادة هيكلة و/او خلافه فاننا نقترح عليها عدة خطوات محددة وليست بالضرورة ان تغطي المطلوب ولكنها بكل تاكيد تضئ على مساحات من الممكن ان تكون غافلة عنها بحكم تحديات المرحلة وصعوبتها:
1. الطلب من الاجهزة الامنية قوائم بكل من عمل وتاجر ونقل وورد مواد او خدمات من والى غزة منذ اندلاع الحرب الى يومنا هذا، واحضار كشوفات بنكية عن حساباتهم البنكية وشركائهم من الباطن.
2. الهدف من ذلك هو تحقيق امرين اثنين الاول معرفة ما حصلوا عليها وكيف حصلوا عليه وهل دفعوا الضرائب عليه وبالتالي يصبح السؤال البديهي من اين لك هذا؟
3. كشف باسماء المسئولين و/او كبار و/او حتى صغار الموظفين وابناءهم واقربائهم ممن تاجر وورد ونقل الى غزة ما بين الضفة ومصر والاردن مع الحصول على كشوف للحسابات المالية لهم وللاملاك المنقولة وغير المنقولة من اراضي وعقارات وسيارات وحولات الى الخارج، هذا يعطي الحكومة جوابا شافيا وقد يساهم في جباية الضرائب منهم على الاقل ان لم يكن استعادة كل مال حصل او تم تحصيله بطريقة غير سليمة.
4. وحدة المتابعة المالية في سلطة النقد وامن المؤسسات والامن الاقتصادي في الاجهزة الامنية لديهم دوما معلومات متواترة حول كل ما جرى ويجري في غزة ، كل ملف من ملفات غزة الا وحصل به استغلال لحاجات الناس هناك من استخراج جوازات السفر والذي تم ايقاف استخراجها من قبل وزير الداخلية بعد ان تبين له ان هناك استغلال للناس، معاملات الهويات وشهادات الميلاد وغيرها وتم التعامل معها بحكمة ايضا وتم وقفها الا وفق اجراءات مدروسة، استخراج حجج حصر الارث تم التعامل معها بتنظيم طيب، وسرقة اموال عدد من اهل غزة من خلال التطبيقات البنكية، انشاء مواقع وصفحات للتبرعات لصالح افراد في غزة وهم خارج غزة وغيره الكثير، فان كانت الاجهزة الامنية ووزارات الاختصاص قد كشفت هذا الابتزاز وعالجته، اذن فالوزارات تعلم من يقف خلفها، فلماذا لا يتم محاسبة من استغل الم الناس وحاجاتهم؟!! وما حصل من قيام عدد محدود جدا من الجمعيات الاجنبية بالمتاجره بالمساعدات ايضا ملف يستحق الوقوف امامه ومحاسبة من سهل وساعد في ذلك، في الوقت التي كانت الجمعيات الفلسطينية وعدد واسع من الجمعيات الاجنبية تقاتل لاجل ايصال المساعدات دون محاباة او رشوة.
5. المساعدات جزء منها تمت اعادة بيعه او توزيعه بطريقة لا تتفق مع الغاية منه وبالفعل فان الوزرات المختصة كشفت جزء من هذا الاستغلال فلماذا لا يتم الاعلان عمن استغل ذلك وعمل على ذلك طالما تم احالته الى الجهات المختصة.
6. عدد من الاشخاص سواء كانوا تجارا او افرادا او متنفذين اسسوا شركات من خلال اشخاص في غزة او في الضفة وخارج غزة وقاموا بتوريد المواد الى غزة والضفة، فهل يمكن لهؤلاء ان يتم الكشف عنهم والتعامل مع تداعيات ما قاموا به فان لم يكن بمفهوم استغلال الحالة، على الاقل من زاورية ملاحقتهم لدفع الضرائب وتسديد ما عليهم من رسوم للحكومة.
المطلوب من دولة رئيس الوزراء تشكيل لجنة متخصصة ومنفصلة عن الحكومة والعاملين فيها من جهة مستقلة يرأسها شخصية تحظى بثقة رئيس الحكومة ولديها مكانة اجتماعية ووطنية في قلوب الناس وبعضوية الاجهزة الامنية المختصة وممثلين عن هيئة مكافحة الفساد والنيابة العامة ووحدة المتابعة المالية في سلطة النقد كي تقوم بالتحقيق بهذا الملف الحساس وفتحه ومحاسبة كل من استغل حاجة الناس او على اقل تقدير الحجز على هذه الاموال لغايات تسديد بدل الضرائب المستحقة والرسوم الناتجة عن هذه العمليات التجارية.
المطلوب ليس صعبا ان توفرت الارادة وبهذه الخطوة نكون قد انتقلنا من منطق الفضائح والحديث على وسائل التواصل الاجتماعي الى العمل المؤسساتي على طريق محاسبة كل من اخل او استغل او استعمل سلطاته بوجه غير ذي حق في غزة. وبعد ان تنتهي اللجنة اعمالها يتم نشر تقرير عن حجم الاعمال دون ذكر لاي شخص تم احالته الى الجهات المختصة لان الهدف هو ارساء مبدأ المحاسبة لا فضح الناس والتشهير بهم. فان تم ذلك ستسجل الحكومة اهم انجاز في تاريخها.