نوبل.. والعودة إلى نقطة الصفر

الكاتب: رأي المسار
عشنا يومين في حالة تفاؤلٍ ببدايةٍ فعليةٍ لانتهاء الحرب.
الكثافة الإعلامية وسطوتها على العقول والأمزجة، أوصلتنا إلى احتفالاتٍ مبكرة بنهاياتٍ سعيدة، لأكبر مأساة في القرن، ولمَ لا نحتفل؟ فرئيس أكبر دولةٍ في العالم يعرض مبادرةً لوقف الحرب على غزة، والانتقال بعدها إلى حل مشاكل الشرق الأوسط.
وبنيامين نتنياهو يُعلن موافقته عليها، وحماس كذلك، والعالم كله يبارك ويتبادل التهاني، بإنجازٍ كان قبل أيّام يبدو مستحيلاً فإذا به لا يصبح ممكناً فقط بل جديراً بتغير مسار التاريخ!
الذين بشّرونا بانتها الحرب عادوا جميعاً إلى أدبيات ومسلكيات استمرارها، فصاحب المبادرة يهدد ويتوعّد، فإمّا أن تطيعوني بلا تحفظ وإلا فأبواب جهنم ستفتح من جديد، ونتنياهو الذي وافق وبارك، يوضح بأنه قبل من المبادرة مجرد إعادة المحتجزين، وما عدا ذلك يجب أن يسير وفق نظرية النصر المطلق فإمّا أن يتحقق بالسلم أو يتحقق بالحرب، أمّا حماس التي ابتهج العالم ببيانها المرحب بالمبادرة، والشاكر لترمب على جهوده، فبدا للمراقبين أن نعم الكبيرة التي أطلقتها كردٍ إيجابي يكمن ورائها العديد من "اللاآت" بما يوسّع الفجوة بين مواقفها ومواقف إسرائيل.
الرئيس ترمب أشاع جوّاً من النجاح أحرزه بين يدي الاجتماعات الأخيرة لفريق نوبل، الذي يدرس ترشيحات الفائزين بها، فقد لجأ الرئيس المُرشّح من قِبل إسرائيل إلى التزوير لتوفير مؤهلٍ للحصول عليها، فقد استسهل اعلان وقف الحرب على غزة، ليدّعي بأنه جديرٌ بالجائزة جرّاء دوره فيها، فإذا بالوقائع تكشف فداحة التزوير، فالحرب على غزة لم تتوقف، أمّا الافراج عن المحتجزين الذي يمكن أن يتم في المرحلة الأولى فلا يكفي لاعتبار ترمب بطل سلام.
لا أحد يعرف هل ستثمر مناورة ترمب فوزه بنوبل للسلام؟ أم أن بعض عدالةٍ يتحلّى بها مانحوا الجائزة فيحجبونها عنه؟
في حال لم يحصل عليها فسوف تتبخر مبادرته، وتتلاشى الآمال التي عُلّقت عليها.
لا نتعجل الأمور فالأيام القليلة القادمة ستتكفل بإيضاح المزيد وستجيب عن سؤال... هل عدنا إلى نقطة الصفر؟