زيارة الرئيس لمصر مفترق طريق ام بداية النهاية للتمثيل الفلسطيني؟
الكاتب: المحامي صلاح الدين علي موسى
الواضح ان مصر وجهت للفلسطينين تحذيرا مما استدعى زيارة الرئيس الى القاهرة. السعودية ليست راضية عن حجم الاصلاحات لذا قد يكون تاخير تحويل مبلغ 90 مليون الى خزينة السلطة مؤشرا على ذلك وعليه قد يكون الاعلان الدستوري الاخير بضغط من السعودية حيث تسرب ان احد من اللجنة المركزية لم يكن على دراية به. اما الامارات فشروطها للاصلاح مختلفة عن مصر والسعودية، قطر اللاعب المختلف ترى ان الاصلاح الفلسطيني اصبح مطلبا وعلى الرئيس ابو مازن ان يحسم امره . اما امريكا اللاعب الرئيس فان اجندتها تجاوز الوجود الفلسطيني برمته.
ما يهم مصر انجاز اللجنة الادارية لادارة قطاع غزة حتى تتمكن من الانتقال الى المرحلة الثانية والتي من خلالها يمكن البدء باعادة الاعمار وسحب الذرائع من امريكا، وكذلك البدء بتسليم سلاح حماس لجهة موثوقة دوليا.
حركة فتح صرحت واكدت على ذلك الحكومة وتمسك بذلك كل من الاخ حسين الشيخ والاخ ماجد فرج بان قرار الموافقة على اللجنة الادارية دون ان تكون تابعة للحكومة امر لا يمكن القبول به، وان الرئيس هو صاحب الصلاحية بذلك لان الامر يتعلق بمستقبل التمثيل الفلسطيني والقضية برمتها.
المتوقع ان تقدم مصر للرئيس مقترح يجسر ما بين مواقف السلطة بصفتها القانونية والسياسية التي تمثل دولة فلسطين، وبين الموقف الامريكي الذي يريد ان يرى جسم ليس تابع للسلطة كجزء من خطة ترامب ولكنه قد يكون متصلا بها بشكل او باخر. وقد تكون مصر قد وضعت للرئيس مطالب سياسية امامه باسم عدد من الدول العربية الوازنة للمضي قدما بتجسيد رؤية نيويورك من خلال اصلاحات محددة؟
بالمفهوم السياسي يجب ان يتمسك الفلسطينيون بوحدانية المرجعيات الوطنية، ويفضل بمثل هكذا حالة ان يتم ربطها بمنظمة التحرير الفلسطينية ان لم يتمكنوا من ربطها بالسلطة، وبالتالي يمكن ادخال رئيس اللجنة الادارية كعضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عن المستقلين.
جزء مما نحن عليه الان تتحمله القيادة الفلسطينية بكافة مكوناتها المؤيدة والمعارضة بسبب بط تفاعلها مع الاحداث وسوء تقديرها للمتغييرات، ان ربط المنظومة الوطنية كلها بشخص سيادة الرئيس بعد ان تم اضعاف كل المكونات الوطنية سهل على الاطراف العربية والاقليمية وحتى الدولية لتكثيف الضغط على الرئيس وفي مرات عديدة تمكنوا من الحصول على الكثير مما يريدونه منا سياسيا. وقد يحصلون على ما يريدون هذه المرة واكثر.
المفارقة ان فتح وحماس تعانيان من ازمة وجودية فيما السلطة تعاني من ازمة المشروعية وازمة الثقة بسبب ما يشاع عن الفساد والفشل الاقتصادي والاجتماعي، اما الفصائل فهي في حالة انحسار وطني غير مسبوق.
الحديث يدور مع الشعب الفلسطيني من خلال قياداته على اساس اسماء واشخاص فقط، بعيدا عن المنظومة الديمقراطية، فهل مستقبل الشعب الفلسطيني مربوط مثلا باطلاق سراح القائد مروان البرغوثي وقد يكون ذلك، او ان الدكتور سلام فياض يمثل النجاه لنا او ان اعادة الاخ محمد دحلان تمثل انتهاء لعصر العزلة والفرقة الفتحاوية والانفتاح على العرب، او ان تعيين الاخ حسين الشيخ رئيسا للحكومة او منحه مزيدا من النفوذ يمثل مفتاح الخروج من الازمة او ان اعادة تعيين الدكتور رامي الحمدلله هو استعادة لفكرة حكومة التوافق الوطني او ان تمكين الاخ ناصر القدوة هو الاساس للعبور من ازمة اللجنة الادارية او ان تنشيط دور حركة فتح لا تتم الا بوحدة التيارات داخل الحركة وباعادة تجربة حكومة اشتيه كممثل للحركة، ام ان فكرة التكنوقراط قد تبخرت امام ما يحصل مع حكومة الدكتور محمد مصطفى من فشل ذريع في القدرة على تسديد ما عليها من التزامات محلية وطريقة ادارتها للدين العام ،مع اداء ضعيف لعدد من الوزراء ومن في حكمهم.
الاغلب يتداول ان هذا المسئول الفلسطيني محسوب على الامارات وذاك محسوب بل تحاول ان تفرضه السعودية وان ذاك المسئول عاد بضغط فرنسي وان تلك الدولة لا تريد مروان طليقا ، اما الاردن الشقيق تريد أين كان ومن كان شريطة الا تحدث فوضى في الضفة تؤدي الى هجرة جماعية، اما قطاعات واسعة من الفلسطينيين والعرب وغيرهم من النشطاء الدوليين فانهم يرون السلطة غير مؤهلة وجزء اخر يرون بحماس قد اخرجتنا من السياق التاريخي واخرون يرونها اعادتنا الى زمن الحقيقة.
اطراف دولية لا تجد بالشعب الفلسطيني مؤهلا لادارة حياته وشوؤنه ، فالاغلب قال ان ابو عمار هو المعضلة وان غيابه سيمنح الفلسطينين التغيير، فماذا حصل بعد رحيل ابو عمار، وصلنا الى ما نحن عليه الان؟ فهل نشتري الخدعة الوجودية تحت اسم جديد ووهم اجد واكثر قتامه! فهل زيارة مصر خاتمة عهد وطني ام خاتمة مرحلة ام بداية جديدة لفلسطين وشعبها !

