وقف الشائعات ضرورة وطنية
الكاتب: المحامي صلاح الدين علي موسى
اعتقد اننا نتعرض لاوسع هجوم منظم لتفكيك ما تبقى من نسيج وعقد اجتماعي، الشائعات تنخرنا من كل حدب وصوب، الاستسهال بالهجوم على الاشخاص وعائلاتهم بات هدفا سهل المراس. من لديه قصة مع هذا الشخص او ذاك المسئول او ذاك التاجر او الموظف يجد في وسائل التواصل منفسا لتشويه سمعة ليس خصمه فقط بل يمتد الى عائلته بل ومكونه الوطني والاجتماعي، الادهى من كل ذلك والامر ان يتم ربط كل ذلك بالاحتلال والتعاون معه وكان الاتهام بالعمالة امرا اقل من امر عادي.
ما زاد الطينة بله ان هناك منصات رقمية متخصصة بضرب النسيج الاجتماعي تحت شعار محاربة الفساد وفضحه في مؤسسات السلطة الوطنية او لدى الاحزاب والفصائل.او لعدد من المسئولين او اصحاب القرار السياسي او رجال اعمال او اكاديمين او غيرهم.
كثيرا من الاخبار التي يتم نشرها مفبركة وتهدف الى ان يلعن المرء منا اليوم الذي ولد به بهذه الارض، يترك ما يقوم به الاحتلال ومستوطينيه في الضفة وما تم ارتكابه في غزة من افعال، لا بل لا تحوز على اي اهتمام او تفاعل، بينما خبر ان صح او كان كاذبا تراه ينتشر كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي.
لذا علينا ان نتجند للوقوف امام هذه الاعاصير التي تجتاحنا من كل حدب وصوب وتنتشر بيسر وسهولة، كأن البعض يريد ان يوصم جزء من شعبنا بالعمالة والخسه والفساد، وكأن حياتنا كلها غارقة بظلام دامس.
نحن نعلم واغلبنا يعلم ان عدد من يمكن ان يكون فاسدا عدد قليل، ونعلم اننا لا نجرأ احيانا ان نتحرك بالسبل القانونية ليس لان المجتمع جبان او اننا شعبنا يخاف، بل لان اثبات اي جريمة فساد تحتاج الى جهود مضنية، نتداول فيما بيننا الكثير من القصص ولكن القليل من يملك معلومات دامغة لا غبار عليها.
انطلق قطار ملاحقة عدد من المشتبه بهم بالفساد، وبالفعل تم توقيف عدد منهمن ومنهم من اعترف ومنهم لمن م يعترف، منهم من هو فار ومنهم ما زال على رأس عمله.
الا ان كل ذلك لا يعني وليس بالضرورة يعطينا الحق بتجريم الناس حتى من اعترف بارتكاب جريمة الفساد.
دائما نتساءل ماذا لو كان هذا الشخص احدا من افراد عائلتك كيف كنت ستتصرف؟ كيف لك ان تقبل ان تنشر امرا قد تكون النتيجة النهائية له مخالف لما نشرت او كتبت او قمت بمشاركته!
ضع نفسك مكان المتهمين او من تم القبض عليهم، هل ستكون مستعدا او ان تقبل ان يعاملوك الناس كما تعامل المعلومات التي تتعامل معها وكأنها مسلمة لا كاشف لها.
نحن في زمن انعدام الثقة وفي الدرك الاسفل من الانحدار وقلة الحيلة، بل ان هناك منصات ومواقع ليس لها هم الا تحطيم المحطم وتهشيم ما تبقى من رابط اجتماعي، ولكن علينا ان نبقى اوفياء لانفسنا وسمعتنا الوطنية الفردية رغم ادراكنا اننا نعيش بظروف صحبة ولدينا من الهموم ما يكفي شعبنا ومع ذلك علينا ان نكون مؤمنين ان الزمن سيتغير وان الثقة ستعود وان العدالة ستأخذ مجراها قريبا باذن الله،لذا فاننا نقترح الاتي للتخفيف من وتيرة ما نعاني منه من شائعات مدمرة :
1. تخصيص يوم في الشهر يتم فيه الحديث عن الشائعات واثرها على تماسك المجتمع من خلال وسائل الاعلام المحلية والمنصات الرقمية وعبر المؤثرين بوسائل التواصل الاجتماعي.
2. ان تقوم النيابة العامة او جهات انفاذ القانون باصدر بيانات واضحة ومحددة حول وقائع محل متابعة وتحقيق، بحيث تحذر كل من يقوم بنشر الشائعات واهمية ملاحقته.
3. ان نقوم بالتفكير بالمعلومات التي تصلنا وان لا ناخذها على محمل التسليم، بحيث نستعمل عقولنا قبل ان نستعمل ايادينا في مشاركة وتوزيع مثل هكذا شائعات ولنطلق حملة وطنية حول الموضوع، حتى نعطي امثلة حقيقية وتطبيقية.
4. علينا ان نفتح منصات للحوار حول سوء الادارة وكيفية التعامل مع المساءلة بروح من المكاشفة منعا لنشر الشائعات حول اي موضوع قد يمثل مصدرا لاي معلومات غير دقيقة.
ما تكوى به من اخبار بقصد الانتقام من الغير سيعود اليك ولكن بطريقة قد تكون اسوء مما تتوقع، لذا دعونا نتحرر من التناقل قبل التفاكر، ولنوقف نزيف الشائعات او على اقل تقدير لنحاصر ناشريه.

