الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:51 AM
الظهر 11:26 AM
العصر 2:17 PM
المغرب 4:41 PM
العشاء 6:01 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

(( تلك الليلة المطيرة المجنونة! ))

الكاتب: إبراهيم ملحم

لا يهجس بهموم سكان الخيام، ولا يُفكر بقوت الحمام، ولا يستشرف ما بعد الغمام، سوى شاعرٍ يملك بصيرةً شوّافة، ويرى بعيون زرقاء اليمامة.
كأنّ شاعر فلسطين الراحل محمود درويش، صاحب "فكّر بغيرك"، ما زال يعيش بيننا، بسحر بيانه، وحضوره الوارف، الذي نستدعيه كلما ادلهمّت الخطوب، أو ضاقت من حولنا الدروب، وبلغت قلوبنا الحناجر من كآبة المنظر، وسوء المنقلب، الذي آلت إليه أوضاعنا، وتفاقمت فيه أوجاعنا على نحوٍ يفوق قدرتنا على التحمّل، بعد أن تداعت علينا الهموم، كما تتداعى الأكلة على قصعتها.
"لا تنسَ شعب الخيام، ولا من يرضعون الغمام، فثمة من لم يجد حيزًا للمنام"، ينسرب سحر الكلام في قلوبنا ليوقظ ضمائرنا من إغفاءتها، كما تنسرب مياه الأمطار داخل خيام النازحين، فتوقظ مَن استحالت خيامهم بركَ مياه، أتلفت ما بها من مِزَق الفرش، أو بقايا الطعام.
في تلك الليلة الطويلة المطيرة المبرقة المرعدة المجنونة، ظلّ قلبي مشدودًا إليهم؛ كيف هي حالهم؟ ما الذي جرى لهم في هذه الليلة؟ تصفّحتُ جروبات التواصل المفتوحة على الفواجع، والمواجع، لأجد بينها فيديو أرسله صديقي صلاح يجيب عن هواجسي، وهو يحاول عبثًا تفريغ خيمته الغارقه بتنكة، ويُدفئ قلوب أطفاله المرتجفة.
تلك الصورة المفرطة في أوجاعها استدعت من قعر الذاكرة صورةً مماثلة، عشتُها ومُجايليّ في بيوت الطوب التي أقامتها "الأونروا" في مخيمات اللجوء على عجلٍ لإيوائنا، فكنا نصحو على صوت حارسة نارنا؛ أُمّي الرؤوم طيّبَ الله ثراها، وهي توقظنا من عز نومنا، على وقع تدفّق مياه الأمطار إلى غرفتنا، وهي التي تظل طيلة ساعات الليل تحدب علينا، فلا تقر لها عينٌ حتى تغطي ما ظهر من انكشافنا تحت بطاطين لا تدفئ قلوبنا. 
استغاثات الأمهات تهز القلوب: "أنا ما بنام وأنا بطّلع عَ ولادي نايمين في المية.. تعبنا، غرقنا، تبهدلنا… لا ملابس، لا فرش، لا بطاطين…".
من يُغيث شعب الخيام؟.. من يُدفئ قلوب الأطفال؟.. من يقيت الحمام؟.. من يجيب نداء السلام، ويمزق حُجُب الظلام؟

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...