النت وثقافة التشفير

الكاتب: فاطمة الخليل

رايه نيوز: أعتقد أن من ابتكر هذه الشبكة العالمية والحديقة الغناء , لم يعرف أو يحلم يوماً بأن تنصب في حديقته أسوار وأشواك بألف رائحة ولون .

وكان العاشق الذي ابتكر النت يحلم بعالم تتقارب فيه الأفكار والآراء ويتواصل ويستمتع به الملايين , فهل مات حلم ذلك العاشق تعالوا

لنرى ؟؟؟!!!

كما أن لكل مخلوق ملامحه وهويته وأمراضه , فقد كان أشد أمراض النت فتكاً برواده هي ثقافة التشفير , إن جاز لنا أن نسميها ثقافة , والذي حال دون الاستفادة القصوى من هذه الشبكة العالمية , فغدا النت كالغربال التي ندليها في البئر كي نحصل بها على الماء , ومعه غدت هذه الشبكة غابة أشواك لا ورود , بعيدة كل البعد عن المعرفة , وقد يزداد الأمر حيرة , لو عرفنا أن ما يحارب في النت ليس المواقع عديمة الأخلاق أو المواقع الماجنة , لكن ما يحارب فيها هو القلم الحر بكافة ملامحه وكافة أطيافه , وخاصة أن القائمين على هكذا عمل لا يدركون أن ثقافة الكلمة أو الرأي , لا يمكن أن تحاصر في الفضاءات المفتوحة والانتماءات المتعددة ,

ومع هذا نجد عقلية بني عثمان الذين حاولوا بشتى السبل أن يقوموا على حصار وقتل الفكر والمفكرين من بينهم الكواكبي , لكن الكواكبي كان أكبر من هذا كله , وظلت ذكراه حية لأجيال وأجيال , لتحكي أن الحلم لا يموت ولا يموت كذلك صاحبه أبداً .

وهكذا هو عالم اليوم فمهما حاول القائمون على هذه الثقافة ابتكار وسائل جديدة فسيجد أصحاب الفكرة والرأي الحر ألف باب ونافذة مشرعة نحو الأمل القادم , لتبقى ثقافة الجهل والترهيب هي السائدة اليوم , فليس لصاحب قلم أو رأي أن يجد باباً مفتوحاً أمامه .

فهل ستقتلنا فوبيا الخوف من كل شيء .. ولماذا قبل أن نقدم على هذا الأمر لا نحاول أن نرد الفكرة بالحجة والرأي الثاقب , ونحن نقارع من يخالفنا بالحجة الدامغة ؟؟؟!!!

الإنسان عدو ما يجهل فإلى متى يحكمنا هذا الرهاب .. فيما كافة الأمم تفكر بالعبور إلى الأمام وحدنا من يخذله الحنين إلى الخلف مئات من السنين ؟؟!! حنين مدمر وليس صحياً أبداً , فنحن لازلنا نفكر بعقلية من يتخذون الجمل في رحلاتهم في فضاء مفتوح واسع ورحب , فمن المسؤول عن هذا ؟!

القائمون على هذه الثقافة .. أم نحن الذين لم نستطع أن نجد وسيلة للهرب من هذه الأسوار .. أم هو الرهاب من كل جديد هو الذي لازال يكبلنا .. ترانا نحتاج لفاتح جديد لهذه الشبكة , وتغيير جديد في العقلية التي نتعامل بها مع شبكة يفترض بها أن تكون قناة تواصل بين الفرد والعالم حوله ؟؟؟!!! لا أن نجعلها سيكو بيكو على الطريقة العربية , لكل منا بلده لكل من مساحة من النت التي يجب ألا يجتازوها أحدنا إلا بجواز سفر , قلما يكون بأيد البسطاء منا , وريثما يبتكر فتح جديد سيبقى النت يشكو من أعطاب .. وأعطاب , أشدها فتكاً هي ثقافة التشفير , التي لازالت تبتكر مئات الوسائل كي تمنع الشمس عنا , وتمنع عنا ضياءها , لكن الصبح سيبزغ ولا ريب , وسيبقى الكواكبي حاضراً فينا , يذكرنا بأن أصحاب الحلم حاضرون فينا , لا يحاصرهم موت أو تغييب , هذا أنهم في ذاكرة الشعوب , فيما الظلمات سترحل كما رحل بنو عثمان عن ترابنا يوماً , وسيظل القلم بين أيدينا طريقاً واضحاً وجلياً إلى الحقيقة الساطعة , والفتح القريب هو على بعد خطى منا , الأهم اليوم هو أن يكون القلم أداة التغيير والعبور نحو الغد القادم , نحو المستقبل الذي ستسطره أقلامنا للأجيال القادمة , التي لن تتسامح مع كل من يتراجع عن الحق ولو بمقدار أنملة , والتاريخ يسير إلى الأمام دائما , إلى غد سيكون لنا بكل تأكيد , وعليك أنت وأنا أن نحمل القلم دون حتى أن نسأل إلى أين ؟؟؟!!!

يكفي أن يكون القلم مما أقسم به سبحانه وتعالى وهل سنكون حملة لواء التغير .. وهل نستحق هذا الشرف الشامخ الرفيع حقاً ..

هل نستحقه ؟؟؟!!!

- التاريخ هو الذي سيجيب عن هذا لا نحن .