حماية المصالحة انتصار لفلسطين
الكاتب: رأي الراية
الجميع يدرك أن تفاصيل المصالحة الكثيرة ملغومة وقابلة للاشتباك، رغم ذلك يعلم الجميع علم اليقين أن القضية الفلسطينية تمر بأصعب مراحلها لدرجة تجعل الاحتلال يفكر في التصفية من خلال مساحة الاستفراد الاسرائيلي الواسعة، وبلوغ النزعة العنصرية المتطرفة الى أعلى درجات اجرامها في ظل التفتيت العسكري والانهاك السياسي لدول الطوق تحديدا والمنطقة العربية بشكل كامل.
إن الضعف الذاتي الداخلي لدى حركتي فتح وحماس أنتج قوة وطنية أمام الاحتلال الاسرائيلي، لذلك تعتبر "التنازلات" الداخلية أمر مطلوب لإحداث تكامل سياسي بين القوى الكبرى، عبر العمل على تصحيح لأخطاء تجربة الحركتين في المرحلة الماضية، والخروج من منطق التربص والندية البشعة الى طور الالتقاء ثم التفاهم ونزع الشكوك والبناء على المشترك وتضييق الهوة بين القوتين الرئيسيتين وترك التفاصيل الوظيفية تذوب تحت ضغط المصالح والقضايا الكبرى في جوهر الصراع مع احتلال يربح على حساب الخسارة الفلسطينية.
وأمام هذا الأمل في مصالحة تحدث توازن داخلي نتفهم مخاوف وطنية مقدرة ولها الحق في ذلك، لكنها مخاوف يجب الا تتحول الى فزع وفزاعة تحافظ على بيئة التنافر وتهدد العزيمة الوطنية الناشئة من دروس الذاتية المفرطة والتعويل على الخارج لدرجة تصل حد الوظيفية لصالح قوى لها أولوية حساباتها الذاتية.
المخاوف الاخرى تأتي من جماعات لا زالت توالي الخارج على حساب الداخل تحت شعارات وعناوين ظاهرها صالح وباطنها طالح وفاسد وشديد الذاتية والأنانية، هذه الأطراف الوطنية عن يمين ويسار فتح وحماس يجب أن تشكل حالة ضغط وتصويب مجاورة وبناءة لصالح حماية مشروع المصالحة وأهدافها الجماعية باعتبارها قضية تحرر، وترك مواقف الكسب من الأزمة دون تشكيل بديل حقيقي.
أننا لا نريد أن تصل المصالحة لدرجة الوحدة العضوية المنافية لمنطق الأشياء، بل نتوق الى الوحدة في الموقف الوطني وبرنامج الحد الأدنى، والسعي للربح من خسارة اسرائيل في المجتمع الدولي، والاتجاه بالموقف الفلسطيني نحو سلام الحق في مواجهة رغبة اسرائيل في عنف الحق، بعد اكتشاف العالم أن اسرائيل ادة استعمارية وظيفية وكيان عنصري يعريه السلام ومجتمع غير قابل لقيم السلام والمدنية بوصفه دولة تبطن التطرف وتعتبره مبرر وجودها التاريخي.
اليوم يجب أن يعلي الفلسطينيون قيم المصالحة مع أنفسهم ومع أشقاءهم العرب والأحرار في العالم واثبات رغبتهم في حياة السلام مقابل عنف الموت الاسرائيلي، وهذا لا يعني الميوعة واهدار الكرامة فالمقاومة الشعبية سواء سلمية او مسلحة بالحق والقانون كحالة دفاعية وفعل تحرري غير قاطعة للمسيرة حق يحتاج فن وذكاء في استخدامه.