الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:33 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:20 PM
العشاء 8:41 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

بين الضحية ومن ينتصر لها

الكاتب: رامي مهداوي

بقلم: رامي مهداوي

ابني العزيز..
ليس من السهل أن يتعامل جسدك مع عدد من المشاعر المختلفة التي تصيبك بالوقت ذاته، وخصوصاً إذا ما كانت هذا المشاعر متضاربة فيما بينها لينتج من ذلك مجموعة من المشاعر التائهة. هذه المشاعر المتضادات من فرح/حزن و نشوة الانتصار/نشوة الهزيمة و القوة/الضعف و ابتسامة/ دمعة و توتر/ ارتياح و ابتهاج/انكسار ...الخ تجعل منك وبالذات من جهازك العصبي في حالة تيه وكأنك فاقد ذاتك بذاتك دون أن تعلم كيف يجب أن تتصرف؟

هذه الانفعالات المتضادة تعكس ذاتها على أعضاء جسدك المختلفة، مما يجعل كل عضو يقوم بوظيفة عكس وظيفة العضو الآخر، بالتالي تصاب بحالة هوس تجعل من تعاملك مع الواقع المادي "الحسي" تعامل مختلف بما يجب أن تتعامل معه بالوضع الطبيعي. فالعين من خلا حاسة البصر تتعامل بعالم مختلف وقلبك بمشاعره في عالم آخر، وربما جهازك العصبي من خلال العقل بعالم ثالث.

يوم أمس كنت أشاهد مباراة الجزائر و المانيا في الدور 16 من كأس العالم المقامة في البرازيل، كنت أجلس أمام شاشة عرض المبارة، وكأنني أجلس على مقعد من مقاعد  استاد "خوسي بينهيرو برودا" والذى يقع فى مدينة "بورتو اليجير". كنت هناك كما هم أصدقائي وكما هم من حولنا في فضاء المنتزه وكما هم من في كافة المقاهي والشوارع والمنازل الفلسطينية تريد أن تدعم الجزائر لتنتصر في معركتها الكروية، وذات المقعد كان يأخذني/ يأخذنا كشعب الى حلحول... غزة ... قرية شوفه في طولكرم... الخليل.. باب الساهره في القدس... يأخذنا حيث نخاف على ذاتنا قبل أن تصبح ضحية تم الاعتداء عليها دون سبب!!

وأنا على ذات المقعد يبدأ هذيان تيه المشاعر بين أنا المشاهد المشجع للجزائر وأنا الشعب الضحية بسبب مشاهدة غير الفلسطيني لفلسطينيتنا وهي تنتهك، صمد المنتخب الجزائري وكذلك نحن سنصمد مثلهم ليس كمنتخب كرة قدم وإنما كبلد المليون شهيد، تبدأ المباراة وفجأة أقفز من المقعد فرحاً بسبب تسجيل الجزائر هدفا رائع برأسية من سليماني اثر عرضية من العربي سوداني الغاه الحكم البرازيلي ساندرو ريتشي بداعي التسلل... ويأتي بذات الوقت خبر بأن قطعان المستوطنين انطلقوا ليعيثوا فساداً وهتافات الموت لعرب.. وأصيح انا على المقعد تحيا الجزائر.. تحيا الجزائر.

أتوتر خوفاً بعد أن اطلق الألماني شفاينشتايغر كرة قوية من خارج منطقة 18 لكن الحارس رايس مبولحي صدها لينقذ ذاتي  وهلوستها، إلا أن الهلوسة تزداد عند سماع خبر اصابة الطفلة سنابل الطوس 9 سنوات من قرية الجبعة جنوب بيت لحم نتيجة دهسها من سيارة مستوطنة.. أنتقل الى المباراة لأجد المنتخب الجزائري يمطر مرمى المانيا بفرص جديدة بالغة الخطورة وذات الوقت يبدأ طيران الاحتلال يمطر غزة بقذائفه.. وخبر سريع آخر يأتي من الخليل هدم منزلي القواسمي وأبو عيشة.

ابني خطاب..
بين الخليل وغزة والجزائر جسد فلسطيني أعضاؤه موزعة عين هنا وعين هناك وقلب ينبض تحيا الجزائر، هل يستطيع العقل البشري توزيع إشاراته الحسية والانفعالية بحيث يضمن بأن الضحية شبعت من الهزيمة ولها الحق أن تنتصر.... فقط حينها تهتف الضحية لمن ينتصر لها
قسما بالنازلات الماحقات
و الدماء الزاكيات الطاهرات
و البنود اللامعات الخافقات
في الجبال الشامخات الشاهقات
نحن ثرنا فحياة أو ممات
و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا...

Loading...