الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:23 AM
الظهر 12:36 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:26 PM
العشاء 8:49 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الحاجة إلى إستراتيجية جديدة لحملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية

الكاتب: عقل أبو قرع

 

رام الله - رايــة:

بعد العديد من حملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وما رافقها من ضجيج إعلامي ومن حشد ودعوات، وبغض النظر عن الدافع أو السبب من وراء ذلك، وبغض النظر عن حجم الحملات أو أهمية من كان يقف على رأسها أو يقودها، من الواضح أن هذه الحملات لم تحقق ما كان مأمولاً منها أو ما كان يطمح له، ورغم الاقتناع بأن عملية مقاطعة المنتجات الإسرائيلية لها فوائد، سواء أكان ذلك على الصعيد الاقتصادي أو الأخلاقي أو السياسي أو حتى النفسي، إلا أن الأمل الذي كان مرجواً، بأن تخلو رفوف المحلات التجارية في المدن والقرى الفلسطينية، أو البسطات أو أماكن الباعة من بضائع إسرائيلية، والتي يوجد لها بديل محلي أو وطني، هذا الأمل لم يتحقق، وأصبح من الواضح أن هناك حاجة إلى مراجعة للإستراتيجية الحالية لحملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وبالتالي الحاجة إلى تبني إستراتيجية جديدة. 

ومن الواضح كذلك أن الأمل بأن تمتد هذه الحملات لتشمل مجالات أخرى بالإضافة إلى المواد الغذائية لم يأخذ الحجم المطلوب، ويبدو أن حملات المقاطعة هذه، وإن لم يتم وبشكل سريع دراسة الأسباب والعوامل التي تعيقها أو تلك التي تحد من نجاحها، سوف تتحول مع الزمن إلى مجرد حملات كانت قد بدأت كرد فعل عاطفي سريع على تصرف أو حدث، ولكن وبعد فترة، انتهى أجلها، كما حدث مع حملات أو دعوات سابقة، لها علاقة بالمستهلك وبالمنتج الوطني أو المحلي وبالمواد الفاسدة وببضائع المستوطنات وما إلى ذلك، وبالطبع فإن الإستراتيجية الجديدة لحملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، من المفترض أن تأخذ بعين الاعتبار ما يلي:
أولاً: عدم وجود مرجعية أو إطار وطني شامل يقف وراء الإستراتيجية الحالية، ينسق الخطوات، ويدرس الظروف والبدائل، ويحدد المعيقات والمشاكل، ويعمل على وضع الأسس الموضوعية لضمان استمرارها، أو امتدادها وبحذر إلى قطاعات أخرى، وهذا الإطار كان من المفترض أن يعمل على أرضية الفوائد أو الإيجابيات التي يمكن أن تؤدي إليها مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، سواء على صعيد الفرد، أي المستهلك، أو التاجر أو القطاع الخاص أو القطاع العام، أو حتى على صعيد الاقتصاد بشكل عام، من إنتاج وتشغيل وبطالة وتصدير وما إلى ذلك.

ثانياً: المستهلك أو المواطن، والذي هو اللبنة الأساسية لنجاح هذه الحملات، كما هو كان وسوف يكون حجر الأساس لنجاح حملات أخرى، في الماضي أو في المستقبل.

هذا المواطن، يبدو أنه لم يتم التواصل معه وبشكل فعال، سواء من أجل توعيته أو إقناعه بأهمية وبفوائد هذه الحملات، ولم يتم له تبيان أهمية المقاطعة من النواحي المختلفة، أو حتى إرشاده للبدائل المتوفرة، تلك البدائل التي هو في حاجة إليها، أي البدائل التي يتم تصنيعها محلياً، سواء أكانت هذه البدائل منتجات غذائية أو دوائية أو مستحضرات تجميل أو مواد بناء وإنشاءات أو خضار أو فواكه وما إلى ذلك، ويبدو أن إقبال الناس على المقاطعة في بدايتها، كان كرد فعل عاطفي على ما كان يحدث في قطاع غزة.

ثالثاً: هناك التاجر أو المستورد من الجانب الإسرائيلي، والذين لم يتم التواصل معهم أو الوصول إليهم، سواء من خلال مبادري أو منسقي أو ناشطي الحملات أو من خلال ممثليهم، وبالتالي وأسوة بالمستهلك، لم يتم إرشادهم أو التبيان للتجار والمستوردين أهمية حملات المقاطعة، وكذلك إعلامهم بوجود البدائل التي تتمتع بالجودة والسلامة والسعر المناسب، والذي يمكنهم من إحضارها وعرضها في محلاتهم ومن ثم بيعها إلى المستهلك أو الزبون، الذي اعتاد على يتعامل معهم، وإذا حدث وأن قمت بزيارة إلى محلات تجارية في إحدى المدن الفلسطينية هذه الأيام، فإنك سوف تجد بضائع إسرائيلية من أنواع مختلفة، وإذا سألت التجار أو الموردين عن ذلك فسوف تكون الإجابة بعدم وجود بدائل، أو بضعف الجودة، أو باستمرارية طلب المستهلك للبضائع الإسرائيلية، أو حتى بعدم اقتناع التاجر بجدوى أو فعالية أو أهمية حملات المقاطعة.

رابعاً: هناك المنتج الوطني، أو المنتج البديل للمنتج الإسرائيلي، والذي ولكي ينجح كبديل، ومن ثم يبقى أو يُستدام كبديل للمنتج الإسرائيلي، من المفترض أن يكون ذلك على أسس صحيحة، وأهمها التركيز على الجودة أو النوعية، أي كفاءة وفائدة المنتج أسوة بالمنتجات الإسرائيلية أو المنتجات المستوردة الأخرى، وبالإضافة إلى الجودة أو النوعية، التركيز كذلك على سلامة أو على أمان أو على عدم خطورة المنتج الوطني، ولتحقيق ذلك كان من المفترض العمل المتواصل من قبل الجهات المعنية، لترسيخ هاتين الصفتين للمنتج الوطني، أي الجودة والسلامة، في أذهان المستهلك الفلسطيني، والتاجر الفلسطيني والمنتج وصاحب القرار، مع بدء ومع مواصلة حملات المقاطعة، ويبدو أن هذا لم يحدث حتى الآن.
خامساً: هناك المؤسسات أو الجهات أو الدوائر الرسمية والتي هي من ضمن القطاعات الحيوية لنجاح حملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية
تلك الجهات التي من المفترض أن تساند أو تدعم وتواكب قرار المقاطعة، ومن ثم توفر له الغطاء السياسي والقانوني والعملياتي، وتلك الجهات هي التي تراقب وتفتش وتوفر الآلية اللازمة للمتابعة، وهي الجهات التي تمنح التراخيص وتراقب المعابر وتتأكد من الالتزام بالمواصفات والشروط، ويبدو أن هذه الجهات لم تدخل بقوة وكما هو مطلوب، أو لم تكن بالصورة المأمول بها مع بداية وخلال حملات المقاطعة.

سادساً: هناك مؤسسات أو اتحادات أو أطر أو تجمعات القطاع الخاص بتنوعاته، وبكافة امتداداته.

القطاع الخاص الفلسطيني الذي يضم من يستورد ويوزع ويبيع المنتجات الإسرائيلية، سواء أكانت منتجات غذائية أو أدوية أو مواد بناء وإنشاءات أو حتى فيما يتعلق بالخدمات والتكنولوجيا وما إلى ذلك، وهو كذلك القطاع، الذي يتم التعويل عليه بأن ينتج أو بأنه يستطيع أن يوفر البدائل الوطنية وبالجودة وبالأمان اللازمين وبالسرعة والفعالية المطلوبتين، في حال اختفاء المنتجات الإسرائيلية من الأسواق الفلسطينية، ويبدو أن هذا القطاع، أو بالأحرى الجزء الأكبر منه، لم يأخذ أو يخطط لأن يأخذ دوره المطلوب من أجل نجاح حملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية.

سابعاً: هناك الحاجة إلى حماية المستهلك من خلال تحسين جودة المنتجات البديلة في الإطار القانوني أو التشريعي، والذي يتطلب وجود مواصفات فلسطينية، يتم تطبيقها والالتزام بها، مواصفات تلبي متطلبات وحاجات المستهلك الفلسطيني، وكذلك تحدد مقومات الجودة للمنتج، وتضمن أن يتمتع بالسلامة والأمان، سواء أكانت مواصفات تحدد وبوضوح نوعية وتركيز مكونات المنتج، أو تحدد آلية إنتاج المنتج، أوتصف طريقة إيصاله بالجودة والسلامة إلى المستهلك أو التاجر، وتلك التي تصف آلية الفحوصات وتوثيقها وآلية المتابعة والتفتيش وآلية أو إجراءات الردع وتطبيق القوانين في حال عدم الالتزام، وما إلى ذلك من تفاصيل، وربما هناك بعض مواصفات بهذا الصدد، ولكن حملات التطبيق أو الالتزام بها، والتي كان من المفترض أن ترافق حملات تحسين جودة المنتج الوطني، يبدو أنها لم تتم أو لم تأخذ الزخم المطلوب. 

ثامناً: هناك الأسعار، أو التلاعب بالأسعار، ودون رقابة أو أخذ الاعتبار لوجود رقابة، سواء من حيث رفعها، أو ربما تخفيضها وإغراق السوق بمنتجات إسرائيلية بأسعار رخيصة لإبعاد المستهلك عن المنتجات الوطنية، كما يبدو أنه حدث خلال إغراق السوق الفلسطيني بالخضار والفواكه الإسرائيلية، والادعاء أنه لا يوجد بديل أو كمية كافية من الإنتاج الوطني المشابه، وكان من المفترض أن تعمل الجهات الرسمية والشعبية وبحزم في هذا الصدد لكيلا تتكرر أو تتوسع عملية إغراق الأسواق بمنتجات مختلفة، وكان من المفترض أن يتم التعامل بشدة مع من يتحايل على حملات المقاطعة من خلال هذه الوسائل.
تاسعاً: هناك الإطار السياسي العام، الديناميكي والمتحرك بسرعة وبشدة في بلادنا، أو تحركات مختلفة من حولنا، والذي كان من المتوقع، أنه قد يفيد أو قد يقيد نجاح حملات المقاطعة، سواء أكان ذلك اتفاقيات سياسية مكبلة أو أحداث سياسية أو اقتصادية أو حتى ظروف أخرى لا نستطيع التحكم بها، والتي قد تؤدي إلى انتكاسات أو نجاح في حملات المقاطعة، وكل هذا كان من المفترض على حملات المقاطعة أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار، وبالتالي تضع إستراتيجية بعيدة المدى، تتعامل مع هذه الظروف، أو التغيرات أو الواقع، ولكن يبدو أن ذلك لم يحدث.  

عاشراً: هناك وسائل الإعلام وبأنواعها المختلفة، والتي هي ضرورية لاستمرار ولنجاح حملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، كما كان دورها هاماً خلال حملات مختلفة في الماضي، وكذلك من أجل ترسيخ ثقافة حماية المستهلك وفي بناء خطوط التواصل معه، سواء من خلال عملية صياغة أو تحرير الأنباء التي تصله حول سير عملية المقاطعة، أو حول اكتشاف وإتلاف المواد الفاسدة من أغذية وأدوية، أو التلاعب بالأسعار، أو وجود البدائل، أو تلك المعلومات التي يحصل عليها بشكل مباشر، وهذا يشمل الصحف المحلية والإذاعات والتلفزيون، والأهم العديد من المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعية، ولكن يبدو أن وسائل الإعلام اكتفت بسرد الأحداث أو نشر بعض المقالات، ولم يحدث مثلا أن قامت إحدى الصحف بتخصيص صفحة أو صفحات تسرد نقاشاً، يبين فوائد ومعيقات وأهمية حملات المقاطعة، أو حتى ترشد الناس إلى وجود بدائل أو منتجات وطنية يمكن أن تحل محل المنتجات الإسرائيلية. 

وبالتالي، ومن أجل تبني إستراتيجية جديدة فعالة، من المفترض أن تعمل كافة الأطراف ذات العلاقة، سواء أكانت جهات رسمية أو مؤسسات شعبية، على تشكيل إطار يحوي خبراء ومختصين وناشطين، يعمل على وضع أسس موضوعية، تكفل الاستمرار والاستدامة والتوسع في حملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وأن تشمل هذه الأسس توفير البدائل، والتركيز على جودة المنتجات المحلية، ومراقبة الأسعار، وإعطاء الأفضلية للمنتج الوطني، وإجراء الفحوصات المخبرية، والتركيز على مواصفات وطنية تحمي المنتج المحلي، وكذلك تفعيل التواصل مع المستهلك ومع التاجر ومع المورد أو المستورد،  فيما يتعلق بنوعية وأهمية حملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية.

 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...