الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:23 AM
الظهر 12:36 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:26 PM
العشاء 8:49 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

علي بابا.. حرامي

الكاتب: خالد بطراوي

بعد أكثر من ثلاثين عاما منعت خلالها – كما غيري - من دخول فلسطييننا الداخل، اصطحبني نادر الجعبة الى مدينة يافا ليلا، حيث سرنا أكثر من عشرين كيلومترا مشيا على الاقدام على شاطئها الجميل.

وكان أن تجاذبنا أطراف الحديث ( عجبتني هاي تجاذبنا ) وكنت أستمع الى هذا الانسان الذي أمضى قليلا أكثر من عشرين عاما في السجن وهو يحدثني بشتى الأمور ( أيضا عجبتني شتى هاي).

الى أن روى لي أنه قد حضر فيلما ليحيى الفخراني، عندما عاد ابنه من المدرسة غاضبا ولا يريد العودة اليها لأن المعلمة رفضت وبشدة وبغضب أن تتفق معه بأن علي بابا هو أيضا حرامي.

جادل الصغير بأن علي بابا وجد كنزا في مغارة وكان هذا الكنز هو لعدد من اللصوص يخبئون ما يسرقونه في المغارة، الى أن اكتشف علي بابا ذلك، فقام بدوره بسرقة اللصوص، فتحول هو الى البطل الاسطوري، بينما الأربعين حرامي بقوا هم " حرامية". الصغير يقول أن علي بابا هو أيضا لص، لأنه سرق. وقد فكر يحيى الفخراني أن يصطحب ابنه الى مخفر الشرطة رافعا قضية ضد علي بابا باسم الحق العام.

لكن ماذا عن روبن هود، الشخصية الانجليزية الفارس المهذب الشجاع البارع في رشق السهام الذي قام بسرقة الاغنياء لاجل توزيع الغنائم على الفقراء. أليس هو الأخر لصا؟
أم أن لص عن لص بيفرق؟

هنا بدأت هلوستي وأنا أسير على شواطىء يافا ... اذا هذه هي المنظومة الاجتماعية ، يحق لفلان أن يكون لصا ولا يحق للاخر أن يكون كذلك.

وعندها توقف رفيقي نادر وقال " أتعرف ... هنا لا مكان لنظرية أينشتاين حول النسبية " ... قلت "كيف .. وضح " قال " كل الأمور في العالم قد تكون نسبية الا أن أمور كالسرقة لا يمكن أن تكون نسبية".

فعلا هو كذلك .. اما أنك لص أو أنك غير لص .. ولا يوجد تبرير لأي من عمليات السرقة، فاما أنك حرامي أو غير حرامي واما أنك نزيه أو غير نزيه وهكذا.

أثناء كتابة هذه الهلوسة تهاتفت مع الشاعرة سماح شلبي التي ترى أن النظرية النسبية تنطبق حتى على علي بابا وميزت بين استعادة الحق والسرقة وقالت أنك مثلا لو استرجعت مسروقات لك حتى بدون علم من قام بسرقتك فان ذلك لا يشكل سرقة. وهنا أيضا لمعت هلوسة جديدة مفادها أن استرجاع الحق ليس سرقة، لكن كيف يكون استرجاع المسروقات، هل يكون بشكل شخصي ( بذراعك ) او ما يسمى قانونا " استيفاء الحق بالذات " أم من خلال القنوات القانونية.

أنا شخصيا أتفق أن علي بابا حرامي أيضا، ولا يشفع له حنكته وذكاءه، بل وازيد الى أبعد من ذلك بالقول أن علي بابا مجرم أيضا، ويجب أن لا نصفق له. فكيف له أن يرضى أن تتم معاقبة اللصوص بقتلهم حرقا بالزيت الحار، بل ويكافىء " الجارية مرجانه " لفعلتها هذه بأن يزوجها لابنة البكر، بدلا من تجريمها بتهمة القتل العمد مع سبق الترصد والاصرار، وكيف له آصلا أن يرضى بفكرة الجواري، وكيف بالأساس صدقنا ( لهبلنا) قصة أن علي باب فقير وتبين أن لديه جارية ( مش راكبة).

وعندما قرأت مقالتي لزميلي المهندس سامر زيتون ضحك وقال " صح .. علي بابا حرامي ... بس ملعون ... بكل أريحية سرق تعب الأربعين حرامي ع البارد المستريح".

فكرت في ذلك كثيرا، فكم من لص كبير سرق صغار اللصوص واستخدم سلطته وزبانيته ( حلوة هاي زبانيته) كي يسرق غيره من اللصوص. وضحكت وأنا أكتب ما كتبته متذكرا رفيقي أمين عنابي الذي يقول لي دوما عندما كنا نسير في جنازة فقير بالكاد يجد من يحمله الى القبر، حيث يضرب لي المثل متحسرا على قلة العدد قائلا " فعلا ... تعريص الفقير وموت الغني".

اذا نحن هنا أمام قلب مفاهيم أولها قصة علي بابا والأربعين حرامي فان عدد اللصوص الفعليين هم الأربعين حرامي، وبضمنهم زعيمهم الذي لم يختبىء معهم وناله طعنة في صدره من الجارية مرجانه عن سبق ترصد واصرار، ويضاف اليهم علي بابا أيضا، وشقيقه الذي تسلل خلف علي بابا الى المغارة وزوجته التي أزرته، والجارية مرجانه التي قدمت الدعم اللوجستي ( حلوة الدعم اللوجستي) لسيدها بل وقتلت هذا الكم الهائل من البشر متسلحة بفكر داعشي بامتياز.

ولا أخفيكم، فنحن أيضا في عداد اللصوص حيث صفقنا على مدى التاريخ لعلي بابا الحرامي ، شهبندر الحرامية، وخلدناه في التاريخ بطلا وأسطورة وشجعنا أطفالنا على اعتباره مثلا أعلى.
على بابا .... يا حرامي ... يا امبراطور الحرامية واللصوص.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...