الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

تحليل سياسي: جباية ثمن ما قبل التهدئة

غزة -راية

بعد أن أعلن أوباما استعداده للوساطة لوقف إطلاق النار، وطالب كل من مصر وقطر وتركيا بالتدخل؛ بدأت رسمياً العملية السياسية الموازية للعملية العسكرية للوصول لتهدئة بصيغة ما، وحسب تسريبات اسرائيلية فإن اسرائيل منحت الضوء الأخضر لمحادثات التهدئة، وساد تفاؤل كبير يوم السبت نهاراً، وتناقلت وسائل الاعلام بعض الصيغ المقترحة، التي على ما يبدو لم تستجب لمطالب حركة حماس، فجاء الرد السياسي بالرفض أو نفي وجود أي مبادرات جدية، لكن الأهم كان الرد القسامي، رد التحدي بالإعلان المسبق عن توقيت قصف تل أبيب، والوفاء فعلاً بالوعد عبر قصف تل أبيب ومدن المركز بوابل من الصواريخ.

وقد حمل القصف المعلن عن توقيته وقراره مسبقاً، علاوة على رسالة التحدي، رسائل تنطوي على ان المقاومة لا زالت رغم القصف تتمتع بقدرة تحكم وسيطرة وانضباط عالية جداً، وفي ذلك رد عملي على كل مزاعم قادة جيش الاحتلال ان المقاومة وبنيتها التحتية ومنظومتها القيادية تعرضت لضربات وخسائر موجعة، علاوة أيضاً على الرسالة النفسية والإعلامية؛ الأمر الذي استفزهم شديد الاستفزاز، حيث أظهر عجزهم وفشلهم وجبنهم، عجزهم عن ضرب منصات الصواريخ، وفشلهم في توفير الحماية لشعبهم، وجبنهم من المواجهة عبر تهربهم من المواجهة البرية.

جنون القصف القاتل

فجن جنونهم ليس فقط من رسالة التحدي، بل مما حملته أيضاً من رفض لصيغ التهدئة المطروحة، فبدأت مرحلة جديدة من جنون القتل الهمجي، وصفها قائد عسكري كبير انها مرحلة "القصف بدون قفازات"، أي القصف بهدف القتل دون الالتفات لعدد الضحايا أو فئاتهم العمرية، وعمموا في إعلامهم ان جيشهم سيعتمد مبدأ الضاحية، أي تسوية مربعات سكنية بالأرض لخلق تأثير ومفعول قصف الضاحية اللبنانية، الذي يزعم الاحتلال انه يردع حزب الله من خرق تفاهمات إطلاق النار.

أي طالما ان الجيش لا يستطيع ان يؤثر في المقاومة مباشرة ويضطرها لقبول وقف إطلاق النار؛ فإنه سيضطرها لذلك بشكل غير مباشر، عبر إرهاب المواطنين وسفك دمائهم وتدمير منازلهم، ينتقم من الشعب ليضغط على المقاومة، يخطف الشعب ويأخذه رهينة، ويمارس عليه أقسى أنواع القتل والترويع لاستعادة التهدئة، وهذا ما قاله مصدر سياسي اسرائيلي للقناة العاشرة، انهم سيجبرون حماس على القبول بالتهدئة سواء بالطريقة العسكرية أو السياسية.

كما ان للقتل الجنوني والتدمير الهمجي للبيوت والمقار والمؤسسات الحكومية هدف رئيسي آخر، وهو الانتقام وجباية الثمن، صور الدمار وأعداد شهدائنا نتيجة القصف التي تعرض على شاشات تلفزتهم هدفها الأساسي نيل رضى جمهورهم، وتمهيد الطريق لتفهمه لأي وقف لإطلاق نار وتهدئة جديدة، فالقيادة السياسية والأمنية لدولة الاحتلال لا تستطيع تمرير تهدئة في ظل شعور الجمهور الاسرائيلي بعدم الرضى عن أداء حكومته وجيشه، بدون ان تعرضهم للانتقاد ودون ان تعرض مسيرة ومكانة نتنياهو السياسية للخطر.

يقول يوآف ليمور مراسل الشؤون العسكرية: "ان الجمهور الاسرائيلي يرى ان نتيجة المواجهة في أحسن الأحوال هي تعادل صفر – صفر، وان التعادل لصالح الفلسطينيين، هذا الشعور لدى الشارع يستفز كثيراً قيادة الجيش، لذلك أسهب قائد عسكري يشرح لي ويقنعني كيف اننا متفوقون على حماس، حيث وجهنا لهم ضربات مؤلمة جداً، وألقينا عليهم أكثر من 800 طن من المتفجرات، وقد أفشلنا كل مفاجآتهم في "زيكيم"، وعملية النفق، وكيف ان القبة الفولاذية تتصدى بنجاح لصواريخهم، ما أصابهم بالإحباط".

بيد ان كل ما يقوله ويقوله سياسيون وأمنيون كثر ويطالبون بوقف العملية، لأنها استنفذت أهدافها، لا يقنع الجمهور الإسرائيلي، ولا يقنع عدداً من قيادات "الليكود" ولا بعض أعضاء الكابنيت، لذلك فإن نتنياهو بحاجة الى الكثير من صور الدمار والقتل ليستطيع ان يرقص على دمائنا لإرضاء جمهوره، وترميم صورته التي هزتها تحديات المقاومة، فكلما زاد عدد الشهداء زادت نسبة الرضى عنه، وفي ظل فشل جيشه في منحه أي صورة من صور النصر ومع احتمال اقتراب التوصل الى تهدئة فإنه بحاجة الى جباية ثمن كبير، لعله يستطيع تسويقه كصورة نصر دونما اكتراث أنها ملونة بدماء الأطفال ومصنوعة من لحمهم المشوي.

سبب آخر للقصف الهمجي يكمن في رغبة نتنياهو بأن يفرض على المقاومة الوصول لتهدئة قبل ان يضطر تحت عامل الضغط الشعبي إما لوقف إطلاق النار من جانب واحد، مثلما ينصح من بعض الأمنيين والسياسيين، وان استمر قصف الصواريخ سيكون بوسعه العودة للقتل وقد ملأ رصيد الشرعية حتى آخره، لكنه يخاطر في أن يظهر أمام جمهوره بمظهر المتخاذل؛ أو ان يضطر لخطوة طالما أراد ان يتهرب منها، وهي دخول بري مهما كان محدوداً.

مسار التهدئة

بعد ان جاوز عدد شهدائنا المئة وستون شهيداً (صبيحة الأحد) وهو أكثر بعشرين شهيداً تقريباً من مجموع شهداء حرب الأيام الثمانية؛ فإن تل أبيب تبدو انها باتت في عجلة من أمرها في التوصل الى تهدئة بصيغة قريبة من صيغة 2012 مع استعداد ايجابي لنقاش موضوع الحصار والجانب الاقتصادي، على الرغم من الأحاديث الكثيرة والتهديدات العنترية باجتياح بري، وعلى الرغم من تشدد عدد من أعضاء الكابنيت ودعمهم لاجتياح بري.

يبدو أن عدد الشهداء الكبير وصور الدمار قد منحت نتنياهو "انجازاً" يشعر انه يستطيع من خلاله ان يستعيد ويرمم بعض ما فقد من صور الزعامة أثناء العدوان، كما ان ما يدعم هذا التوجه لديه ثلاثة عوامل رئيسية:

الأول: ان الجيش أبلغه بتعقيد ومخاطر أي مغامرة عسكرية برية، والتكلفة العالية على كل المستويات، وانه لن يستطيع أن يحقق أهدافاً ذات مغزى حقيقي، وان أي تدخل بري محدود سيكون محكوماً بتطورات الميدان من الناحية الأمنية، أي ان التحكم بعمق التدخل وزمنه مرهون بإملاءات المعركة، كما ان عمليات القصف الجوي غير مجدية في وقف إطلاق الصواريخ.

الثاني: ان نخبة مهمة من الأمنيين المتقاعدين، الذين يدركون عجز وعبثية مواجهة اسرائيل للمقاومة، وعقم أي حل عسكري بعيداً عن الحل السياسي، نصحوا نتنياهو بوقف العملية العسكرية والاكتفاء بالردع الذي تحقق، ومن بين هؤلاء يوآف غالنت، قائد المنطقة الجنوبية أثناء حرب 2008 وكان مرشحاً لرئاسة الأركان، وعموس يادلين المسؤول السابق لجهاز الاستخبارات، والذي يشغل اليوم منصب رئاسة معهد أبحاث الأمن القومي، وديسكين المسؤول السابق للشاباك، وآخرين؛ علاوة على موقف يعلون الذي قال أمس انه سيتجاوب مع أي تهدئة تأخذ بعين الاعتبار الشروط الإسرائيلية.

الثالث: ان الجبهة الداخلية الإسرائيلية، لا سيما منطقة تل أبيب، تضغط كثيراً لصالح العودة لنهج الحياة الطبيعي، وتشتكي من الخسائر ومن عدم قدرتها على إدارة حياة طبيعية تدور حول الصافرات المخيفة والبحث عن الغرف والأمكنة المحصنة.

على الرغم من نفي جهات عديدة ان تكون ثمة مفاوضات أو اتصالات جدية حول التهدئة، سواء فلسطينياً أو اسرائيلياً، وعلى الرغم من ان ثمة من يعتقد ان مفاوضات التهدئة متعثرة وتعاني؛ لكن بات من الواضح ان الحاضنة السياسية لوقف العدوان قد بدأت بالعمل، التصريحات الامريكية، وبيان مجلس الأمن الذي طالب بالعودة لتفاهمات 2012، كذلك اتصالات وتصريحات السيسي، والقناة القطرية والتركية، وتخصيص لقاء وزراء خارجية الدول الست لبحث تطورات العدوان؛ كل ذلك يظهر حراكاً دولياً بدأ بالاهتمام للتوصل الى تهدئة ووقف إطلاق النار، وربما تكمن المعضلة في إشكالية العلاقة بين حماس والوسيط الرئيسي مصر، بالإضافة لشروط التهدئة التي تريد حركة حماس تحقيقها، والضمانات التي تضمن التزام اسرائيل بما يتم الاتفاق عليه.

نقلا عن مركز أطلس للدراسات الاسرائيلية

Loading...