الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

أيمن والعشاء الأخير

 

القدس المحتلة- رايــة:

فداء رويضي-

كان يوما طبيعيا بالنسبة له، ذهب الى عمله الجديد صباحا، عاد في الخامسة مساء، تناول الوجبة الأخيرة واستحم، قبل بدء المواجهات المعتادة بين قوات الاحتلال والشبان، سمع أيمن الأصوات وتوجه لمكان المواجهات في حي رأس العامود، وما هي الا دقائق حتى اخترق الرصاص جسده الصغير، واستقر في صدره فسقط شهيدا.

أيمن سميح العباسي "17 عاما" هو شهيد القدس في هذه الليلة المشؤومة، سبعة عشر عاما لم يقضيها كأي طفل عادي، لم يكمل دراسته، فعام ونصف في سجون الاحتلال وتحت التعذيب كانت كفيلة بتسجيل غيابه عن قائمة الحضور المدرسية لينتقل بعدها الى الأسر الأصعب "الحبس المنزلي" لمدة عشرة أشهر قضاها في منزل عمته في سلوان.

تقول عمته: "كان طيبا .. ذو قلب حنون .. ذكي للغاية .. ولديه عزة نفس لم تفارقه أبدا .. والابتسامة لم تغب عنه بالرغم من كل الظروف التي عاشها وحتى في نعشه كان مبتسما".

أيمن كان ملقى على الأرض، دمه ينزف على الأرض التي عاش وترعرع فيها "سلوان"، هذه القرية التي تقع جنوبي المسجد الأقصى وتحيطها المستوطنات من كل جانب، ويمشي فيها المستوطنون بكل أمن وأمان فالحراسة ترافقهم دوما، لكن أيمن كان وحيدا يمارس حقه في المقاومة دون حراسة من أحد.

المشهد يزداد قساوة، الظلام شديد والدم ينزف وقوات الاحتلال ما زالت تطلق القنابل الصوتية والغازية في كل مكان، حمل الشبان أيمن ذو الجسد الصغير الذي عانى الكثير الى المركز الطبي القريب في عين اللوزة، وفي تلك اللحظات أعلن عن استشهاده، سمع الطرفين بذلك فازداد غضب الشبان واشتدت المواجهات، واستدعى الاحتلال قوات اضافية سارعت نصفها لاقتحام المركز الطبي لاختطاف جثمان أيمن وضمه الى الجثامين المحتجزة لديهم.

قبل ذلك كان الشبان قد أخرجوا الجثمان بسرية تامة الى بيته، فيما احتجزت قوات الاحتلال الأطباء والممرضين والمرضى في المركز الطبي الذي نقل اليه، كذلك اعتدت بالضرب على المسعفين، وقال أحدهم للطبيب "كيف تعالج مخربا؟" فرد عليه الطبيب "قمت بواجبي الانساني والمهني" وبعد أكثر من ساعتين غادرت القوات المركز الطبي، في هذه الاثناء كانت سلوان ورأس العامود عبارة عن ثكنة عسكرية، القوات في كل مكان، بدأ الجميع يتوافد الى منزل الشهيد.

منزل صغير لعائلة بسيطة، تملأ جدرانه صورا لمحمد شقيق الشهيد، وهو أسير حكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات قضى منها ثلاثة، تقول عمته: "كانت أمنيته أن يرى أخوه.. أن يزوره ويتحدث معه، كانوا يلتقوا في المحاكم عندما كان أيمن في الأسر، وبعد ذلك حاول ايمن بكل الطرق ان يستصدر تصريحا لزيارته لكن بلا جدوى كونه أسير سابق".

وفي منزل الشهيد أيضا عصفور وحيد حزين في غرفة أيمن، يقول عمه: "عندما كان أيمن في الأسر كنا نستذكره بعصفوره.. كان يحبه كثيرا ويعتني به أكثر من أي شيء أخر".

 

منزل الشهيد الذي اكتسب هذا اللقب بعد أن كان منزل الأسرى انطلقت منه جنازة مهيبة، حمل فيها أيمن على الأكتاف، ونقل الى مقبرة "السناونة" التي تحتوي على قبرين فقط لشهيدين ارتقوا عام 1967، وبهذه المقبرة اتخذ أيمن مكانه بين الشهيدين.

انتهت جنازة الشهيد بعد منتصف الليل وخلد الجميع الى النوم سوى أمه التي تحترق على فقدان طفلها الاصغر، حتى أنها لم تقوى على اجراء مقابلة، وأبوه من ذوي الاحتياجات الخاصة، بقيا يحترقان حزنا على صغيرهم الذي أحب الحياة لكن لم ينلها.


 

Loading...