مكفوفو القدس في خطر !

 

القدس المحتلة- رايــة:

فداء رويضي-

عند مرورك من طريق الآلام "عقبة المفتي" في البلدة القديمة بالقدس قد يلفت انتباهك المشغل المتواضع على يمينك، بحجارته المعبقة برائحة الماضي، والأخشاب المتناثرة داخله، التي تختلط مع صوت الضجيج وبعضا من منتجات ثانوية أخرى ليكون المنتج "مكنسة، أو فرشاة"، يعملون منذ الصباح الى العصر بلا توقف، تتحول أيديهم الى آلة تتحرك بسرعة بذات الطريقة لمرات ومرات، وعيناهم موجهة للأمام لا الى القطعة في أيديهم، وقد لا يلفت انتباهك كل ذاك، لكن أحدهم يدخل الى هذا المكان يوميا ليقطع عهدا جديد مع نفسه ويتمتم في سره "أنا أنتج، أنا لست عاجزا"، يعمل لساعات دون أن يرى الحجارة ولا الأخشاب ولا شعر الخيل ولا حتى صديقه الذي يعمل بجانبه منذ سنوات، لكنه يشعر بكل ذلك، ويدخل بالرغم من أنه لا يستطيع قراءة اليافطة التي كتبت في أعلى ذاك المكان "جمعية المكفوفين العربية".

بضائع رخيصة .. لا تبرعات

هي جمعية أسسها مجموعة من المكفوفين عام 1932، بعد قرروا أن يوجدوا عملا لهم ليؤمن لقمة عيشهم بكرامة، وأن لا يكونوا عالة على المجتمع، ومن هنا نشأت فكرة إنشاء مشغل خاص بهم، يصنعون فيه الفراشي والمكانس.

كان مقر الجمعية في باب الخليل بالقدس المحتلة، لكن نتيجة الأحداث المتوالية وحرب عام 1948، أغلقت الجمعية، ليعاد افتتاحها من جديد عام 1952 داخل البلدة القديمة بالقدس، ومنذ ذلك الحين والجمعية تعمل دون توقف، فوصل عدد أعضائها الى 150مكفوفا، منهم 25 يعملون في الإنتاج، لكن منذ عامين والعمل قليل بالكاد يذكر، تقول نادرة بزبز مديرة جمعية المكفوفين العربية: "مؤخرا غزت البضائع الرخيصة "الصينية" السوق، وبات التاجر يشتريها كبديلا عن إنتاج المكفوفين، يكلفنا إنتاج المكنسة الواحدة 12شيقلا، لكننا نبيعها ب 11 شيقلا، لأن التبرعات والدعم كان يغطي هذه الخسارة، لكن للأسف التبرعات متوقفة منذ سنتين".

مكفوفي القدس وشوارع رام الله

عدا عن ذلك فبلديات محافظات الوطن لا تشتري انتاج هؤلاء المكفوفين، عدا بلدية رام الله وبلدة الرام الذين يتعانون بشكل دائم مع الجمعية، ويشترون ما يحتاجونه من مكانس للشوارع وفراشي الدهان وغيرها من إنتاج المكفوفين.  

تقول نادرة: "توجهنا للبلديات أكثر من مرة، بلدية بيتونيا وبيرزيت اشتروا من إنتاج المكفوفين مرة واحدة، منتجات المكفوفين تتمتع بجودة عالية، حيث يتم استيراد الخشب ومواد طبيعية كالقش والليف وشعر الخيل وجميعها من هولندا والمكسيك، هذه المواد باهظة الثمن، نحن بحاجة لمواد الخام هذه لنستمر في عملنا".

تراكمت الديون على الجمعية فوصلت الى ١٥٠ ألف شيقلا، ومذا أشهر لم يحصل المكفوفين على أجورهم، وحتى موظفي الجمعية لم يتلقوا رواتبهم، عدا عن فواتير الماء والكهرباء المتراكمة، وإذا استمر الوضع كذلك ستغلق الجمعية وسيصبح المكفوفين بلا عمل.

مناشدة

وتناشد مديرة الجمعية الرئيس الذي توجه له أكثر من طلب للحصول على مكرمة، كما وتناشد رجال الأعمال والشركات الخاصة، وكل شخص يستطيع إنقاذ هذا المشغل القديم الذي يقع في مكان حساس بمدينة القدس، وأطماع الإحتلال تدور حوله منذ القدس.