الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

ما تبقى من زيتون

الخليل- رايــة:

طه أبو حسين

غرب الخليل، بمحاذاة الجدار الفاصل في بلدة اذنا ذات التسمية السريانية بمعنى الأذن، لا بدّ لك أن تسمع تهليلات الحاجة نايفة طميزي _ التي تكاد لا تسمع شيئا_ بأغنياتها الشعبية التي تمزج الألم بالأمل بينما تغنّيها وهي تتربع أرضها التي سلب الجدار معظمها وأكثر من ثلثي أراضي البلدة، فنايفة تمسك بيديها نصف شبك المروحة الكهربائية وتغربل به الزيتون من ورقه الذي قطفه أفراد العائلة، ثم تعبئه بأكياس كبيرة حتى يتم إرسال أكثره للمعصرة وبعضه للرصيص.

"أسناني في الدار"، قالتها الحاجة نايفة محاولة الامتناع عن الحديث خاصة لضعف سمعها، غير أن محاولتنا معها بالإشارة والصوت المرتفع جعل الابتسامة تخرج من بين تجاعيد وجهها، فقالت وهي تمسح حبات الزيتون كما لو كانت تمسح على رأس حفيدها " أحب الزيتون، وأحب فرطه، وغربلته، فأنا لا أحب البقاء بالمنزل. كنت منذ الصغر أشارك في قطف الزيتون، وهذه الأرض مساحتها عشرة دونمات وهناك غيرها التهمها الجدار، الاحتلال لم يترك لنا شيئاً".

في ذات "الحاكورة" كان يمشي الحاج صقر طميزي على ثلاثة، عكازته تقزّمت بعض الشيء لتآكل بعضها كما يتآكل عمره الذي زاد عن الثمانين شيئا فشيئا، يشرف على أبناءه وأحفاده في عملية قطف الزيتون ويعد لهم الشاي على الحطب بنكهته ورائحته الزكية، ثم يعود ويجلس مستريحاً لا من العمل من الأرض بقدر ما هو وجعاً على أرضه التي تطلّ أمامه أسيرة بسياج الاحتلال الإسرائيلي الذي يحول بينها وبينه. " أنا أحب تفقد الزيتون يومياً، فليس ممكنا أن أغيب عنه يوما، لأنني أحب الأرض والشجر كونهما التاريخ، فالأرض لنا ولن نتنازل عنها".

يزيد عمر الزيتون في أراضي إذنا عن 50 عاماً كما يقول الحاج صقر، " الجدار سلب مني أكثر من 20 دونما، لم يبقَ لي إلا أربعة،( الجدار أخذ ثلاثة أكوام من إذنا وأبقى لنا كوماً واحدا).

وتقع بلدة إذنا إلى الغرب من مدينة الخليل والتي ترتفع 500 متر عن سطح الأرض وتعداد سكانها يزيد عن 21000 نسمة، تعد من الأراضي المحتلة عام 1967م وتقع على الخط الأخضر، مساحتها تقدر الآن بـ 17000 دونما بعد أن كانت 37000 دونما عام 1948.

جاد طميزي يقول "منطقتنا على حدود الجدار، وهي مهددة بالمصادرة، يمنع البناء فيها، الفلاحين يتعرضوا للمضايقة بشكل مستمر، لكنهم متمسكين بها، يحرثوها ويزرعوها، لكن الاحتلال مستمر باعتداءاته، وقبل أعوام اعتقل ياسر طميزي خلاله حرثه أرضه في المنطقة، وتم أخذه لجهة مجهولة وتصفيته".

كذلك هو قطاف الزيتون في فلسطين عامة والخليل خاصة، قد يحمل بين طياته قطاف الأرواح والحياة، وربما قطاف المزيد من الأرض لصالح احتلالي أو ما هو أبعد من ذلك، غير أن الروح الفلسطينية متجذرة ولا تقوى على زيت يزيدها قوة إلا من أرضها حتى وإن كانت مغتصبة.

Loading...