الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حين تتحول شوارع القدس الى مسرح

القدس المحتلة-راية:

فداء الرويضي-

هم يحدثون ضجة لدقائق في مكان ما بشوارع القدس، يتجمهر الناس حولهم، يقدمون فنا جديدا على مدينة أنهكتها الإعدامات الميدانية، والأحداث الحزينة المتعاقبة، ماتت القدس في أشهر كانت الأصعب عليها، فقدت شهداء كان لكل منهم حياة، وفقدت مارة تجولوا في شوارعها يوما، هم اليوم أسرى خلف القضبان، لكن القدس وكما عهدناها دائما لا تكترث لشفقتنا عليها، فتعود لتحيا بيد مقدسيين ابتكروا نوعا أخر من أنواع الصمود، فأحيوا شوارع المدينة في فعالياتهم التي اتخذوا الشارع فيها مسرحا، والمارة جمهورا، الذين جذبهم الضجيج المدروس ليسرقوا دقائق من وقتهم المنهك، ويعيشوا لحظات هي الأجمل في فعاليات مبتكرة، "فرقة أرض الأحلام"، "سيرك الشارع"، "مهرجين الشارع المقدسي" وفرق أخرى، شبان و فتيات، متطوعون و متطوعات، نشطاء القدس، وغيرهم ترفع لهم القدس القبعة شكرا لإحيائها.

 

"أرض الأحلام"

"سنافر وشرشبيل" شخصيات كرتونية معروفة لثلاثة أجيال، حولتها "فرقة أرض الأحلام" الى مجسمات من البالونات في جدارية تجاوز طولها الأربعة أمتار، كانت هذه إحدى فعاليات الفرقة،  فعمل الفريق الأساسي والمكون من 53 متطوعا ومتطوعة هو تحقيق حلم الطفل، وإخراج أحلامه الى أرض الواقع، من خلال مجسمات البالونات والممثلين، يقول موسى مهلوس أحد أعضاء الفريق:"أخر فعالية للفرقة كانت تحت عنوان "حق البالون ضحكة" والتي بدأت قبل أسابيع وستستمر لستة أشهر أخرى".

في شوارع القدس وتحديدا عند باب العامود، نصبت فرقة أرض الأحلام معداتها، مجسمات وأشكال مصنوعة من البالونات بانتظار أطفال القدس ليمتلكوها، والثمن ضحكة مقابل كل بالون، يقول موسى:" الهدف من الفعالية نشر الإبتسامة على وجوه أطفال القدس الذين ملوا من واقع يحاصر أبسط أحلامهم، ولم نتوقع العدد الكبير الذي حضر من الأطفال وذويهم، فكانوا بانتظارنا عند درجات باب العامود".

"حق البالون ضحكة"

كان موسى ورفاقه يجلسون على الدرجات ذاتها كل يوم، يبتكرون مجسمات وأشكال جديدة من البالونات الملونة، وفي كل مرة كان المارة يسألونهم عن هذه المجسمات ان كانت للبيع، قبل الفعالية بأيام كانوا كعادتهم جالسين فقرروا أن يبيعوا هذه المجسمات، لكن ليس بالمال، إنما المقابل ضحكة، فسموا الفعالية "حق البالون ضحكة" وروجوا لها عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي، وبعد أن انطلقت الفعالية من شوارع القدس، ستكمل رحلتها في مخيم دهيشة، جنين، نابلس، طولكرم، مخيم الجلزون، أريحا، النقب، والمدن المحتلة عام 1948.

القدس "ميتة مؤسساتيا"

الغريب الجميل في فعالية لأرض الأحلام أنهم لم ينتظروا الطفل أن يأتي الى الفعالية، بل بدأوا بالتجول في أزقة البلدة القديمة، ودقوا أجراس البيوت، ليخرجوا الطفل ليشارك في الفعالية.

أما عن السلبيات والإيجابيات في فعاليات الشارع فيقول موسى:" أن تكون الفعالية في مكان محصور فذلك يعني أنها لن تستوعب الجميع، في الفعالية الأخيرة تمكنا من توزيع أكثر من 600 بالون لأننا بالشارع، أما في المكان المحصور فلن تستوعب هذا العدد من المشاركين أصلا، فعاليات الشارع هي الأفضل لأنها عفوية أكثر وتمكن كل شخص من المشاركة، لكن السلبي فيها أنك لن تكون المسيطر دائما، فمن الممكن أن يقمعنا جيش الإحتلال في أية لحظة، لكن ما نريده فعلا هو إحياء القدس، فهي مدينة مؤسساتها ميتة، كنشطاء في المدينة المقدسة نختلط مع الأطفال الذين يعانون من ضغوط نفسية في أحياء القدس لنفرغ الضغط من خلال شخصيات بالونية بسيطة".

مهرجين الشارع المقدسي – عمو نعنع

خلف شخصية المهرج "عمو نعنع" تختبئ شخصية أخرى، هو أسامة مخيمر من القدس، يعمل مرشد سياحي، لكن التهريج الوجه الأخر والنصف الأخر من حياته، يقول أسامة:" المعروف شعبيا عن المهرجين أنهم يقفون على مسرح، يمثلون "سكيتش مسرحي" عن قضية ما، يرسمون الضحكة على وجوه الأطفال والكبار".

كمهرجين الشارع المقدسي أراد موسى ورفاقه أن يغيروا هذا الطابع، نزلوا الى الشارع، وزعوا البلالين، ورسموا على وجوه الأطفال، الكثير من فعاليات الشارع خاضها الفريق، فهم يؤمنون بأن للطفل حق أن يرى المهرج، حتى وإن لم يتمكن من الذهاب الى المؤسسة أو النادي أو المسرح، يحي أسامة هذا النوع من الفعاليات ويعتبره أكثر راحة، فهو يعطي طاقة كبير للطفل والمشارك والمهرج أيضا، وهو نوع أخر من أنواع الصمود في المدينة المقدسة كما يقول.

يضيف أسامة:" أنا أحب الأطفال، وأحب التعامل معهم، الطفولة التي عشناها كانت في ظل الإنتفاضة والأحداث المتلاحقة، فكان في طفولتنا شيئ ينقصنا، أحب أن أعوض لجيل اليوم ما فاتنا، فتعلمت فن التهريج من خلال المؤسسات التي كنت أشارك فيها، تعلمت كيفية الإندماج مع الأطفال، الدراما والمسرح.

سيرك الشارع

في إحدى الحافلات العامة، وفي الطريق من القدس الى حي الشيخ جراح، يجلس أحمد الجعبة في مقدمة الحافلة يطالع كتابا، أما في وسط الحافلة فيجلس مؤمن أبو صبيح يحمل جيتارا، يعزف ويغني، الركاب سعداء بما يستمعون له، فجأة ينهض أحمد ليعترض على غناء مؤمن وعزفه قائلا له:" أريد أن أقرأ" فيعترض الركاب على أحمد ويطلبون من مؤمن الإستمرار، وبعد جدال، يأتي بشار المشني ليسأل مؤمن عن ما يعزفه فيقول انه لسيرك الشارع، ويسأل أحمد عما يقرأه فيجيب لسيرك الشارع، ليعلنوا بذلك للناس عن فرقتهم "بسكيتش مسرحي" عفوي.

أحمد ومؤمن وبشار، إضافة الى معتز قواسمي وليلى سعادة، وميرينيا يعقوبيان هم فريق "سيرك الشارع" الذي تأسس قبل نصف عام، ويعتمد الفريق في أدائهم على السيرك والتهريج، والموسيقى الغير مسجلة، إضافة الى ألة الجيتار، يقول أحمد الجعبة أحد أعضاء الفريق:"أول عرض قدمناه كان نهاية العام الماضي وتفاعل الناس معه كان جيد، فحضر أكثر من مئة شخص، لم نتوقع ذلك خاصة أن الإعلان كان قبل ساعات من العرض".

في القدس حياة

بدأ العرض في محطة الباصات بشارع نابلس في القدس، كانت مدته ثلث ساعة، تعجب الناس لما يحدث وبدأوا بالتجمهر، منه الى شارع الزهرة ثم الى شارع صلاح الدين مرورا بشارع السلطان سليمان،  باب العامود لسوق خان الزيت الى السوق الدباغة وسوق أفطيموس، في هذه الشوارع عرض "سيرك الشارع" عرضهم، يقول أحمد:" كان هدفنا من ذلك هو أن نعزز هويتنا، فهم يدعون "الاحتلال" أن سوق الدباغة ملك لهم، لكننا ذهبنا الى هناك وعرضنا وتكلمنا بلغتنا العربية وغنينا، أما هدفنا الثاني هو أن نري الناس أن في القدس حياة، بالرغم من حصارنا من كل مكان، إلا أن هناك الكثير لتفعله من سيرك ومسرح ودبكة وموسيقى نوعية".

يحب أحمد أن يعرض في الشارع مع رفاقه، فيجد الشارع أقرب له من المسرح، فهو يستهدف الجميع وتفاعل الناس يكون عن قرب أكثر، خاصة وأنه كان بالأساس يتدرب في الشارع،  يقول أحمد:" بدأت تعلم فنون السيرك عام 2005 من خلال صندوق لأخي الذي سافر، كان يحتوي على عدة السيرك بشكل عام، وخلال سنة ونصف كونت شخصية مهرج، إضافة الى تعلمي لمهارات سيرك أخرى، وبعد انتشار الإنترنت طورت مهاراتي عن طريق اليوتيوب، وفي عام 2008 كان عرضي الأول".

"نص تذكرة باص"

أحمد الذي يدرب اليوم السيرك في مدرسة شعفاط، ومركز مدى الإبداعي، ومدرسة الفاروق، يطمح أن يكمل الأطفال الذين يدربهم ما بدأه هو ورفاقه، ليتذوق الجميع هذا النوع من أنواع الفنون، أما العرض القادم فسيكون بعنوان "نص تذكرة باص"وهو عبارة عن حكايا سمعها احمد خلال تنقله في الحافلات جمعها في مونولوج، وسيتخلل عرضا للسيرك.

Loading...