الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:29 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:44 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الكفيفة "نسمة"..أنارت طريقها بالتحدي

 

غزة- رايــة:

سامح أبو دية-

"الاعاقة في الروح، ليست في الجسد"، من تلك العبارة صنعت السيدة الفلسطينية الكفيفة "نسمة الغولة"، نموذجا فريدا للمرأة المكافحة الطموحة، وجلعت من إعاقتها البصرية قصة نجاح، قل نظيرها في قطاع غزة.

نسمة (38 عاما) أصيبت بإعاقة دائمة بعد أيام من ولادتها، إثر حمى شوكية سلبتها بصرها، ورغم ذلك تشبثت بالأمل ومضت في طريقها المحاط بالظلمة والمصاعب والتحديات، وتدرجت في تعليمها حتى حققت حلمها ونالت درجة الماجستير بتفوق عام 2014.

وبعد تحقيق حلمها واختيارها للعمل في تدريس الطلبة الأسوياء، أصبحت الكفيفة نسمة تقف أمام طالباتها ممتلئة بالطموح، تعلمهن المعرفة وفن صناعة الحياة بإرادتها الواثقة، وتنير لهم طريقهن، ضمن برنامج تدريبي تعده وتقدمه.

وقد وصلت الكفيفة الغولة في عدد قراءتها للكتب ما عجز عنه المبصرين خلال فترة قياسية، رغم المشقة وصعوبة الطريقة التي تقرأ وتكتب بها.

ولأن النجاح يبدأ من الفشل، فقد بدأت نسمة أولى خطواتها العلمية بعراك مزدوج مع ذاتها ومجتمعها المحيط، فبمجرد أن حطت قدماها عتبة التعليم التمهيدي والابتدائي عجزت في التأقلم مع ذوي الإعاقة.

واشتدت مأساتها إثر التجاهل الذي لاقته من أقرب الناس لها (عائلتها المتألفة من 13 فردا يأويهم بيت صغير)، "كل منهم له اهتماماته الخاصة" حسبما تصف نسمة.

ورغم هذا الكم من الصراعات إلا أن نسمة تفوقت وحصدت المرتبة الاولى خلال السنوات الست التي قضتها في مدرسة خاصة بالمكفوفين لدراسة المرحلة الابتدائية.

دراستها الاعدادية كانت أفضل من سابقتها، فأصبحت متقبلة لشخصها ولعالم الاعاقة مما يسر الأمور معها بفارق كبير، إلا أن نظرة الأهل والمجتمع القائمة على العطف والاحسان باتت العقبة الوحيدة أمامها، كونها توسلت إليهم كثيرا بأن يعاملوها كفرد طبيعي.

وتخطت نسمة الإعدادية، لتضطر بعدها للالتحاق بمدرسة دلال المغربي الثانوية التي يتردد عليها أشخاص أصحاء، كون مدرسة المكفوفين لا تضم تعليم المرحلة الثانوية، وعلى وقع هذا كله عادت معيقات الاندماج السابقة تلوح في الأفق من جديد.

تجاهلت كافة المصاعب والمشكلات ووضعت في مخيلتها هدفا وحيدا، انصب على اجتياز اختبارات الثانوية العامة بمعدلٍ يؤهلها لمواصلة مسيرتها العلمية، وبإصرارها على بلوغه مهما كانت العراقيل أنهت (التوجيهي) بنسبة 85%  فرع العلوم الانسانية، وأرجعت، بتواضع، سبب تفوقها إلى تشجيع الأهل والمدرسات، متناسية عزيمتها الفولاذية.

واصلت نسمة طريقها بثبات، وانخرطت في الدراسة الجامعية وبتقلب الأيام اكتسبت احساسا أشعرها بأن الجامعة باتت المكان الأكثر أمانا، باعتبارها وفرت لها ولذويها جميع احتياجاتهم من المعدات الالكترونية الحديثة التي تتطلبها حياة الكفيف العلمية والعملية، مثل "نظارات خاصة، وجهاز حاسوب وجوال مزود ببرنامج ناطق، وكتب وصحف مخطوطة بلغة "برايل".

أخيرا، حصلت على درجة البكالوريوس "دراسات فقهية في الجامعة الاسلامية" بغزة، تقول: "لا اعاقة أمام الارادة والطموح، الانسان الذي يملك هدف لا يعيقه أي شيء، وأنا صممت ووصلت لما أردت".

ولأن لكل مجتهد نصيب سنحت الفرصة للغولة أن تنطلق بعلمها إلى خارج نطاق الكلية، بعدما طُلِب منها العمل كمدربة في مشروع "معاقون يقودون التغيير"، وبدون تردد وافقت للهفتها الشديدة في مخاطبة جميع الفئات المجتمعية.

ورغم أن درجة البكالوريوس أهلتها لتكون عنصرا فاعلا في المجتمع إلا أنها أصرت على مواصلة مسيرتها العلمية، فكانت وجهتها نحو الدارسات العليا "الماجستير" تخصص تفسير علوم القرآن الكريم، مبينة أنها اختارت هذا القسم خصيصا لتدرسه بتفاصيله، كونه علم للدنيا والآخرة.

وبالفعل، تخرجت نسمة وحصلت على درجة الماجستير عام 2014، لتصبح أول كفيفة تحصل على تلك الدرجة العلمية، تضيف الغولة: " كانت تجربة صعبة لطبيعة الدراسة التي تحتاج لقراءة الكثير من الكتب والأبحاث وكل ما يتعلق في مجال رسالتي".



بعد كل ذلك، لم يكون صعبا على نسمة أن تبدأ حياتها العملية، وانطلق لمساعدة  المبصرين الأصحاء وأعطت دورات في محو الأمية القانونية للمبصرين، ثم انخرطت في العديد من الاعمال الأكاديمية في الجامعة الاسلامية وغيرها.

الطموح لم ينتهي بعد، فلكما حققت حلم كان بعيدها، كلما اقترب حلم جديد، فهي تعسى حاليا متحلية بالأمل والارادة اللذان رافقاها منذ بداية حياتها؛ الى نيل درجة علمية أعلى ولن ينتهي الطموح طالما بقيت تلك السيدة الكفيفة تتنفس.

نسمة تعتبر الفتاة الأولى التي تلتحق بمركز التقنيات المساعدة للأشخاص المعاقين بصريا في الجامعة الاسلامية عندما تأسس مطلع عام 2000، وسرعان ما عينت كمنسقة لقسم الطالبات بالمركز عقب تخطيها البكالوريوس.

وحققت تلك المرأة الناجحة؛ دمجا غير اعتيادي بين الأشخاص الأسوياء والمعاقين بصريا من خلال موازنتها بين تقديم الدورات والعمل كمنسقة لقسم الطالبات، وبأسلوبها السليم جعلتهم يهرولون يوميا وبدون طلب لمساعدة الفتيات الكفيفات داخل المركز.

وتختتم نسمة حديثها بالقول أنه "لا يوجد شخص معاق هناك مجتمع معيق، مخاطبة المجتمع في يوم المرأة العالمي: "لا تنظروا لذوات الاعاقة بعين الشفقة إنما يجب أن تقدموا لهن ما يحتاجون، فالمعاق شخص بمقدوره أن يفعل أي شيء إذ وفرت له الامكانيات كغيره من البشر".

Loading...