الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:29 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:44 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حين اغتالوا أمي!

القدس المحتلة-راية:

فداء الرويضي-

على غير عادتها، تبدو القدس في أبهى حلتها اليوم، ورود منثورة على أرصفتها، ونغمات "ست الحبايب" تصدح في شوارعها، أما أهلها فملأوا شارع صلاح الدين وأزقة البلدة القديمة ليبتاعوا هدية لأمهاتهم، وفي مقابر المدينة أخرون، اشتروا الورد ذاته لينثروه على قبور أمهاتهم، مع دموع امتزجت بألم الفقدان والحسرة، وهكذا يقضي محمد ومصعب وهالة ومريم وهبة هذا اليوم.

هم أبناء الشهيدة فدوى أبو طير التي قتلها الإحتلال في الثامن من آذار العام الماضي، "كل حياتنا كانت مرتبطة بها، تزوجت منذ عشر سنوات ومنذ ذلك الحين أزورها يوميا، أخذ رضاها واخرج الى عملي" هكذا قال ابن الشهيدة الأكبر محمد "33 عاما".

 

"الإم بتلم" هكذا يقول المثل القديم، وهكذا كانت فدوى تجمع العائلة كل جمعة على مائدتها الطيبة، في الأعياد وفي رمضان، صوت ضحكتها كان يملأ المنزل الذي بات اليوم بلا روح، يقول محمد:" قبل أيام من استشهادها اجتمعنا لنخطط ما سنفعله لها في يوم الأم، أردناه أن يكون مميزا، وككل عام،  كل منا يهديها ما استطاع أن يشتريه، ونحتفل بها".

مريم أصغر أبناء فدوى، تدرس الخدمة الاجتماعية في سنتها الثالثة بجامعة القدس، تقول: "أمي إنسانة أكثر من رائعة، أفنت حياتها لزوجها وأولادها وأحفادها، أعطت كل فرد في العائلة حقه، كانت أمي وصديقتي وأختي، كم كان جميلا أن أفتح عيناي صباحا على وجهها، أن أعود من الجامعة فأراها تنتظرني، كانت تهتم لأدق التفاصيل في حياتي، كانت مصدر سعادتي كل همها أن ترى السعادة على وجوهنا، كانت مصدرا للقوة".

تضيف مريم بصوت مخنوق:"كانت  انسانة صبورة جدا، كانت معطاءة، كل شيء تغير من بعدها، لا استقرار، فقدت دعواتها، المنزل بات فارغا بلا روح".

يوم استشهاد فدوى كان كالفاجعة للعائلة، محمد كان في عمله حين دق هاتفه بالخبر المشؤوم:"أطلقوا النار على أمك".

أقفل  محمد الهاتف ولم يصدق الخبر، أسرع الى المنزل ونادى:"امي وينك؟" فأخبرته مريم أنها ليست في المنزل، خرج يبحث عنها عند جدته، لم يصدق حتى استدعته مخابرات الاحتلال للتحقيق، وكان طلبه الوحيد أن يراها للمرة الأخيرة، رفضوا ذلك، واحتجزوا جثمانها.

تقول مريم:"جاء أخي محمد وسألني عنها، كان في نبرة صوته خوف، شعرت بشيء غريب، اتصلت صديقة لأمي من البلدة وسألت عنها، ثم اتصل أخي مصعب:" وين أمي، أعطيني اياها بدي احكي معها".

بعد لحظات دق جرس المنزل وإذ بها الجارة تسأل مريم عن أمها، فأخبرتها حين ألححت عليها بالسؤال أن أمها مصابة على أبواب المسجد الأقصى في قدمها".

في اللحظة ذاتها وصلت رسالة من تطبيق للأخبار على الهاتف "اصابة فدوى أبو طير والتي تبلغ من العمر 51 عاما"، تقرل مريم:"لم أصدق، في هذه اللحظات كنت أعلم أن أمي على قيد الحياة، هي مصابة، كنت أتألم لأنها وحيدة الآن، تتوجع لوحدها".

امتلأ المنزل في لحظات، ولم يسمحوا لي بالخروج لرؤية أمي، ثم وصل الخبر:"امي استشهدت!!".

لم أصدق الخبر، بقيت على أمل أن أمي ستعود في أية لحظة، ستعود للمنزل وتقول أنا هنا، أنا حولكم، في فترة احتجاز الجثمان عشت على هذا الأمل، أشعر بحنانها أسمع صوتها آراها، حتى لحظة تسليم الجثمان، هنا أيقنت أنها قد فارقت الحياة".

المرة الاخيرة التي رأت فيها مريم أمها كانت قبل ليلة من استشهادها، عادت من الجامعة وكانت تنتظرها كعادتها، "دردشت معي عن تفاصيل يومي، قلت لها أن غدا عطلة بمناسبة يوم المرأة، قلت لها أن لا تيقظني باكرا، وليتني لم أقل".

"ع الأقل كنت رأيتها قبل أن أفقدها، أخر ما سمعته منها كان صباحا، حين قالت لأختي أن لا تيقظني، "خليها نايمة مرتاحة، اليوم ما عندها دوام"، استيقظت وانتظرتها لنقضي اليوم سوية بما أنه يوم عطلة".

من بين أحفادها، كان أحمد "6 أعوام" هو الأكثر تعلقا بها، كانت الشهيدة فدوى تطلق عليه "توأمها" لأنه كان يشبهها كثيرا، لطالما بحث عنها بعد استشهادها دون أن يجدها، يسأل عنها دوما، ويريد الذهاب اليها باستمرار، حتى بات اليوم يقول:" ستي بالجنة".


كان محمد متعلقا بها لدرجة أنه نقل غرفة نومها، خزانتها، ملابسها، أحذيتها، وكل ما يتعلق بها الى منزله بعد استشهادها، سافروا الى العمرة سويا، وكانوا مستعدين لأداء العمرة للمرة الثانية، جهزوا كل شيء وكان الموعد بعد شهرين من استشهادها.

72 يوما بقي جثمان فدوى محتجزا في ثلاجات الاحتلال الباردة، مروا كأنهم 72 عاما كما يقول محمد، كان يتابع الأخبار منتظرا خبرا لتسليم جثمان، وحين حان موعد اللقاء رفض محمد أن يستلم جثمان أمه في المقبرة، وأصر احضارها أولا للديوان حتى يودعوها، لحظات قليلة ودعوا بها أمهم، يقول محمد:"أقسم أن رائحتها كانت كالمسك والعنبر.

Loading...