الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

أزقة المخيم.. الملهم الأول

 

رام الله - رايـة:

أنس  اسماعيل-

من صخب المخيم واكتظاظه، يصر علاء البابا، 33 عاماً، على اقتناص لحظات من الفرح والحرية توفرها له ريشة وألوان، لحظات قد لا تدوم طويلاً كما يقول، إذ لا يلبث أن تذكره أزقة "الأمعري" الضيقة وفسحة الأمل الأضيق ب "علبة السردين" كما يسمي المخيم، الذي يأويه و أكثر من 10 آلاف آخرين يتقاسمون الكيلومتر المربع اليتيم الذي يشكل كل مساحة المخيم. 

"إحنا هون بالضبط زي سمكة السردين؛ كنا من أهل الساحل حدودنا السما وهلا بهالعلبة حتى النفس محسوب علينا" قال البابا بينما يتخذ من إحدى زوايا مرسمه المكتظ هو الآخر بالألوان واللوحات والأفكار. لقد استطاع علاء إقناع والدته بشكل من الأشكال، بمنحه هذه الغرفة من المنزل الصغير أصلاً لتصبح فيما بعد كل عالمه منذ 12 عاماً.

التحق البابا  بدورات تدريبية كانت تقام بمدينة رام الله، حتى تحول الرسم في حياته من موهبة الى مسار يعيش فيه، حيث حصل على البكالوريوس في الفن المعاصر من الأكادمية الدولية للفنون، من ثم انتقل الى جدران المخيم و المناطق المهمشة في اماكن مختلفة من الضفة في نشاط اطلق عليه " ع الحيط "، بمساعدة مجموعة من الفنانين و الهواة قاموا بنشر الرسومات و الجداريات التي تكلمت وحاكت النظر بمعانيها التي عبرت عن الكثير من القضايا و لربما كانت قصص احد اللاجئين بالمخيم.

ليس للفن اي اولوية بين عوائل المخيم الذي ينحصر تفكيرهم بتأمين لقمة العيش ، هذا ما دفع علاء للتساؤل في بادئ الامر، كيف له ان يوظف الادوات التي يمكلها في جعل فكرة الرسم مقبولة في المخيم؟، ومن هنا بدأ بدراسة احتياجات المخيم وأنشأ مشروعا اشرك فيه فنانين اجانب للرسم على الجدران، حيث نال هذا المشروع رضى سكان المخيم و اثار رغبتهم بالمزيد منه، وبالتحديد الاطفال الذين كان لهم الدور الاكبر في جعل علاء يفكر بالمزيد حتى بدأ بخلق علاقة بين الاطفال و الرسم.



و في احدى الزقاق و بالتحديد في بيت علاء أنشئ أول مرسم استقبل فيه علاء  كل زائر من داخل و خارج المخيم، هذا المرسم الصغير الذي تكدست فيه الوحات الفنية لمحترفي الرسم و اخرى لأطفال، و خرجت منه مواهب مخفية ساعدتهم بالتعبير عن ما يجول بخواطرهم عبر قلم و ورقة بيضاء، حيث ان الاطفال الذين يعيشون في اوضاع صعبة لديهم الحب الاكبر للتعلم والمعرفة بحكم الحرمان الذي يعيشونه وبحسب ما يرى علاء فإن هذا المرسم الصغير سيكون بداية أنطلاق لكل طفل في المخيم، ربما ليس بالرسم، و أنما بمجالات فنية مختلفة .

بدأت النتائج الايجابية مع مرور الوقت  تظهر على سكان المخيم وصار الرسم أمرا متقبلا.. يقول علاء.

وأصبح سكان المخيم يطلبون من علاء أن يرسم على جدران منازلهم و الكل صار يتباهى بما لديه من رسومات غطت جدار منزله الخارجي، وبترقب بات اهالي المخيم ينتظرون أي مشروع فني لعلاء بفارغ الصبر، الكبير قبل الصغير.. حيث لم يكن تأثيرالرسم فقط على نفسية الأطفال بل ساهم في رفع تحصيلهم  التعليمي الامر الذي خلق حافزا أكبر للأهالي لدعم أطفالهم من الناحية الفنية.

و يتجذر حب المخيم في قلب علاء الذي عبر من خلال رسوماته عن مكنوناته من رسومات على جدران المخيم الى رسومات الهجرة و المخيم المكدس الذي تجد الشمس صعوبة باختراقه، فكيف لعلاء أن يخترق هذا الحب للمكان الذي كان له بمثابة الولادة لهذا الفن الجميل والذي ربما  لو كان قد ولد في مكان أخر و ظروف افضل لم يكن هذا الفن قد خلق، خصوصا ان علاء هو الشخص الوحيد الذي بدأ هذه الأفكار.

يتمنى علاء أن تزول هذه الجدران و تزهر الورود في كل بقعة أرض في هذا المخيم الذي أنجب الكثير من الإبداع رغم كل الصعوبات يواجهها ساكنيه، و لعل الشمس تشرق بين أزقته الضيقة يوم ما .

Loading...