الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حكايا: أم ناصر و 18 مؤبداً ونيف...!

 

رام الله - رايـة:

مجدولين زكارنة -

أسماء كثيرة أطلقت عليها مثل "سنديانة فلسطين" وخنساء فلسطين" ولكن أصدق أسمائها أنها "أم" وحدها الامومة صفة الألم المشتركة داخل فلسطين المحتلة التي لا يخلو بيت فيها من جريح او اسير او شهيد او مطارد.

انها ام ناصر حميد التي  تعبت من كل تلك الأسماء وتريد لو ان كل ذلك لم يحدث ولو بقي اولادها تحت جناحيها صغارا قبل ان تسرقهم عتمة السجون ورصاص اسرائيلي غادر حولهم الى صور معلقة على حائط منزلهم .

أربعة من الأبناء في غياهب السجون و اثنين اخرين استشهدا أحدهم وهو جنين في بطنها هذا القدر الذي فرضه الاحتلال أجبرها على الصبر الذي صار طريقها الوحيد الى الحياة.

لقد ملت أم ناصر من أسئلة الإعلاميين وكاميراتهم التي ترصد قوتها وحزن يظهر في عينيها فوق دموع حبيسة المآقي.

ثلاثة عقود وهي تعيش ام ناصر حميد ألم فراق اولادها وامل عودتهم الى حضنها الذي لم  يستطع خلال 30 عاما ان يضم كل الأخوة في آن، كانت دائما ازراد السلاسل أقرب اليهم تقبض على ايديهم الفتية وها هي الان باتت تمتلئ بالتجاعيد.

عندما قابلنا ام ناصر في سادس يوم لإضراب "الحرية والكرامة" الذي يخوضه 1500 اسير داخل سجون  الاحتلال الاسرائيلي كانت قليلة الكلام ومتعبة نتيجة تضامنها مع الاسرى واضرابها عن الطعام في مرة ليست الاولى في حياتها.

مرات كثيرة كنا نضطر للتوقف عن الأسئلة عندما تباغتها نوبة من التعب المفاجئ فالأم  صاحبة امراض جسدية كبرت مبكرا عندما أسر  زوجها ثم اولادها واحدا  تلو الأخر تلى ذلك فقدانها لأحد ابنائها ثم لمنزلها الذي تعرض للهدم مرتين.

تقول ام ناصر 60 عاما:"اولادي اربعة محكومين مدى الحياة والاسرى كلهم اولادي ازا انا ما تضامنت معهم مين حيتضامن... رغم اني مريضة وكبيرة بالسن بس ما بقدر اوقف في المطبخ واحضر الاكل وآكل هدول حياتي كلها".

رغم ان اولادها رفضوا الا انها اضربت سابقا مدة اسبوعين في اضراب الحركة الاسيرة عام 2012.

  7 مؤبدات وخمسين سنة، 5 مؤبدات،  4 مؤبدات،  مؤبدين و 30 سنة  كل هذه أحكام بالسجن بحق أولاد ام ناصر التي تقول:" اولادي 10 واحد استشهد و الباقي ينسجن واحد ويتحرر التاني كانوا  يسلموا  بعض لكن ابني الصغير محمد انسجن و زعلت عليه كثير كانت تجربته الاولى بالاعتقال وما الو خبرة وللآن متأثرة في كثير".



لم يكن محمد حبيب أمه فقط بل كانت تجمعه بوالده علاقة مميزة ولكن شاءت الاقدار ان يتوفى الاب وخمسة من أولاده يغيبهم الموت والسجن حتى ان محمد من داخل الاسر قال لمحاميه :" أبلغوا العالم ان محمد اليوم أصبح بلا أب"  الوالد حرم من  ابناء لاثني عشر عاما كانت ادارة السجون طيلتها تمنعه من زيارتهم دون سبب .

تقول ام ناصر :" كنت دائمة الشك  بأن اسرائيل ستعتقل ابناءي حتى بعد الافراج عنهم في صفقات التبادل وهذا بالفعل ما  حصل مع  ناصر 45 عاما المحكوم بالسجن  7 مؤبدات وخمسين سنة امضى منهن 15 عاما داخل الأسر ، ففي صفقة شاليط حرر ناصر ولكن بعد شهر ونص أعيد اعتقاله والحكم المؤبد".

الآن وقد يخوض الاسرى  اضراب الحرية والكرامة  لا تلتفت ام ناصر للاخبار التي يروج لها الاحتلال لكسر عزيمة الاسرى  وتطالب بتكثيف التضامن مع اولادها فهي تعتبر نفسها ام لجميع الاسرى.

"عمر السجن ما سكر ع حدا ودايما معنويات اولادي عالية " بهذه الكلمات تصبر ام ناصر نفسها  رغم عدم رضاها عن دور السلطة الفلسطينية بشان قضية الاسرى وتطالبها بجمع سفراء العالم لإيصال قضية الاسرى للعالم أجمع.



تعزل سلطات الاحتلال الان ناصر وهو ممثل سجن عسقلان في عزل الرملة و لاتعلم الام مصير باقي ابناءها.

أولاد ام ناصر المأسورين جميعهم جرحى فمحمد وناصر تعرضوا للاغتيال قبل الاعتقال، ولا يزال ناصر يرفض العلاج لان ادارة السجون تريد علاجه وهو مقيد الامر الذي يرفضه ناصر.

لم تفرح ام ناصر بأبنائها كما أمهات العالم فجميعهم حصلوا على شهادة الثانوية العامة في الأسر وامضوا ربيع العمر داخله .

تقول ام ناصر وقد غطى الارهاق وجهها الأسمر :" اخدنا دورنا بما فيه الكفاية وناضلنا بس انا بقدرش امنع اولادي واحفادي هناك الكثير من اولادي حملوا أصدقائهم شهداء وجرحى وتأثروا فيهم والاحتلال انفرض علينا مش احنا رحنا للمقاومة بإجرينا".

تقول الام:"هذا ليس اول اضراب لأولادي داخل السجون، عندما زرتهم بداية الشهر  الجاري اخبروني نيتهم الإضراب كانوا متشبثين به واتمنى بأن تتحقق مطالبهم العادلة".

تتمنى ام ناصر ان تستطيع احتضان ابنائها فهي لطالما تحدثت معهم من وراء لوح زجاجي، وتقول:" ادارة السجون تمنعني من لمس ايدي ابنائي او احتضانهم وتشوش على الهواتف خلال الزيارة وحتى ان مدير السجن يتعمد استفزازي في كل زيارة فهو يعلم بان جميع الاسرى يعتبروني امهم الثانية".

تتحدث ام ناصر كل صباح مع صور ابنائها الاسرى فبيتها الان صامت وكئيب تقول الأم:" اولادي الذين يعيشون معي صامتين مترقبين لما سيحدث في معركة الأمعاء الخاوية ولكنهم يعولون على التضامن الجماهيري مع الاسرى".

حوكم اولاد ام ناصر دون علمها وحرمها الاحتلال من الزيارة لخمس سنوات ولكنه حرمها الفرحة مدى الحياة.

ولم يستهدف الاحتلال ام ناصر في بيتها واولادها وزوجها انما حرمها ايضا من جنين حملته 8 شهور داخل رحمها قبل اعوام فقد تعمد احد الجنود ضربها اثناء هدم منزلها للمرة الثانية بعد استشهاد ولدها عبد المنعم ما ادى الى موت الجنين داخل رحمها.

أحفاد ام ناصر يعوضونها قليلا عن غيبة اولادها وترى فيهم ابناءها الغائبين غياب لم يحدد لانتهاءه موعد ولكنها تبقى مضطرة للثبات والصبر الذي يزداد كلما رات عزيمة أبنائها التي تشتد مع مرور الزمان.

Loading...