الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:15 AM
الظهر 12:36 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:31 PM
العشاء 8:56 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

تأمُّلْ..

الكاتب: رامي مهداوي

بقلم: رامي مهداوي

إبني العزيز..
لم أكتب لك منذ فترة، لا لشيء سوى أن فاقد الأمل لا يستطيع أن يكتب أو يقوم بأي فعل كان سوى الهروب والإنسلاخ من الذات باحثاً عن الهدوء والسكون، وربما البحث عن سكون الذات خارج إطار مؤسسة الجسد لهو أمر مشابه لسمكة يقذفها الصياد لتعود الى البحر بعد إدراكه بأنها لا تستحق أن تكون ضحية له، المدة الزمنية خارج البحر والعودة له كان بمثابة سكون بين عالمين، إنفصل جسدها عن روحها، فما إن عاد جسدها الى الماء عادت روحها أيضاً ليكون عامل الوقت هو الحياة أو الموت.
يوم أمس على خشبات قصر رام الله الثقافي، كان هناك عرض راقص بعنوان تأمُّلْ لعدد من المواطنين ذوي الإعاقة من مختلف الأعمار والمناطق الفلسطينية. يرقصون جسداً وروحاً.. يرقصون أملاً .. حباً.. كانوا كمن يعزف بابتساماتهم لحن الأمل ليرقصوا بتمرد على الجسد الخاص والعام.
رقصتهم بملابس مشرقة ومبهجة بألوانها وإنعكاس الإضاءة عليها، جعل منّا نحن الحضور المقعدين في مقاعدنا دون حركة، أشبه بتلك السمكة التي تتنفس أملاً بمشاهدة الرقص، فنرتعش بإرتعاش الراقصين وكأننا نغوص في بحر الأمل.
كنت أنا هنالك أجلس في المقاعد الوسطى للمسرح، رغم الظلام أراقب الجمهور كيف يخرج كل منا في حالة التأمل للرقص من حالة الى أخرى. ربما ذلك الشاب لم يتم قبوله في الوظيفة التي قدم لها ليرتفع عدد الأماكن التي رفض بها الى 13 مؤسسة... لكنه كان يرقص أملاً بمشاهدة إبتسامة راقصة على كرسيها المتحرك، وهناك رجل آخر بين الجمهور يبدو لي بأنه تخاصم مع زوجته هذا الصباح بسبب عدم كيّ قميصه الوحيد الذي يتلاءم مع ملابسه ... لهذا جاء وحيداً الى العرض بقميص لا يتناسب مع بدلته هذا المساء..... لكنه لم يكترث لأي شخص نظر اليه فهو لم يتوقف عن التصفيق للمشاهد واللوحات الراقصة. وعن يميني كان هناك صبية لم تترك الهاتف المحمول الخاص بها حتى رأت صبية أخرى من عمرها تقريباً على خشبة المسرح لديها إعاقة بالتوازن الجسدي لكنها أدت الفقرة الخاصة بها بكل حيوية وروح مبتسمة... وأنا كنت كما كان الحضور، أحاول أن أتنفس الأمل من رئة الراقصين على خشبات المسرح، أصفق لهم وربما أصفق لنفسي حتى أشجعها لتمضي في البحر رغم الموج... كنت أنتفض في المقعد لا أريد أن أصل الرمل والزبد على الشاطئ.
زراعة الأمل لذاتنا تكون من الخارج أقوى، فربما ما أنت عليه الآن هو أمل لآخرين رغم فقدانك طعم الراحة، ربما علينا النظر الى ذاتنا من خارجنا، بمعنى لماذا لا نستخدم حواس غيرنا في معرفة الأنا المعذبة، لحظتها سنكتشف كم نحن نفتقد لمعاني كثيرة رغم الإدعاء الدائم بأننا الجبابرة الذين لا نخطئ.. فنحمل سيوفنا لنقتل أرواحنا بها باسم الرب والدين!!
كان التأمُّلْ ليس للراقصين، كان لنا نحن المقعدين في مقاعد المشاهدة، كل منا له تأملاته بإفرازاتها المختلفة، ورغم ذلك فإن اللوحات الاستعراضية التي قدمها الراقصون والراقصات تحمل تفسيرات كما تم رسمها وتصميمها، ولوحة منها كان لها المعاني المتعددة أخذنا ما نريد بإختلاف ما نريد.... لنعود الى البحر بتأملات مختلفة... لزراعة الأمل المنقرض بيننا.

Loading...