سوق العميان التاريخ المبصر في الخليل

رايـة: طه ابو حسين-

عرفت الخليل العتيقة بأسواقها التي اتخذت أسماءها من المهن التي تشتهر فيها في أغلب الأحيان، أما سوق العميان، فقد ارتبط بفاقدي البصر وكبار السن، لا سيّما أثناء توجههم إلى الحرم الإبراهيمي، تفادياً لزحمة المواطنين كون الأسواق كانت تعجّ بالحركة التجارية منذ عقود طويلة، بينما ينسب الثمانيني علي القواسمي هذه التسمية لفترة حملات إبراهيم باشا وجيشه في الخليل.

الحكاية الشعبية المتناقلة وعلى لسان القواسمي تقول أنه كان للشيخ علي البكاء الذي عاش في الخليل كرامات مختلفة في حياته وبعد مماته، بقيت هذه الكرامات تؤثر في أهل حارته، وإحدى ثمارها انه صانهم وحماهم من جنود إبراهيم باشا أثناء ضربهم للثورة في الخليل في منتصف القرن الماضي.

وكانت الحكاية تقول أن خيل المهاجمين من جيش إبراهيم باشا اضطربت وأصيبت بالعمى أثناء مرورها في قصبة المدينة ودب الرعب في أنفس الجند، ما جعلهم ينسحبون من المكان، ومنذ ذلك الحين سمي ذلك المكان "بزقاق العميان" ومازال يعرف بهذا الاسم.

سوق العميان، يقع بموازاة شارع الشهداء المتصل بشارع بئر السبع، وبمحاذاة باب الزاوية، حيث زاوية الشيخ محمد السعيد القادري، كان قبيل مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994 يعجّ بالحركة التجارية، فقد كان سوقاً يتميز بمحال الأحذية والمكاتب إلى جانب محلات الدواجن التي صبغت سوق العميان باسم آخر مع الزمن ليعرف كذلك بـ"سوق الدجاج".

وكان للتمدد الاستيطاني في شارع الشهداء وتل الرميدة المشرفة على سوق العميان سبباً رئيساً في تحجيم الحركة التجارية في زقاق العميان.

عقب مذبحة الحرم الإبراهيمي، شلّت الحركة التجارية بصورة شبه تامة عن سوق العميان، بسبب الاغلاقات والمواجهات المندلعة بصورة كبيرة في المنطقة، وبعد عام 2006 بدأت الحياة تعود إليه تدريجياً وإن كان بصورة نسبية مقارنة عما كان عليه سابقاً، غير أن هذا السوق ما زال شاهداً يحمل بين زواياه تاريخ الخليل رغم عمى كثير العيون المبصرة عنه.