شهر مضى على "الهبة" الجماهيرية... والفصائل "موت سريري"

رام الله- رايــة:
حسين ابو عواد- اكثر من شهر مضى على "الهبة" الجماهيرية، التي ما زال شعبنا يقدم فيها أسمى معاني البطولة والتضحية دفاعا عن المسجد الاقصى وما يعانيه من اعتداءات وتدنيس من قبل قطعان المستوطنين وتحت حراسة جيش وشرطة الاحتلال.
74 شهيدا واكثر من 2355 جريحا، اضافة الى 1600 اسير قدمها شعبنا خلال هذه الهبة الجماهرية التي ما زالت مستمرة امام ممارسة الاحتلال اعداماته وجرائمه اليومية بحق ابناء شعبنا، هذه الارقام تطرح تساؤلات عدة تحتاج الى اجابات واضحة حول التعامل الفصائلي مع هذه الهبة والى اي مدى ستستمر وهل هناك اهداف تسعى لتحقيقها.
الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب رأى خلال حديثه لمراسل رايــة، ان هذه الهبة هي جزء من المواجهات المتتالية التي يخوضها شعبنا ضد الاحتلال الاسرائيلي مقابل نيل الحرية والاستقلال في ظل ان الشعب لم يعد قادرا على تحمل استمرار الاحتلال وان الاوضاع قد تنفجر في اي لحظة وتتفاقم امام استمرار هذا التصعيد الاسرائيلي.
وتابع حرب "ان هذه الموجة يقودها الشباب دون وجود اطار قيادي موحد للعمل الميداني يدير هذه الهبة مما يجعلها غائبة الرؤية والأهداف".
وحول غياب الدور الفصائلي الموحد، قال حرب "ان الفصائل الفلسطينية لم تعد قادرة على اعادة دورها التنظيمي وفقدت قدرتها في اعادة تأهيل وادراج الشباب داخل الاطر التنظيمية، وما نشهده اليوم يؤكد بان الفصائل لم تعد هي الملهمة لهذه الهبة وقيادة العمل الثوري، كما كان دورها بارزا في الثمانينات والتسعينات".
وبخصوص مدى استمرار هذه الهبة اوضح حرب ان ما نشهده اليوم هو تعبير واضح من قبل الجماهير الفلسطينية بانها لم تعد قادرة على احتمال العيش في ظل الاحتلال وان استمرارها مرهون بمدى استمرار السلوك الاسرائيلي وممارسته الوحشية بحق شعبنا.
واكد حرب على ان الشباب في الميدان لديهم القدرة على توحيد جهودهم وخلق اطار تنظيمي جديد قادر على ادارة هذه الهبة وتنظيمها وفق خطط واهداف واضحة.
بدوره اعتبر المتحدث باسم حركة فتح احمد عساف ان الحديث عن غياب الدور الفصائلي لهذه الهبة الجماهيرية امر غير صحيح مشيرا الى ان هذه الهبة مكونة من كل الشعب الفلسطيني والفصائل في مقدمتها.
واضاف لـ"رايـة"، ان جميع الدعوات التي توجه للتصعيد ومواجهة الاحتلال تتم بناء على دعوات توجه من الاطر التنظيمية المنضوية تحت منطمة التحرير الفلسطينية التي في انعقاد دائم منذ بداية الهبة للرد على التصعيد الاسرائيلي والجرائم المرتكبة بحق شعبنا.
واكد عساف على ان حركته ستواصل نضالها مع ابناء شعبنا حتى نيل الحرية وزوال الاحتلال، مضيفا "ان قرارات الحركة واضحة في هذا الخصوص وقد اكدنها مرارا على اننا سنبقى نمارس دورنا النضالي في الدفاع عن ابناء شعبنا وترجمة هذا الصمود والنضال لانجاز سياسي يسهم في تقليص عمر الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".
من جانبها اعتبرت النائب عن حماس في المجلس التشريعي سميرة حلايقة ان استمرار هذه الهبة الجماهرية بشكل فردي في ظل غياب العمل الفصائلي الموحد اكسبها زخما وقوة اكبر وافضل من سابقاتها وجعل الاحتلال في تخبط وعدم القدرة على مواجهة هذا الحراك الشعبي.
واضافت لـ"رايـة"، ان هبة شعبنا ليست موجهة بشكل مباشر من قبل الفصائل الفلسطينية ما جعلها تتميز عن غيرها وتتدارك السلبيات التي حصلت خلال الانتفاضتين السابقتين.
وحول مدى استمرارها قالت حلايقة: "انه من المبكر الحديث عن انتهاء هذه الهبة الجماهرية وما نشهده اليوم من تطورات دليل على بقائها واستمرارها على مدى طويل".
من ناحيته قال داوود شهاب المتحدث باسم حركة الجهاد الاسلامي، أن "الانتفاضة" ستستمر وهي اليوم تتسع لتصل الى كل بقعة من أرض فلسطين، مشيرا الى أن حركته وباقي الفصائل داعمة ومساندة لهذا الشباب الرافض للاحتلال.
وأكد شهاب في حديث لـ "رايـة"، "على أن دماء 74 شهيدا واكثر من 2000 جريح ومثلهم من المعتقلين تؤكد انها انتفاضة مباركة وليست هبة شعبية، وهي تدخل شهرها الثاني وستتواصل دفاعا عن أرضنا ومقدساتنا".
وفي سؤال مراسل رايــة للمواطنين عن رأيهم بهذه الهبة الجماهرية احدهم قال "ان هذه الهبة استطاعت ان تفرض نفسها في الميدان في ظل غياب الفصائل الوطنية وان الدعوات التي تطلقها القوى والفصائل الوطنية لم تعد تلقى التجاوب المطلوب وهذا دليل على تراجع شعبيت هذه الفصائل".
مواطن اخر رآى "ان الشباب اثبتوا انهم المحرك الرئيسي للهبة الجماهرية وان قرار الانتفاضة لم يعد في يد فصيل معين ومن يتخذه هو الشعب وحده".
وتابع "على الفصائل ان تكف عن شعاراتها وتصريحاتها التي لن تجدي نفعاً، في محاولة منها لاعتلاء الموجة واحتضان هذه الهبة وعليهم ان يصمتوا ويكتفوا بالمشاهده فقط لان الشعب لم يعد يثق بهم".