الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:40 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حسن البطل شخصية العام الثقافية للعام 2018

الكاتب: وزير الثقافة الفلسطيني د. ايهاب بسيسو


لماذا حسن البطل؟
لأنَّ البِدَايَات تحملُ سيرةَ المَكانِ الأوَّلِ ...
ولأنَّ المَسيرَةَ لم تَنفصِل عن الجُغرافيا بل استَعانَت بالتَّاريخِ والذَّاكِرَةِ الشَّخصِيَّةِ كي تَصونَ بقاء الرواية في الكتَابِ اليَومِيِّ للحَيَاة ...
ولأنَّ العَودَةَ مَزيجُ تَقشفٍ وثَرَاء
فهي صُورَةُ حَاضرٍ هَشٍّ لامَسَه هَواءُ البلاد فانتَفَض وصَارَ حِصَاناً مُجنحاً يَجوبُ فَضَاءاتِ المَكانِ رَغمَ قَيدٍ خَفِيٍّ في معصَمِ الرُّوح ...

لماذا حسن البطل؟
لأنَّ الكِتابَةَ لا تَعرفُ المُستَحيلَ ولا تَتَقَهقَرُ أمَامَ شَكلٍ مُحَدَّدٍ من أشكَالِ الإبدَاعِ فهي فِعلُ التَّواصُلِ الذي يَجعَلُ المَعنَى مُمكِناً كُلَّمَا ضَاقَت الطُّرقُ على الأحلاَم ...
هي الشِّعرِيَّةُ المُتَدَفقةُ في السَّردِ وهي السَّردُ المَشغولُ باليَوميِّ وهي اليَوِميُّ الطَّالِعُ من نَبضِ الأمكِنَةِ ... يَجمَعُ تَدَفقَ الرُّوحِ في مَقالاتٍ هي الإرَادَةُ والأملُ وإصرَارٌ مٌتقنٌ على تًرويضِ المُستَحيل ...

اقرَؤوا حسن البطل كما كُنتمُ تَقرَؤُوه في المَنفَى وحِينَ عَاد ...
اكتَشفُوه مَرَّةً أخرى في براعة النَّصِ المُتَجَدِّدِ أملاً وحياة ...

لتَكتَشِفوا في لغَتِه عَالماً خَصباً يَعجُ بالتَّفاصِيلِ ...
تَفَاصيلُ بلادٍ شَقَّتها العَواصِفُ على أرصِفَةِ المَنَافِي واحتَلَّتها بَنَادِقُ الغُرَبَاء لتَنبتَ من خُوذاتِ المُستَعمرِ مُعتَقلاتٍ وجُدرَان ...
لكنَّ البلادَ لم تَستَسلم لجُنونِ مَوتٍ عَابرٍ في مُفردَاتِ الحِكَايَة، بل قَاوَمت وتُقاوِم ... ونَاضَلت وتُنَاضِل ولم تُهزم ... لن تُهزَم ...

اقرؤوا حسن البطل لتَستَعيدوا قَبَسَ الضُّوءِ من ضَبَابٍ عَابرٍ، تَشَكَّلَ في ازدِحَامِ الطُّرقِ بِصَخبِ الحَواجِزِ وجُنودٍ كَسالى في أبَراجِ الحِرَاسَةِ وعندَ مَداخلِ المُدنِ والقُرى والمُخَيَّمات ...

اقرؤوه لتَستَعيدوا في الكَلمِاتِ سِرَّ البَساتِينِ البَعيدةِ حَيثُ الحِكَاياتُ الخَفِيَّةُ مَزيجُ بلادٍ ومُوسِيقى ...

اقرؤوا حسن البطل لتَكتَشِفوا مَرَايانا ... كم هي مُتعبَةُ ومُرهقَةٌ ذَوَاتُنَا في المَرَايا ... وكم هي مُشرقَةٌ حين يَلتَقِطُ حسن البطل صُورَةً من صُورِنَا اليَومِيَّةِ ليُوجِّه إليها الضُّوءَ فنَعودُ مَرَّة أخرى للأملِ وإن كانَ بَسيطاً ومَحدوداً ومُتقشفاً كمَا الوَقت ...

لماذا حسن البطل؟
لأنَّ الحِكَايةَ التي وُلدت من قَسوةِ كَارِثةٍ بَعيدَةٍ وامتزَجَت بسيرَةِ طِفلٍ أبصرَ النُّورَ في طِيرَةِ حَيفا قبل أن يُصبحَ لاجئاً في المَنفَى لم تَمُت ...
ولأن حيفا رَمزٌ من رُموزِ الحِكَايَة ... 
ولأن الحِكايَةَ صَارت أسمَاءَ وجُغرافيا وشُهداء ونَشيداً يُواجِهُ نَكبَة البلادِ والمَنفَى ...
ولأن المَنفَى لم يَهزم الحكايةَ بل خَجلَ من مُفردَاتِها حين تَبَعثَرَت المَدينَة وصَار المُخيَّمُ شاهداً ووَثيقَة ...

ولأنَّ سبعين عاماً ما زالت تُذَكّرنا بمَن كُنَّا قَبلَها وكَيفَ صِرنَا بَعدَها ومَاذا سنَصنَع غَداً؟ ...
فإن حسن البطل هذا الجَسدُ المشدودُ كوترِ قِيثَارةِ، المَشحونُ كمَجازٍ ثَريٍّ في نَصِّ الحِكَايةَ، يَختصرُ سيرةَ الوطنِ الذي لم يَذب في النِّسيان حين ظنَّ صانِعوا العُدوَان أنَّ أهلَ البلادِ سيَنسون ويَكبرون بَعيداً عن جَذرِ الحِكَايَات ...
حسن البطل واحدٌ من هَؤلاءِ الذَّين لم يَنسوا وواحِدٌ من هَؤلاءِ الذين كتَبوا ووَاحدٌ من هَؤلاءِ الذَّين لم يَكسِرهُم المَنفَى ولم يَنَل منهم اليَأس، بل هو المُثَقَّفُ والكَاتِبُ الذي يَعِدُ بالأمل، هذا الأملُ الذي يُطلُّ من أطرَافِ النَّهارِ عَبرَ صَفحاتِ الأيَّام ليُصبِحَ دَليلاً إضافياً أنَّنا ما زلنا نَحيَا
رَغمَ جِرَاحٍ غَائِرةٍ ومَنَافٍ وقَسوَةٍ في مُفردَاتِ الحَاضِرِ
ما زلنا نَحيَا ...
ونَصنعُ الابتِسَامَة ...

لحسن البطل شَخصيَّة العام الثَّقافِيَّة للعامِ ٢٠١٨ كل التَّقدِير مِنَّا لكُلِّ الجُهدِ الذَّي قَدَّمَه وما زَالَ يُقدِّمُه للثَّقَافةِ الفِلسطينِيَّة وفلسطين ...
فحُضورُه يَتَجاوَزُ المَفهومَ الضَّيقَ للفِعلِ الثَّقافِي إلى صُورَةِ المُثقَّفِ الأكثَر اتِّسَاعاً من تَعريفٍ مُحدَّدٍ، فهو امتِدادُ لسِيرَةِ وحَيَاة ...

إنَّنا حين نُعلنُ حسن البطل شَخصِيَّة العَام الثَّقافِيَّة للعَام 2018 فإنَّنا نُقدِّمُ شهادةً واسماً من أسمَاءِ الحِكَايَةِ لجِيلٍ جَديدٍ من أبنَاءِ فلسطين عَلَّنا بهذا نَهزمُ صَمتَ الخَزَّان ونَحنُ نَقرعُ جُدرَانَ العُزلةِ كي يُطلَّ الغَدُ من بَينِ أصَابِعِ الشَّبَابِ وهم يَستَنِدون في مَسيرَتِهم لسِيرَةِ المُنَاضِلين الأوفِيَاء.
كما يَسرُّ وِزَارَةَ الثَّقَافَة في هذا المَقَام أن تُعلِنَ إطلاق أعمَال حسن البطل في معرَض فلسطين للكِتَاب في أيَّار القَادِم والذَّي سيَكونُ على أرضِ المَكتَبةِ الوَطنِيَّةِ الفلسطِينِيَّة وسيَكونُ إطلاق الأعمَالِ بالتَّعاوُنِ مع المَكتَبةِ الرَّقمِية ليَكونَ الحُضورُ مُتَمِّماً للانطِلاق اليَوم. يَومُ الثَّقَافَةِ الوَطنِيَّة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...