الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:40 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

قانون الأخطاء الطبية -٢-

الكاتب: دلال عريقات

قرأت وتابعت باهتمام ردود الأطباء وتعليقاتهم على مقالي بعنوان قانون الأخطاء الطبية المنشور في جريدة القدس بتاريخ ١/٦، حيث تناول المقال القانون وحلل البنود وتطرقنا لعدة جوانب أهمها الإضرابات وأسبابها وكنتُ قد تواصلت مع مجموعة من الأطباء (أعضاء نقابة)، إلا أنني وبعد التغذية الراجعة التي وصلتني من مجموعة رائعة من الأطباء، رأوا أنني لم أنصفهم، قررت لمقال الْيَوْم أن أكتب الجزء المُكمل والذي يأتي بعد بحث معمق ومقابلات عدة أجريتها مع أطباء ومحامين وشركات التأمين، وبعد التواصل بشكل رسمي مع نقابة الأطباء وبعد الاستماع لحديث النقيب الدكتور نظام نجيب في حواره مع الدكتور ناصر اللحام وبعد الحديث مع الدكتور بشار فضل، عضو هيئة مكتب نقابة الأطباء وبعد مشاورة مجموعة من القانونيين منهم الأستاذ الدكتور عمار الدويك مدير الهيئة المستقلة لحقوق الانسان والأستاذة لونا عريقات والأستاذ فريد الأطرش، عضو في الهيئة وناشط في الحملة الشعبية للمساءلة عن الأخطاء الطبية، وبعد الاطلاع على توصيات "اليوم العلمي حول الأخطاء الطبية والقانون الناظم للمسؤولية" المنعقد في جامعة النجاح والاطلاع على توصيات التعديلات من النقابة، وبعد الاستماع للسيد طلال ناصر الدين الذي له باع طويل في التأمين ومحاورة السيد عزيز عبد الجواد مستشار شركة الوطنية للتأمين، اتضح لي بعد البحث والاستماع لأطراف مختلفة عدة نقاط:

بداية: إمكانية حل الخلاف: فبعد دراسة البنود جميعها وطرح تساؤل صريح على النقابة في المقال السابق حول السبب وراء الإضراب ورفض القانون مع العلم أن النقابة كانت جزءا من عملية الصياغة والتحضير منذ البداية، اتضح ان التواصل بين ممثل النقابة ومجلسها كان ضعيفاً، فلم تتم مشاركة أعضاء النقابة بمجريات وتفاصيل الأمور حتى مراحل متقدمة لنقاش وصياغة القانون والدليل مباركة النقيب للقانون عبر عدة وسائل إعلامية عند إصداره وتغيير موقفه بعد عدة أيام أي بعد الخضوع لرأي هيئة النقابة. الان، موقف النقابة وبعد مرور ٣ أشهر منذ صدور القانون وتوقيعه من قبل الرئيس بتاريخ ٢٠١٨/٩/١٢ أي فترة نفاذ القانون، أنه تم حذف بعض البنود التي تطالب النقابة بإضافتها. الأهم من هذه الأمور التفصيلية لنا كقراء هو القانون نفسه، وبعد الاستماع لرأي الأطباء والقانونيين، نجد أن الخلاف بالتعديل والحذف هو ما يتعلق بالمادة ٢٣ التي لم يتم إضافتها للنص، تشدد اللجنة الممثلة لنقابة الأطباء على ضرورة هذا البند، فما هو هذا البند الذي لم يشمله نص القانون؟

نص البند على لسان نقيب الأطباء د. نظام هو:

"لا تُقام الدعوة الجزائية إلا في حال ثبوت خطأ طبي جسيم محدد من قبل اللجنة الفنية، ويحدد القانون ماهية الخطأ الطبي الجسيم الذي يصبح جزائياً او جنائياً ويتمثل في الحالات التالية:

ا. أن يكون الطبيب تحت تأثير الكحول

ب. أن لا يملك الطبيب مزاولة أو ترخيص

ج. أن يقوم الطبيب بإجهاضات غير شرعية

د. أن يقوم الطبيب بعمليات استنساخ أو تجارب غير مرخصة.

وأضاف النقيب حالات سرقة الأعضاء ورفض تقديم الخدمة في الحالات الطارئة والأخطاء المقصودة للنقاط السابقة كحالات للدخول في الإطار الجنائي وغير ذلك من الحالات المذكورة أعلاه يبقى ضمن القضايا المدنية".

إذا ما اطلعنا على نص القانون الحالي، نجد المادة رقم ٢٣ "لا تمنع المسؤولية الجزائية والمسؤولية المدنية المترتبة على الخطأ الطبي من المساءلة التأديبية بعد المحاكمة، ويتولى المساءلة التأديبية مجلس يصدر بتشكيله قرار من الجهة المختصة بالنقابة، ويجوز لها توقيع العقوبات التأديبية وفقاً لقانون النقابة المختصة".

ثانياً: الواضح أن المشكلة تكمن في:

ا- تخوف الأطباء من المساءلة الجزائية (الجنائية) اَي التجريم وبالأخص البند ٢٣ وارتباطه بالمادة ٣٤٣ من قانون العقوبات الفلسطيني المتعلقة بالقتل غير المقصود "أي من سبب موت أحد عن إهمال أو قلة احتراز أو عن عدم مراعاة القوانين والأنظمة عوقب بالحبس من ٦ أشهر الى ٣ سنوات".

ب- القانون عرف الخطأ الطبي الذي يسمح بالجزاء ولهذا حاول الأطباء تحديد حالات الخطأ الطبي الجسيم المحددة في النقاط أعلاه والتي صراحة نراها بديهية للتجريم فالقانون عرف الخطأ الطبي وشمل الإهمال كأحد الحالات.

بالرغم من أن المادة ٢٣ تجيز المساءلة التأديبية ولا تمنع المسؤولية الجزائية والمدنية بعد الخطأ الطبي، إلا أن المادة ٢٤ لا تجيز توقيف الطبيب بجرم ارتكاب خطأ طبي خلال التحقيق إلا بعد صدور حكم قطعي من المحكمة المختصة وهذا يتنافى مع قانون العقوبات الفلسطيني والقانون الأساسي الفلسطيني الذي ينص في المادة ٩ أن الفلسطينيين متساوون أمام القانون وهنا تمييز واضح يصب في مصلحة الأطباء عن غيرهم في فلسطين فالمهندس أو السائق الذي أوقع خطأ غير مقصود وتسبب بأذية غير مقصودة مثلاً يسمح القانون بتوقيفه خلال التحقيق.

ثالثاً: بعد البحث المعمق والحديث مع كل الأطراف، نقر بأهمية القانون فهو فعلاً مصلحة وطنية ويحمي المواطن والطبيب ويجب أن تتحمل المؤسسة المسؤولية وليس الطبيب وحده في المرافعة وغيرها، ولحل الخلاف القائم ولإيقاف شخصنته وتفاقمه غير المبرر، لا بد من استمرار الحوار لنقاش بعض البنود كما لا بد من الإسراع بإصدار الأنظمة واللوائح التنفيذية الملحقة بالقانون حيث يحتاج القانون لتلك الانظمة واللوائح التي قد تحل مكان بعض التعديلات من خلال التوضيح في الملاحق وبروتوكولات للتوصيف المعياري لمختلف المهن الطبية والمهن الصحية المنصوص عليها في المادة 9 من القانون لتسهيل تطبيق القانون. لان السائد تشريعياً خلو القوانين من التعريفات الحديّة وترك مجال واسع للإجتهاد الفقهي وللقضاء وهنا ممكن الاستعانة بقائمة التنظيمات واللوائح لتوضيح نصوص البنود بدلاً من تعديلها بشكل جذري. كما من المهم توضيح المسؤولية المدنية والمادية الفورية في حال وقوع خطأ لا يتسبب بأذى بليغ مثلاً فيُستعان هنا بالتعويض المادي المباشر بدلاً من انتظار محاكمات طويلة الأمد فيما يتعلق بالأخطاء المخففة. وهنا من المهم التوسع والتفصيل في تعريف الخطأ الطبي الذي يقبل المساءلة الجزائية للتفريق ما بين أي خطأ او إهمال طبي يقع تحت المسؤولية المدنية والمادية، فالمادة ١٩ تُعرف الخطأ الطبي وتصنف الإهمال كأحد أشكال الخطأ ولكنها بحاجة لتعمق في التوضيح.

رابعاً: فيما يخص التأمين، من المهم ان يكون التأمين إلزامياً على مُقدمي الخدمة سواء من القطاع العام وحتى العيادات الخاصة أسوة بنظام التأمين في العالم وقد أكد لي السيد عبد الجواد استعدادية شركات التأمين والبالغ عددها ٩ في فلسطين لتقديم هذه التأمينات ودون سقوف لاستيعاب شتى أنواع وقيمة التعويضات التي قد تنشأ لتوفير الحماية والسلامة الطبية والصحية للمرضى وللأطباء على حد سواء وهنا لا داعي لتحديد السقوف كما ذكر القانون.

أخيراً، هذا القانون لا يتنافى مع ضرورة توفير بيئة عمل ملائمة في مراكز الخدمات الطبية، كزيادة أعداد الأطباء المختصين والممرضين العاملين في المنشآت الطبية وخاصة الحكومية، وملاءمة ساعات العمل، وغيرها، كلها حاجات ولكن لا داعي لخلط الأمور ببعضها فهذا قانون للحماية وموضوع تحسين ورفع جودة الخدمة وتوفير المستلزمات ضرورة أخرى لا تتضارب مع هذا القانون مع التاكيد على ضرورة تحسين شروط امتحان مزاولة المهنة لضمانها.

أتمنى أن يمهد مقالي الْيَوْم لحلول سريعة ولتقريب في وجهات النظر بين النقابة والحكومة لأن الطرفين يؤمنان بالمصلحة الوطنية فاستمرار الحوار يعيد بناء الثقة، لاجراء ما يلزم من تعديل أو تفصيل للخروج بقانون وطني فيما يخص السلامة الطبية والصحية المُرضية لكلا الطرفين سواء مقدم للخدمة أو متلق للخدمة وأختم بتعليق أحد الأطباء معبراً عن إيمان الأطباء بأهمية استحداث قانون للحماية والسلامة "انا طبيب في عيادتي ومريض في عيادة طبيب آخر وكلنا بحاجة لقانون يحمينا".

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...