الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:40 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

ردّ على نبي الغضب

الكاتب: جدعون ليفي

هآرتس- 13.1.2019 - ترجمة: أمين خير الدين

سأضلّ مدينا لبيني موريس، هو الذي فتح عينيّ. كتابه "ولادة قضيّة اللاجئين الفلسطينيين 1947- 1949"، عصف بمَن شبَّ على الحكاية الصهيونيّة.

فجأة هناك نكبة، وفجأة مأساة قوميّة، طرد جماعي، تطهير عرقيّ - لم يرووا لنا شيئا عن ذلك. بعد مرور 30 سنة على ذلك، يتنبأ موريس بالنهاية: "يوما ما سيغوص هذا المكان كدولة شرق أوسطيّة مع أكثرية عربيّة ... سيكون اليهود أقليّة صغيرة في بحر كبير من الفلسطينيين – أقليّة مطارَدَة او مضطهدة" (مقابلة مع عوفر أدرات، ملحق "هآرتس"، أوّل أمس).

مَن استطاع أن يجيد وصف بداية الأمر، أخطأ في وصف نهايته. موريس لم يجرؤ ليتحدّث عن العلاقة بين البداية والنهاية. بين ما فعله اليهود منذ فجر الصهيونيّة وحتى بدون انقطاع منذئذ، وبين ما يتنبأ به كنهاية لدولتهم.

الرؤى المخيفة عن نهاية الدولة ترافقها منذ ولادتها. سيتكاثر العرب، سيَطْردون وسيَذْبَحون، نجحت هذه الرؤى في خدمة الدعاية الصهيونيّة: أقليّة مقابل أكثريّة، داود مقابل جليات، سيهجمون علينا وسيبيدوننا.

وفي الواقع: جرى العكس، كثر الإسرائيليون، نهبوا، طردوا، قتلوا وأحيانا ذبحوا.

موريس يستخفّ بذلك: "اضطهاد مُعيّن، يتضمّن جرائم صغيرة هنا وهناك"، هكذا يعرّف الاستبداد عشرات السنين من الاستبداد العسكري، الأكثر طغيانا في عالم اليوم، جرائم حرب كبيرة ومتواصلة.

المؤرخ الذي يبدي أسفه لأن إسرائيل لم تطرد كل العرب وراء النهر عام 1948؛ الباحث الذي قدّم خيارَيْن: تطهير عِرْقي أو إبادة شعب؛ واقترح حَبْسَ الفلسطينيين في قفص حيث "يوجد هناك حيوانات مفترسة"، لا يعرف الآن "كيف يخرج من ذلك.يُحْسَب لصالحه، إنه يُدْرِك أن حلّ الدولتَيْن لن تقوم له قائمة. ويُحْسب ضِدَّه، إنه وضع كل التهمة على الفلسطينيين.

من ينتقد العرب بعدم النقد الذاتي، يظهر كصهيوني نموذجي، كذلك الذي يتهم العرب دائما في كل طروحاته: "إنه يلعب اللعبة الدبلوماسية ليحافظ على دعم الغرب". إذا كان هذا ما تبقى للصهيونيّة لتقوم به، إذن اكتمل المشروع وانتهى.لكن هذه ليست الإمكانيّة الوحيدة. في علم مستقبله البائس يعاني موريس من عمًى بصري بالنسبة للإمكانيّات الأخرى.

مَن يموِّه العلاقة بين القهر الذي تمارسه الصهيونية مع الفلسطينيين وبين كراهيّتهم لإسرائيل، لا يدرك أن تغيير عامل واحد من عوامل المعادلة سيؤدّي إلى تغيير العامل الثاني.

بناءا أفكار موريس وأمثاله، وُلِد العرب ليقتلوا. يستيقظ الفلسطيني كل صباح ويسأل نفسه: أيّ يهودي سأذبح اليوم، ومَن سأرميه في البحر. نوع من الهواية. إذا كان الأمر كذلك، ليس هناك ما يُمْكِن الحديث عنه وليس هناك مَنْ يمكن الحديث معه. مدرسة الكذب هذه تُعْفي الصهيونية من الخطيئة، وتعفي إسرائيل من المسؤوليّة. بدون ذلك كلّ ما تفعله سيُجابه بذبح -- وهي مسألة وقت. لكن المؤرخ الذي سرد كيف بدأ كلّ ذلك، وقد أدرك أن البداية كان مقرونة بخطيئة آدم المخيفة -- نهب وطرد مئات آلاف البشر وبعد ذلك منعهم بالقوّة من العودة، وقد ذكرها في كتابه القادم – لا يريد أن يربط بين السبب والنتيجةبيني موريس، ربّما، هناك إمكانية أخرى. أولا من استطاع الصمود 70 سنة، بما في ذلك 50 سنة من الاحتلال يمكنه أن يستمر 100 سنة أخرى، وربّما 200 سنة.

الفلسطينيون اليوم أضعف من أي وقت كان، وإسرائيل اليوم أقوى من أيّ وقت كان، والعالم يفقد اهتمامه. الوضع القائم راسخ ويُرسّخ. ثمّة إمكانية كهذه. لكن هناك إمكانيّة أخرى، مُشجِّعة أكثر: عندما يحظى الفلسطينيون بمساواة عادلة ولو كانت مُتأخِّرة، لن يكونوا نفس الفلسطينيين. لأنه في جوٍّ من الحرية والاحترام، حيث لم يحظَوْا بهما أبدا، يمكن خلق واقع آخر وعلاقات أخرى، في دولة ديمقراطيّة واحدة

. لم يفطن موريس بهذا والصهيونيّة أيضا لم تفكر به. لأن هذا كان سيلقي على عاتقها ما ينبغي أن يُعْمَل.مرة ثانية أقول إنني مدين لموريس بالشكر: بعدم إدراكه وبتشاؤمه يذكِّرني بالأمل، حتى لو كان تحقيقه حاليّا بعيد المنال.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...