الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:29 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:44 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

كورونا: سقوط الأقنعة الديمقراطية وقرصنة الأقنعة الطبية

الكاتب: طارق موقدي

بالأمس فقط، كانت سمعة جهاز الموساد الإسرائيلي مرتبطة بتنفيذ عمليات إغتيال في هذه الدولة أو تلك، فجأة تحولت مهامه للحصول وبأي طريقة ممكنة على أجهزة تنفس إصطناعي وإحضارها الى الداخل المحتل بالسرعة القصوى، وقد قام أكثر من مرة وفي زمن قياسي في أكثر من دولة بهذه المماراساتومنها دول خليجية، إما بالاتفاق مع مسؤولين في هذه الدول أو بالسطو المباشر على مستودعات تحتوي هذا النوع من الأجهزة، وكذلك فعل أجهزة أمنية أخرى.

إن ممارسات دولة الاحتلال هذه لا تدعو للغرابة، فهي تمارس القتل والاغتيال بشكل منظم بحق النشطاء الفلسطينيين في داخل فلسطين وخارجها وعلى مدى عقود من الاحتلال المجرم، مدعية أنها تقوم بذلك لحماية مواطني دولة إسرائيل والمهام الحالية هذه تحقق نفس الهدف، فقد جاءت لإنقاذ ضحايا كورونا من الإسرائيليين. لكن ماذا عن الدول التي كانت قبيل إيام تتغنى بنظرتها الشمولية لحقوق الانسان العالمية وتقدم دروسا وعظات في الممارسات الديموقراطية وحق الآخر في الحياة، ماذا عن العولمة والعالمية الغربية، بل أن الاتحاد الأوروبي الذي قام على ايدلوجية توحيد دول الشينغل وفتح الحدود فيما بينها ، لنرى هذه الدول قد أغلقت حدودها بطريقة هستيرية، ولم يعد للعيش المشترك والمصير المشترك ذات قيمة تذكر ..فقد تخلت دول الاتحاد الأوروبي عن أيطاليا المنكوبة، كأن لم تربطها بها رابطة، وكذلك فعلوا مع اسبانيا، فتعالت أصوات أكثر المتحمسين للاتحاد الأوروبي لإعادة التفكير فيه، وتساءلوا عن ماهية الفائدة المرجوة منه، فاقتصنت كل من الصين وروسيا الفرصة لتقول للطليان نحن معكم، وهبطت طائرات المساعدات في ميلانو وروما، بينما الجار القريب لم يلق لجاره الأوربي بالا، ولسان حاله يقول: اللهم نفسي. الأبشع من كل هذا أن دولا متحضرة - وليس عصابات المافيا المجرمة هذه المرة - عادت وبين عشية وضحاها الى ممارسة القرصنة الجوية والبرية والبحرية وبأسلوب متوحش جدا، بل يقترب كثيرا من ذلك الذي كان يعتمده قراصنة بحر الكاريبي والمحيط الهادي في القرن الثامن عشر .

فتلك شحنات أقنعة طبية كان يفترض أن تتوجه إلى فرنسا بعد أن تم شراؤها من الصين، يقوم أمريكيون بشرائها على مدارج المطارات الصينية قبل إقلاع الطائرات لتسليمها، فيصيح مسؤولون فرنسيون باستهجان "الأمريكيين يدفعون نقدا ثلاث أو أربع مرات ثمن الأقنعة الواقية التي طلبتها فرنسا، وأن الطائرات تتوجه لاحقا إلى الولايات المتحدة وليس إلى فرنسا". وهذه دولة التشيك قد قرصنت باخرة كاملة محملة بشحنة من الكمامات الطبية كانت أرسلتها الصين كمساعدات الى إيطاليا المنكوبة .

وإيطاليا بدورها ليست بريئة، فقد اعترضت باخرة محملة بالكحول الطبي كانت متوجهة الى تونس.

أما ألمانيا وعلى ذمةديرشبيغل فقد أعلنت عن "اختفاء ستة ملايين كمامة طبية للحماية من عدوى كورونا في أحد مطارات كينيا، كانت في طريقها إلى ألمانيا" المغرب من جهتها وكاجراء احتياطي ضد قراصنة البحر في زمن كورونا فقد فضل توجيه طائرة للشحن تابعة للخطوط الجوية الملكية قادمة من الصين محملة بالمعدات الطبية، الى روسيا وعدم التوقف بمطارات اوروبا خوفا من الاستيلاء على الشحنة، فحطت الطائرة بأحد المطارات الروسية للتزود بالوقود قبل أن تواصل رحلة العودة الى المغرب.!!

لقد أسقطت كورونا كل الشعارات الزائفة زمن الرخاء، وأن المباديء الإنسانية تتهاوى أمام أول أختبار حقيقي مالم تكن هذه المباديء قائمة على عقيدة راسخة وإيمان مطلق، ومما لا شك فيه أن جائحة كورونا هذه ستدفع الكثيرين لإعادة النظر في المفاهيم المتعلقة بالعلاقات الدولية وأن تحالفات كبيرة ربما ينفلت عقدها وينحل رباطها بعيدا عن شماعات العولمة والحداثة، لا بد من إعادةالإعتبار للمجتمعات المحلية والأسرة بكل ما تحمله من نظم وقيم إنسانية كأساس ونواة لمجتمع إنساني كلاسيكي، بعد الفشل الذريع الذي أصاب المنظومة القيمية التي قامت عليها النهضة الأوروبية، رغم نجاحها الملوحظ على المستوى المادي باعتمادها على الفرد والفردانية التي دمرت نظام العائلة كمكون فطري طبيعي لأي مجتمع. أخيرا، نستطع القول أن فيروس كورونا وقبل أن يفرض على البشرية جمعاء وضع الأقنعة الطبية، فقد أسقط عنها اقنعة زائفة اختفت خلفها وجوه ساسة القرن الواحد والعشرين، ليعيد صياغة التاريخ والإنسان الحديث فيسود "قانون الغاب"وقانون "البقاء للأقوى" بدل الحق في الحياة لكل كائن بشري على هذا الكوكب الذي يسير مضطربا في فضاء مخيف ومستقبل غامض.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...